رهاب السعادة “شيروفوبيا”

صورة , رجل سعيد , شيرو فوبيا , رهاب السعادة

هناك رابط مباشر بين الخوف من الفرح والفرح نفسه ولكن ذلك لا يعني أننا نلتزم الحزن الدائم مثلما نرى في العديد من الأشخاص الذين يربطون بين الفرح الدائم وبين المصائب التي قد تحل علينا نتيجة هذا الضحك أو الفرح المتواصل، وهذه الحالة ما نسميها ” شيروفوبيا ” والتي قد تصل إلى حد يرى فيه الإنسان نفسه غير جدير بالسعادة من الأساس لأنه لا يؤمن بداخله بأحقيته في هذه السعادة ومن ثم يشعر بالخوف والحزن حيال الأمور السعيدة التي يمر بها.

ما هو تعريف شيروفوبيا؟

ترى الدكتورة منار الدينا ” مدربة مهارات حياتية ” أن كلمة شيرو أصلها يوناني تعني الفرح والاستمتاع والانبساط بيتنا كلمة فوبيا تعني الخوف، ومن ثم فإن هذا المصطلح يعني وجود الخوف المتلازم مع الفرح.

لا يتولد هذا الخوف نتيجة العمل المفرح الذي نقوم به ولكننا يمكننا أن نفرح في لحظة ما ولكن فور الانتهاء من هذه اللحظة السعيدة فإننا نحمل هم ما سيحدث بعدها نتيجة هذا الفرح الذي استمتعنا به، وهذا يشبه عقاب لنا نتيجة هذا الفرح الذي استمتعنا به أكثر من اللازم، فهذا هو تعريف شيروفوبيا بشكل بسيط.

على سبيل المثال، يمكننا أن نشعر بالقلق إذا جلسنا ولم نجد ما نفعله فيما بعد بعدما انتهينا من المهمة الموكلة إلينا من عمل أو غير ذلك ومن ثم نشعر بالقلق حيال ما يستوجب علينا فعله في مثل هذه اللحظات.

إلى جانب ذلك، يمكننا الاستمتاع بلحظات رائعة في العرس أو في الحفل أو في الجامعة ولكن فور ما ننتهي من هذه اللحظات السعيدة التي نعيشها فإننا سريعاً نحذر من كل ما هو حولنا لأننا نتوهم بصورة أكبر مما ينتظرنا من أحداث مؤملة وغير سعيدة يمكنها أن تغير من صفونا في قادم الساعات والأيام.

لماذا نلجأ إلى التفكير بالأحداث الحزينة وسط السعادة؟

إننا جميعاً حين نستيقظ من النوم في بداية اليوم فإننا نتجه إلى عيش يوم سعيد بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولكن حالة الحزن التي نهابها هي حالة غير طبيعية متمثلة فيما أسميناه سالفاً بشيروفوبيا.

تابعت ” منار الدينا “: لا تعتبر السعادة شيء يأتي لنا من الخارج وإنما هو شيء نابع من داخنا جميعاً ويجب علينا تحفيزه بصورة مستمرة.

أما عن حالة شيروفوبيا فإنها تحدث للإنسان الذي عانى مرة في حياته سواء كان صغيراً أم كبيراً من عيش لحظة ما سعيدة ولكن إزاء هذه اللحظة تعرض هذا الشخص لشيء ما سيء جعله يهاب السعادة بشكل دائم لاعتقاده أنها هي ما جلبت له هذا الحدث المؤسف أو المحزن، ولكن الحزن بشكل عام لا يعتبر هدف نرمي إليه ونسعى للوصول إليه في بداية يومنا عكس السعادة وإنما بفطرتنا يقوم عقلنا بتوجيهنا إلى أن نتوقع أو نحسب حساب الشيء السيء وهذا لأن هذه هي طريقة العقل البشري في أن يحمينا من الظروف الخارجية من حولنا التي قد تشكل لنا تهديداً ما، كما أن العديد من الدراسات تشير إلى أن مرضى شيروفوبيا تعرضوا لها نتيجة تعرضهم لحدث ما مؤسف في الماضي ومن ثم تولدت هنالك علاقة غير مباشرة لديهم بين السعادة والحزن.

على سبيل المثال، عندما نحضر عرس ما وبعدها مباشرةً وفور الوصول للمنزل نسمع بخبر وفاة شخص ما عزيز علينا أو تحقيق إنجاز عملي ما داخل المؤسسة التي نعمل لها ثم بعدها مباشرةً يأتي إلينا خبر انتهاء عملنا مع هذه المؤسسة إلخ إلخ.
.
من الأمثلة التي يرتبط فيها شيء محزن وآخر مفرح واللذان قد يكونا حدثا صُدفةً ولكن عقلنا الا واعي يفسر لنا الارتباط الوثيق بالحدث المحزن والمؤسف بالحدث السعيد الذي نعيشه.

كيف يمكننا التغلب على حالة شيروفوبيا؟

في بداية الأمر يجب علينا التفكير في أنفسنا بأن هذا الشعور فعلياً ينتابنا لأنه فعلياً قد لا ننتبه إلى أنفسنا ونرفض ربط مشاعرنا ببعضها البعض.

إلى جانب ذلك، بعد عملية الإدراك يجب علينا أن نمرن أنفسنا بأنه من المحتمل أن نتعرض لموقف ما سعيد مرتبط ما موقف آخر حزين لنسمح لأنفسنا بالاستمتاع باللحظة السعيدة التي نمر بها ولا يجب أن نسمع لأي فكرة حزينة أن تسيطر علينا وتدخل لعقلنا اللاواعي وتحرمنا من الاستمتاع بمثل هذه اللحظات السعيدة.

ثم أخيراً يجب أن ندرك في قرارة أنفسنا أن الخوف من الشيء المحزن والمؤسف الذي نتوهم أنه ينتظرنا ويترصدنا لن يتوقف عندنا ولن نسيطر عليه لأنه قُدِّر قبل ذلك من الله تعالى ومن ثم يجب علينا أن نُسلِّم بمثل هذه الظروف المقدرة من الله تعالى لأن تفكرينا فيها لن يغيرها كما أن الخوف منها لن يمنع حدوثها وإنما الخوف منها فقط سيحرمنا من التمتع باللحظة السعيدة التي تمر بنا.

وأخيراً، هناك بعض الأشخاص الذين يعانون من حالة شيروفوبيا لأنهم من داخلهم يؤمنون بأن بهذه السعادة ليست لهم ولا يستحقونها عن جدارة ومن ثم سوف يرون بأن هذا النجاح سيُسلب منهم.

أضف تعليق

error: