ما يجب على المحرم — فقِّه وثقِّف نفسك من هنا

ما يجب على المحرم

هنا سوف نسرد لكم فصل فيما يجب على المحرم في مختلف حالاته، كالجماع والتطيب ولبس المخبط وقصّ الأظافر وما يتبعها.

هذا ما يجب على المسلم التفقّه فيه، سواء كان ينتوي أداء فريضة الحج، أو أداء العمرة. أو حتى من باب العلم والمعرِفة، وسيأتي الوقت -إن شاء الله- الذي سيحتاج هذه المعلومات ليُطبقها على نفسه أو أحدًا ممن حوله.

الجماع

إذا جامع المحرم قبل الوقوف بعرفة فسد حجه.

ويلزمه الدم، ويجوز فيها الشاة، سواء جامعها ناسيا أو عامدا.

وكذا المعتمر إذا جامع قبل الطواف فسد إحرامه.

وإذا فسد حجه بالجماع يمضي في الحجة الفاسدة، ويفعل فيها ما يفعل في الجائزة، ويجتنب عما يجتنب في الجائزة.

فإن جامعها مرة أخرى في غير ذلك المجلس قبل الوقوف بعرفة، ولم يقصد به رفض الحجة الفاسدة يلزمه دم آخر بالجماع الثاني.

ولو نوى بالجماع الثاني رفض الحجة الفاسدة لا يلزمه بالجماع الثاني شيء.

ولو جامع امرأته بعد الوقوف بعرفة لا يفسد حجه، وعليه جزور، جامع ناسيا أو عامدا.

والوطء في الدبر بمنزلة الوطء في القبل.

وإن وطئ البهيمة وأنزل كان عليه الدم، ولا يفسد حجه، وإن لم ينزل لا شيء عليه.

وإن جامع الحاج، أو المعتمر فيما دون الفرج وأنزل، أو لم ينزل لا يفسد إحرامه، ولا حجه، وعليه شاة.

والمرأة في الجماع بمنزلة الرجل.

وكذا إذا جومعت نائمة، أو مكرهة، أو جامعها صبي، أو مجنون.

التطيب

وإذا تطيب بعد الإحرام ينظر: إن كان عضوا كاملا كالرأس والساق يجب الدم، وإن كان دونه تجب الصدقة بقدر ذلك، وإن كان يبلغ نصف عضو تجب الصدقة قدر قيمة الشاة، وإن كان يبلغ ربعا تجب عليه من الصدقة قدر قيمة ربع الشاة، على هذا القياس.

فإن كان أعضاء متفرقة يجمع ذلك كله فإن بلغ عضوا كاملا يجب الدم، وإن كان دونه تجب الصدقة.

ولو طيب الأعضاء كلها يكفيه شاة واحدة؛ لأن جنس الجناية واحد، جمعها إحرام واحد في مجلس واحد، من جهة غير متقومة، فكفاه دم واحد.

المرأة إذا خضبت كفها بالحناء وهي محرمة يجب عليها الدم، وجعل الكف عضوا كاملا.

وإذا خضب الرجل رأسه ولحيته بالحناء يجب الدم.

ولو ادهن بدهن ننظر: إن كان مطيبا كدهن البنفسج، والزنبق، وسائر الأدهان التي فيها الطيب، يجب الدم إذا بلغ عضوا كاملا، وإن كان مطبوخا غير مطيب فكذلك يجب الدم.

ويكره للمحرم أن يشم الريحان، والطيب، وكل نبت له رائحة طيبة.

ولو طيب المحرم بعض الشارب، أو بعض اللحية فعليه الصدقة.

ولو مشى على طيب فإن لزق به مقدار عضو كامل يجب الدم، وإن كان أقل من ذلك تجب الصدقة، وإن لم يلزق فلا شيء عليه.

لبس المخيط

ولا ينبغي للمحرم أن يلبس المخيط فإن لبس (يوما) كاملا من قميص أو جبة، أو سراويل، أو خفين، أو جوربين، أو عمامة، أو قلنسوة، من غير ضرورة فعليه لذلك دم، لا يجزئه غيره.

وإن لبس دون يوم فعليه صدقة وإن كان ذلك أكثر اليوم يجب الصدقة على الأظهر، ولا يجب الدم حتى يكون يوما كاملا.

ومقدار الصدقة أن يطعم مسكينا واحدا نصف صاع من حنطة.

ولو غطى ثلث رأسه، أو ربعه، يوما كاملا فعليه الدم.

وإن جمع اللباس كلها يوما كاملا فعليه دم واحد.

وفي كل موضع إذا فعل مختارا يلزمه الدم، فإذا فعل لعلة، أو ضرورة، فعليه أي الكفارات شاء، إن شاء ذبح هديا في الحرم، وإن شاء تصدق على ستة مساكين لكل واحد نصف صاع، يجوز فيه التمليك والإباحة، وإن شاء صام ثلاثة أيام، إن شاء تابع وإن شاء فرق.

والصوم والطعام يجزئ في الأماكن كلها، والذبح يختص بالحرم.

فإن ذبح في غير الحرم لا يجزئه عن الذبح، إلا إذا تصدق بلحمه؛ فيجزئه عن الطعام إن دفع إلى ستة مساكين، كل مسكين قدر نصف صاع.

ولو زر الطيلسان يوما كاملا فعليه دم؛ لأنه بمنزلة القميص، وإن لم يزره فهو بمنزلة الرداء، وله أن يلبس الرداء ولا يلبس القميص.

وإن باشر ما فيه [الدم] بعذر، فإن اضطر إلى تغطية الرأس لخوف الهلاك من البرد، أو المرض، أو لبس السلاح لأجل المقاتلة كان عليه ما نص الله تعالى في كتابه: “ففدية من صيام أو صدقة أو نسك”، أراد بالنسك الشاة، وبالصيام ثلاثة أيام، وبالإطعام إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع.

ولو جعل في الطعام فطبخ فلا بأس للمحرم أن يأكل؛ لأنه خرج عن حكم الطيب وصار طعاما، وكذا كل ما غيرته النار من الطيب فلا بأس بأكله، وإن كان ريح الطيب يوجد منه.

وما لم تغيره النار يكره أكله إذا كان يوجد منه رائحة الطيب، فإن أكله فلا شيء عليه.

ولو لبس المحرم المخيط أياما فإنه ينظر: إن لم ينزعه يوما، ولا نهارا، يكفيه دم واحد.

ولو نزعه وعزم على تركه، ثم لبس بعد ذلك إن كفر للأول فعليه كفارة أخرى، وإن لم يكفر فعليه كفارتان.

ولو كان يلبسه بالنهار وينزعه بالليل وعزم على تركه فلا يجب عليه إلا دم واحد.

المحرم إذا مرض، أو أصابته حمى، وهو يحتاج إلى لبس الثوب في وقت، ويستغني عنه في وقت، فعليه كفارة واحدة ما لم يزل عنه تلك العلة، وليس هذا كالجرحين إذا أصابه جرح فداواه بالطيب فبرأ، ثم جرح جراحة أخرى فداواه فعليه كفارتان.

ولو زال ذلك الحمى وأصابه حمى آخر، أو ذهب ذلك العذر، وجاء عذر آخر، فحينئذ عليه كفارتان.

الحلق

وأما حكم الحلق فليس للمحرم أن يزيل شعره من شعرات بدنه، ولا يطلي بنورة، ولا يحلق رأسه قبل يوم النحر، فإن حلق من غير ضرورة فعليه دم، ولا يجزئه غيره.

وكذا إذا حلق ربع رأسه، أو ثلثه يجب عليه الدم.

وكذا إذا حلق ربع رأسه للتحليل، على غير أنه لا يكون للسنة، والسنة في التحليل حلق جميع الرأس.

ولو حلق دون الربع فعليه صدقه.

ولو حلق رأسه للضرورة فعليه أي الكفارات شاء، كما ذكرنا في لبس المخيط.

ولو حلق لحيته فعليه دم، وكذا إذا حلق ربعها.

ولو حلق شاربه فعليه صدقة؛ لأنه تبع للحية، وهو قليل.

ولو حلق موضع المحاجم يجب عليه الدم؛ لأنه يقصد بإزالته فأشبه الإبط والرأس.

ولا يجب الدم حتى يحلق جميع الرقبة.

وكذلك الصدر والساق، والساعد، أنه لا يجب الدم فيه.

ولو حلق الإبطين أو أحدهما يجب عليه الدم.

ولو حلق من أحد الإبطين أكثره يجب عليه الصدقة.

و في حلق العانة دم إن كان الشعر كثيرا.

المحرم إذا حلق رأس غيره، أو قلم أظافر غيره يجب عليه الصدقة؛ لأنه تناول محظور إحرامه، إلا أنه لم يحصل له الزينة والمنفعة فلا يجب الدم.

والمحلوق إذا كان محرما يجب عليه الدم، سواء كان بأمره، أو بغير أمره، طائعا، أو مكرها.

ولا يرجع بما لزمه من الدم على الحالق، إلا إذا كان من ضرورة فيخير في كفارته.

وإن نتف من رأسه، أو أنفه، أو لحيته، شعرات فلكل شعرة كف من الطعام.

قص الأظافر

وليس للمحرم أن يقص أظفاره، فإذا قص أظافر يد واحدة، أو رجل واحدة من غير ضرورة فعليه الدم.

وكذلك إذا قلم أظافير يديه، أو رجليه في مجلس واحد يكفيه دم واحد.

ولو قلم ثلاثة أظافر في يد واحدة، أو رجل واحدة يجب عليه الصدقة، لكل ظفر نصف صاع من حنطة، إلا أن يبلغ ذلك فينقص عنه ما شاء.

ولو قلم خمسة أظافر من يد واحدة ولم يكفر، ثم قلم أظافر يده الأخرى إن كان في مجلس واحد فعليه دم واحد، وإن كان في مجلسين يلزمه دمان.

ولو قلم خمسة أظافر من يد واحدة في مجلس واحد، وحلق ربع الرأس، وطيب عضوا في مجلس واحد، أو مجالس مختلفة فعليه لكل جنس دم على حدة.

ولو قلم خمسة أظافر من الأعضاء الأربعة المتفرقة يجب الصدقة لكل ظفر نصف صاع، وكذلك لو قلم من كل عضو من الأعضاء الأربعة أربع أظافير يجب عليه الصدقة، وإن كانت جملتها ستة عشر، في كل ظفر نصف صاع من حنطة، إلا إذا بلغت قيمة الطعام دما فينقص منه ما شاء.

ولو أصاب أذى في كفه فقص أظافره فعليه أي الكفارات شاء.

ولو انكسر ظفر المحرم وصار بحال لا ينبت، لا شيء عليه؛ لأنه بالانكسار خرج عن حد النماء والزيادة كشجر الحرم إذا يبس.

ولو غطى رجل وجه المحرم وهو نائم كان عليه الدم.

وإن أخذ المحرم من شاربه يطعم مسكينا.

ولو غسل المحرم بأشنان فيه طيب، فإن كان من رآه سماه أشنانا كان عليه الصدقة، وإن كان سماه طيبا كان عليه الدم.

والصدقة في كل موضع نصف صاع، إلا في الجراد والنمل على ما نذكره.

مُقترَح: الحلال بَيِّن والحرام بَيِّن


المصدر: خزانة المفتين للسَّمَنْقاني

أضف تعليق

error: