مع طفل الثانية.. “حاسب على ألفاظك”

مع طفل الثانية.. "حاسب على ألفاظك"

هل هناك طفل يولد متميزا وناجحا وآخر يولد فاشلا؟.. بالطبع لا؛ فكل الأطفال صفحات بيضاء نحن من نلونها بألوان الفرح أو التعاسة، ونحن من نكتشف وننمى المواهب أو نقتلها، لذا من المهم أن نفهم أطفالنا وما يمرون به من تطورات في مراحل نموهم المختلفة لكى نستطيع أن ننمى مواهبهم وقدراتهم ونصنع منهم جيلا ناجحا متميزا.

تحدثنا في الحلقة السابقة من خصائص طفل الثانية عن التطورات الجسدية، واليوم نستكمل نموه النفسي واللغوي وكيف نتعامل مع هذه التطورات.

طفلك قرد وببغاء

في العام الثاني يبدأ الطفل في استبدال السجع والمناغاة بالكلمات الواضحة، ويمر في نموه اللغوي بثلاث مراحل:

أولاً: مرحلة الكلمة:

وتبدأ من عمر 9 شهور إلى 18 شهر، وفيها يجمع الطفل حرفين أحدهما ساكن والآخر متحرك مثل (ماما)، وأهم الحروف التى يستطيع نطقها هى حروف مقدمه اللسان مثل (م—ت—ب—ن) وحروف المد (ي—ا—و)، ويتأخر دائما في نطق حروف وسط اللسان مثل (ج—ك—ق—ع).

ويحاول الطفل في هذه المرحله تقليد ما يسمع، لذا علينا مراعاة ما نقوله أمامه وأن ننطق الحروف ببطئ حتى نساعده على التعلم، وأيضا أن نترك له المجال للتحدث بأن نستمع إليه باهتمام.

ثانياً: مرحلة (الكلمة — الجملة):

وتستمر من (18 شهر إلى 24 شهر)، وهذه المرحلة مهمة حيث يعتبر الطفل الكلمة بمثابة جملة بإمكانه أن يعبر بها عما يريد، ودائما ما يربطها بحركة أو فعل مثل: ماما (والتي قد تعني عنده ماما أريد عصير).

ولهذا علينا تفسير الكلمات بدون تذمر، وأن نتحدث إليه كشخص بالغ ونستمع إليه باهتمام كبير.

ثالثاً: مرحلة الجملة الكاملة:

وتظهر في نهاية العام الثانى، ويكون فيها جملة تتسم بالسباطة والقصر وعدم مراعاة قواعد اللغة مثل: ماما شرب — بابا جات — عربيه امشي، وهكذا حتى يصل إلى التعبير الصحيح.

وعلينا بدورنا أن نساعده بالكلام أمامه والاستماع إليه وعدم الملل منه، وبإمكاننا أن نستعمل أغانى الأطفال كالتي تعرض على شاشة التلفزيون كعامل مساعد على أن ننتقى منها الملائم.

وفي هذه المرحلة يجب أن نحذر كل الحذر من التفوه بأى لفظ غير لائق أمام الطفل مع الانتباه الجيد لما يسمعه من ألفاظ في محيط بيئته، ففى هذه المرحلة تزداد حصيلته اللغوية بشكل كبير؛ فهو في نهايه الشهر 18 يكون لديه تقريبا 50 كلمة، أما في نهاية السنة الثانية يصبح المحصول اللغوي لديه تقريبا 250 كلمة.

أيضًا؛ تقرأ هنا: مع طفل الثانية.. اللعب علمٌ كبير

وازن بين الحب والحزم

وإذا انتقلنا إلى النمو النفسى سنجد تطور كبير يحدث خلال العام الثاني، ويترتب عليه تطورات عديدة قادمة، فهى مرحلة استقلال الطفل واستكشافه لما حوله وما لديه من إمكانات وقدرات، فيبدأ في التعرف على ما لديه من إمكانات جسدية، وما يمكنه أن يفعله بيده ورجله وجسده ككل، لذا علينا أن نساعده على ذلك بألعاب تنمى هذه المهارات، وأن نترك له المجال الذي يسمح له باكتشاف ما حوله، مع إبعاد ما يضره عن متناول يده.

ويسعى طفل الثانية أن يحق ذاته؛ فتجده يفرح كثيرا إذا استطاع إنجاز عمل ما وحده مثل: الأكل أو اللعب، ويمكننا أن نمد له يد العون من حين لآخر بدون أن يشعر لأنه إذا أحس بفشله سينقلب من الاكتشاف إلى الخجل والانطواء، فهو لا يريد أن يقوم الكبار بالعمل بل يريدهم فقط أن يساعدوه.

وفي هذه المرحلة تكثر منه أسئلة ماذا؟ ولماذا؟ بشكل متكرر، علينا نحن أن نقابلها بالإجابة البسيطة دون ملل.

وهو أيضا يعشق اللعب بالأكل والتراب والرمل، ولكن بإمكاننا هنا أن ننمى حس النظافة لديه بشكل غير مباشر كتعليمه غسل الأيدى.

وفي هذه المرحلة علينا أن نتذكر أن كثره اللآت والممنوعات تخلق طفلا خجولا خائفا، وأن ننتبه أننا نلبي احتياجاته، ولكن لا نلبى نزواته بل تقابل بالحزم حتى لا ينقلب إلى طفل مدلل.

ومع بداية إدراك الطفل للأشياء من حوله يظهر خوفه في المقابل، فنجد الخوف من الظلام ومن الوحدة ومن بعض الألعاب وهو ما يمكن أن نتجاوزه بالحب.

وحتى نفهم أطفالنا الصغار علينا ان نعرف أن العالم بالنسبه لهم هو عالم من الأحياء؛ فكل شيء عندهم حي له مشاعر مثلهم، ولا يدركون الفرق بين الجماد والكائنات، فاللعبة تجوع والكرة تشرب وتبكي، وهو ما يمكننا أن نستغله في صالحنا فنربى فيهم الصواب والخطأ بشكل غير مباشر.

أمر مهم آخر يحدث في هذا العام وهو الفطام الذي يشعر الطفل بعدم الأمان والحرمان، وهنا يجب أن نقف بجانب الطفل ونفضي عليه من الحنان والعطف والاهتمام حتى لا نحوله لطفل عدوانى منطوى.

وأخيرا وليس آخراً؛ فطفلك في عامه الثانى كائن يستقبل عالم جديد غامض وأنت المرشد له في هذا العالم.. ترسم ما تشاء وتشكل وجدانه؛ فاحرص على أن تشمله بالعطف والاهتمام مع شئ من الحزم وأن يكون هو محط اهتمامك ورعايتك.

ومازال للحديث بقية..

 بقلم: فاطمة خير

طالع أيضًا: وقت اللعب مع طفلك، والتعلم والنمو في السنة الأولى

أضف تعليق

error: