أهمية السعادة للإبداع في العمل

صورة , العمل , رجال الأعمال
العمل

هل السعادة في مكان العمل من مسئولية الموظف أم من مسئولية صاحب العمل؟

قال المدرب في علم النفس الإيجابي “ميلاد حدشيتي” يقع على عاتق الإثنين مسئولية العمل في بيئة مليئة بالود والسعادة هدفاً إلى تعزيز الإنتاجية، فبالنسبة للموظف عليه توفير السعادة الشخصية لنفسه من خلال الإعتزاز بما يقوم به من عمل، كما أنه على رب العمل مسئولية خلق بيئة عمل أكثر أماناً وانفتاحاً وقبولاً للآراء المغايرة، لأن كل تلك العوامل ستُلقي بظلالها السعيدة على مكان العمل ككل بمن فيه من موظفين، ومن ثَم ترتفع إنتاجيتهم ويتحسن أدائهم المهني.

وبالرغم من القاسم المشترك في توفير السعادة بين الموظف ورب العمل إلا أن المسئولية تزيد وتَعْظُم على صاحب العمل بشكل ملحوظ، فالعامل الساعي لسعادته الشخصية سيقوم بإتمام واجباته بأريحية وتميز دون عوائد ملموسة، بينما رب العمل الذي يُهيئ المناخ المثالي والسعيد للعمل مستفيد من تلك الأجواء من خلال ارتفاع إنتاجية العمال وبالتالي تحقيق المكاسب الربحية والتنافسية التي يتمناها.

هل تحقيق السعادة في بيئة العمل علم قائم بذاته؟

أشار “حدشيتي” إلى أنه مع تطور العلوم والتكنولوجيا في عصرنا الحديث أصبحت السعادة في بيئة العَمَلُ لا تتحقق عشوائياً أو بالتمني، بل إنها علم له أُسس وقواعد، هذا العلم هو المعروف حالياً باسم “علم النفس الإيجابي”.

بل وأصبح لدينا عالمياً ما يُعرف بـ “القمة السنوية للسعادة”، وهي القمة العالمية التي تعرض تقارير سنوية عن متغيرات السعادة في المجتمعات العملية وغير العملية، كما تعرض أبحاث ودراسات عن كيفيات تعزيز السعادة وزيادة نشرها، وهو ما حدا ببعض الحكومات إلى تخصيص وزارات للسعادة وإعتماد علم السعادة كمنهج مُتبَع الخطوات.

وليس فقط على مستوى الأفراد وبيئاتهم الاجتماعية، ولكن كذلك في بيئات العمل بشكل عام والعمل الحكومي بشكل خاص، حيث فطنت تلك الحكومات إلى أهمية السعادة ودورها الرئيس في تنمية المداخيل الإقتصادية للدولة تبعاً لتدخلها في رفع الإنتاجية وتطوير الأداء.

إلى أي مدى تصح عبارة “من يعمل ما يحب لا يعمل أبداً”؟

المقصود من هذه العبارة أن المحب لعمله لا يتملكه شعور العبء عند قيامه به، ولذا يمكننا التأكيد على المغزى المقصود من الجملة، فمن يعمل في التخصص الذي يحبه لن يُصيبه الضجر منه، كما لن يشعر بالأزمة حال ظهور المعوقات العملية الوارد حدوثها في أي عمل، وبمعنى آخر لن يتأفف الموظف أو يشمئذ، بل إن المحب لمجال عمله ومن فرط استمتاعه به يشعر أن ساعات دوامه تنقضي سريعاً، بل ويشعر أن كل عقبة يتخطاها إنجازاً مستقلاً بذاته في مسيرته المهنية.

وأضاف “ميلاد” وتجدر الإشارة هنا إلى أن من يعمل في مجال لا يستحوذه أو يستمتع به ليس عليه التقصير أو التهاون في أداء مهامه بحجة أنه لا يقبله، بل عليه أن يتميز ويتطور فيه ساعياً خلف إيجابيات هذا التخصص في مستوياته العليا، لكن التقصير في عمل تم قبوله سلوك سيء لموظف مُقصِّر.

كيف نُقنع رب العمل بأهمية السعادة في مكان العمل؟

رب العمل الذي ما زال يُبقي في تعامله مع الموظفين على المفاهيم القديمة المرتبطة بالخصومات والجزاءات وخلافه سيتدهور أمره وستتقلص أرباحه لا محالة، كما أنه في العصر الحالي أصبحت مجالات الأعمال – على اختلاف طبيعتها – متجه صوب الابتكار والإبداع، وهو ما لا يمكن تحقيقه في حالة شعور الموظفين بالإحباط.

وفي حالة العمل في بيئات سيئة السمعة، بل إن مثل هذه البيئة ستتحول إلى طاردة للكفاءات وجالبة لأراذل الموظفين، كما إن تنامي الأرباح يتولد من التواجد والتميز في المنافسة بالأسواق المختلفة، فكيف للموظف المحبط والغير سعيد

في عمله القدره على التنافس والتصارع السوقي الشريف؟

وأردف “ميلاد” ومن ناحية أخرى أثبتت الأبحاث العلمية المعتبرة أن الموظف الأكثر سعادة هو:

  • الموظف الأكثر صبراً وجهداً ومثابرة في التغلب على صعوبات العمل، بينما الموظف المحبط يستسهل بالتوقف عن أداء المهام مع أول صعوبة تواجهه.
  • الموظف الأكثر إنتاجية.
  • الموظف الأكثر في ساعات العمل الجدية.
  • الموظف صاحب العلاقات الإيجابية والأفضل مع زملاءه.

والخلاصة أن الموظف السعيد في عمله هو الموظف الذي لا يقبل الفشل المهني مهما تعددت أمامه الصعوبات والعراقيل.

ما التصرف الأمثل مع الموظف الغير سعيد لظروفه الشخصية؟

إذا ما افترضنا أن بيئة العمل تنعم بالسعادة والراحة إلا أن موظف بعينه يعاني من الإحباط والكآبة لظروف وتحديات شخصية بعيدة عن العمل؛ فإن الأبحاث العلمية أثبتت أن السعادة كالوباء المُعدي، حيث إن ذلك الموظف بمجرد دخوله إلى بيئة العمل السعيدة سيتبدل مزاجه السيئ إلى المزاج الجيد ولو لساعات العمل فقط حتى يعود إلى حياته الشخصية المؤلمة، خصوصاً وأن هذا الموظف قد عَرِف وخَبِر ومارَسَ سعادة العمل قبل أن يغرق في مشكلاته الشخصية الآنية.

خطوات عملية واضحة لخلق بيئة عمل سعيدة

اختتم “ميلاد حدشيتي” حديثه بالتأكيد على تعدد وتنوع الإجراءات العملية فيما يخص خلق بيئة عمل إيجابية تبعاً لطبيعة كل مجال ودقائقه وتفاصيله، لكن يمكننا إبراز أهم النقاط العملية من خلال الإشارة إلى مجموعة من المفاهيم هي:

  • مدى الحرية المتاحة للموظفين في اتخاذ القرارات العملية.
  • مدى تنظيم ونظامية ساعات العمل فيما يتعلق بساعات الراحة ومكان تناول الطعام.
  • مدى الدقة في إجراء التقييمات الإدارية الشهرية والسنوية والتي ينبني عليها الحوافز والمكافآت المادية والترقيات وشغل المناصب.
  • درجة توفر عوامل الأمان في مكان العمل خصوصاً مع الأنشطة التي تشكل خطورة على الصحة.
  • درجة تهوية المكان ودخول الشمس إليه.
  • مدى توفر الأنشطة الترويحية التي من شأنها تجديد نشاط الموظفين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top