التطور التاريخي للفنادق

تمت الكتابة بواسطة:

صورة , الفنادق , تطور الفنادق
فندق

الفنادق من الأنشطة الإقتصادية القديمة جدًا، حيث ارتبط ظهورها بنشأة فكرة الضيافة نفسها، والضيافة في مبدأها نشأت لإشباع رغبات المسافر العابر أيًا كانت أسباب سفره، ثم استتبع كثرة الأسفار وتعدد الرغبات إنشاء نُزل سكنية عامة لتوفير هذه الرغبات ولا سيما في المدن التي أصبحت مراكز تجارية كبرى.

والتطور التاريخي لصناعة الفنادق يوضح تطورها إلى ما هي عليه الآن عبر مرورها بثلاثة مراحل تاريخية أساسية:

مراحل تطور الفنادق

المرحلة الأولى: فنادق العصور القديمة، وفيها:
فنادق الشرق القديم: ولم تكن سوى نُزل وبيوت مخصصة لإستضافة المسافرين مجانًا. وممارسة الضيافة كانت من أعظم سمات الحضارة القديمة وخاصة في بلاد الشرق، ولعل هذا هو السبب في تأخر ظهور الفنادق بشكلها الحالي في هذه البلاد، وتُشير الدراسات التاريخية للبلدان الشرقية القديمة إلى أن البلدان العربية بالغت في إكرام الضيف حتى أصبحت الضيافة العربية مضرب الأمثال تارة وحقل للتندر والسخرية تارةً أخرى.

وكان العرب قديمًا يوقدون النيران ليلًا ليراها المسافر من بعيد فيتجه نحوها ليجد المأوى والمأكل بدون مقابل. وأظهرت بعض المراجع التاريخية أن الفندقة ظهرت في الشرق القديم قبل ظهورها في القارة الأوربية بفترات زمنية بعيدة.

فنادق الإغريق: إن الفنادق العامة لم تُعرف عند الإغريق القدماء في بادئ الأمر شأنهم شأن باقي الشعوب الشرقية من حيث كرم الضيافة المتزايد والمجاني. ثم جاءت نشأة الفنادق خصيصًا لخدمة الأسفار العلاجية.

فنادق الرومان: لم تختلف عن فنادق الإغريق من ناحية النوعية إلا أنها فاقت هذه الأخيرة بأن صُقلت ونُظمت من الناحيتين الشكلية والقانونية، لذلك تعتبر أغلب القوانين السياحية والفندقية في الدول الحديثة ذات أصول قانونية رومانية، إذ أن القانون الروماني هو القانون القديم الوحيد الذي نظم صناعة الفنادق، وأبرز سمات التشريعات الفندقية الرومانية القديمة الشدة والقسوة على أصحاب الفنادق لضمان سلامة المسافرين.

وخلاصةً لم تتجاوز الفنادق في العصور القديمة فكرة الإستراحات التي تتكون من فناء كبير يتوسطه بئر للماء، ومُحاط من جميع جوانبه بغرف مفروشة لإيواء الأغراب دون مقابل، ثم عَمَّ انتشار هذه النُزل بعد الفتوحات وأصبحت تُستعمل من قبل المسافرين سواء أكانوا أفراد أو قوافل، وسُميت في بلاد شرق البحر الأبيض المتوسط مثل القسطنطينية وبلاد الفرس وسائر البلدان العربية بـ (أم خان)، أما في بلاد شمال أفريقيا (جنوب البحر الأبيض المتوسط) فقد عُرفت باسم (منزل) أو (كرفات سراي).

وكان الخان أو كرافات سراي يتكون من غرف نوم ومخزن وإسطبل للحيوانات بالإضافة لبئر الماء الموجود في الفناء.

المرحلة الثانية: فنادق العصور الوسطى:
العصور الوسطى هي البداية الحقيقة لصناعة الفنادق بمفهومها الحالي، لأن تلك الحقبة التاريخية صاحبتها تقلبات إقتصادية وتجارية وصناعية عديدة من أبرزها تطور وسائل النقل نتيجة لإختراع الآلات البخارية والسيارة والدراجات النارية والسكك الحديدية.

ومن حيث المضمون الفندقي تعتبر أبرز ميزات العصور الوسطى تطور الخان البدائي إلى فندق كبير، وكانت هذه الفنادق مُقسمة إلى غرف صغيرة وبسيطة لإيواء الفقراء وغرف جيدة ذات أثاث فاخر لإيواء الأغنياء.

وهذه هي الفترة الزمنية التي شهدت اللبنة الأولى للفنادق الكبيرة في العواصم، ولأول مرة كُتب اسم الفندق على لافتة كبيرة على الواجهة، وهذه هي اللبنة الأولى أيضًا لتشكّل طرازًا معماريًا فندقيًا يتفق مع متطلبات الخدمة وسهولتها، وأصبحت الفنادق تحتوي على صالة عمومية في الطابق الأرضي، وفي الأدوار العليا أصبحت الغرف وحدات متشابهة، كما ظهرت لأول مرة العمالة الفندقية بعد أن كان يُدير الخان مالكه وأفراد أسرته فقط، وهو ما تبعه بالضرورة النشأة الأولى لعلم صناعة الفنادق وتقديم الخدمات.

المرحلة الثالثة: فنادق العصور الحديثة:
صناعة الفنادق في العصر الحالي فريدة ومتميزة ولها خصائصها وأنظمتها وثقافتها وقوانينها وسياساتها، فالواقع التطبيقي يُبين أن الكثير من رجال الأعمال والشركات والحكومات في معظم بلدان العالم أخذت تتهافت على الإستثمار الفندقي، مع إدخال أحدث وسائل البناء والإنشاء والتكنولوجيا والإدارة الحديثة فيها.

وفي مجال الصناعة نفسها تم تطوير الكثير من المفاهيم المتعلقة بتصميم الفندق ليُلبي رغبات المسافرين والسائحين المتغيرة بإستمرار، فالفنادق الموحدة ذات الأحجام المتوسطة والقائمة في مراكز المدن التجارية تم إستبدالها بأخرى يتميز بناؤها بفن معماري جذاب وجديد، وبقاعات مركزية ومصاعد، وإبداعات أخرى أصبحت سمة مُلازمة لكثير من الفنادق، كما تم إنشاء فنادق المؤتمرات الضخمة المشهورة بكبر حجمها وتخصيصها لقاعات كبيرة تصلح لإستقبال أعداد مهولة من رواد المؤتمرات والحفلات.

وعلى الجانب الآخر حدث التطور في مواقع إنشاء الفنادق، ففي البداية (في حدود عام 1900م) كان يتم إنشاءها بالقرب من محطات السكك الحديدية وذلك لأنها وسيلة السفر الأساسية في ذلك الوقت، فأصبح إنشاء الفنادق الأكثر حداثة يتم خارج المدن أو قريبًا من المطارات والموانئ وعلى الطرق السريعة وفي المناطق الطبيعية كالغابات والجبال والبحيرات والسواحل …الخ، ويُعزى التطور من حيث الموقع إلى ظهور وسائل نقل جديدة مثل السيارات. وزيادة الطلب على السفر بالسيارات أدى إلى ظهور نوع من الفنادق سُميّ (الموتيلات) لتقديم خدمات الإقامة للمسافرين بتكلفة مادية معقولة.

وتظل الولايات المتحدة الأمريكية صاحبة أرقى وأوسع الخطوات التطورية لصناعة الفندقة في العصر الحديث للحد الذي أصبحت تحتوي على حوالي مليون ومائة وثمانين ألف سرير فندقي يُقدم بجانبه كل خدمات الترفية والإستمتاع المناسبة لكل ثقافات الأرض ودون قيود أو حدود أخلاقية أو دينية، فالأمريكان اعتبروا لا حدود لتقديم الخدمة الفندقية سوى الهوى الشخصي والطبيعة البشرية.

من التطور التاريخي السابق عُرّف الفندق على أنه: “مؤسسة يُنشأها المالك بهدف تقديم الإيواء، وكذلك الطعام والشراب إذا طلبها الضيوف, وذلك بدون عقد خاص, وتقدم هذه الخدمة لأي مسافر يقدم نفسه ويرغب في الحصول على هذه الخدمة وهو قادر على دفع أجرة معقولة لقاء الخدمات والتسهيلات التي يحصل عليها شريطة أن يكون هذا الشخص بحالة مناسبة ليتم استقباله”.

وسيظل تطور الفنادق مستمر بإستمرار الحياة البشرية.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: