وعن عمره فيما أفناه.. خطبة تحبس الأنفاس

تمت الكتابة بواسطة:

وعن عمره فيما أفناه.. خطبة تحبس الأنفاس

مقدمة الخطبة

إِنَّ الحَمْدَ اللهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شُرورِ أنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئات أعمالنا، من يهدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ له، ومنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُه.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران].

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء].

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب].

الخطبة الأولى

أَمَّا بَعْدُ.. فإِنَّ أَصْدَقَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله، وَأَحْسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحدَثاتُهَا وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدعة، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَة.

أيها المؤمنون: ﴿اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ [التوبة] تغنموا سعادتكم في الأولى والأخرى بين العالمين.

الدنيا دار ابتلاء

واعلموا رَحِمَكم الله: أنَّ اللهَ وَهَبَنا أعمارًا، فأخرجنا من بطون أمهاتنا، وأودعنا هذه الحياة ابتلاء، فما أحدٌ مِنَّا إلا وهو في ابتلاء؛ قال ﷻ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ [الإنسان]، فالمرء بوجوده في هذه الحياة مُبتلى، وما هذه الحياة إلا بلاء وفتنة.

قال ﷺ «لم يبقَ من الدُّنيا إلا بلاء وفتنة». وفي الصحيح أنَّ النبي ﷺ قال «قال الله ﷻ: إنما بعثتُك لأبتليك وأبتلي بك».

فوجودنا في هذه الدنيا ابتلاء، وهذه الدنيا دار ابتلاء، وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم للخلق ابتلاء، ومحلّ ذلك الابتلاء: هو إحسان الأعمال وعبادة الله، قال ﷻ: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا﴾ [الكهف].

وقال ﷻ: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ | الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ [الملك]، فنحن مُبتَلونَ في هذه الدنيا بإحسان أعمالنا وعبادة ربنا، ومأمورون بها حتى تَفِيضَ نفسُ أحدنا بالموت، قال ﷻ: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ [الحجر].

عمره فيما افناه؟

وإن هذا الابتلاء بعده سؤال قال ﷺ: «لا تزول قدما عبد يومَ القيامة حتى يُسأل عن عُمُره فيمَ أفناه؟»؛ أي: يُسأل عن الأيام والليالي التي أنعم الله ﷻ بها عليه عُمُرًا، فأودعه في الحياة الدنيا وابتلاه بالعمل له فسيسأل: في أي شيءٍ أَنفَقَ ذلك العُمُر؛ مِن إحسان العمل وطاعة الله.

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

⬛️ وهنا خطبة: دروس وعبر من الابتلاءات والمحن

الخطبة الثانية

الْحَمدُ للهِ حَمْدًا حَمْدًا ، وَالشُّكْرُ لَهُ مُتَوالِيًا وَتَتْرَى، وَأَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ مَعْبُودا حَقًّا وَأَشْهَدُ أَنَّ محمَّدًا عبده وَرَسُولُه صِدْقًا

اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنَّك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آلِ محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آلِ إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أما بعد: أيُّها المؤمنون، إن الدنيا دار ابتلاء، وإن أعمارنا محلُّ الابتلاء، وإن المطلوبَ مِنَّا إحسانُ العمل فيها، وإنَّ بعد العمل فيها سؤالا.

فالله ﷻ يقول: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾ [الصافات].

ومن جملة تلك السؤالات: أن سيُسأل أحدنا عن العُمُر الذي وَهَبَه الله له: في أي شيء أبلاه؟

ولا يتوقف السؤال عن نفسك فقط إلا إذا كنتَ وحدك؛ أما إذا كنتَ ذا رعية من زوج وولد فإنَّ الله سائلك عنهم؛ قال ﷺ: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، فسيُسأل أحدنا عما ابتلي به من إحسانِ العمل في نفسه؛ فإن كان له زوج وولد فسيسأله الله عن أولئك الأزواج والأولاد: أحسنوا الأعمال أم لم يُحسنوا؟.

فانظروا –رحمكم الله– إلى نجاة أنفسكم من ذلك السؤال، وقوموا على أنفسكم وذراريكم وأزواجكم بما تَنجُون به عند ربكم؛ من رعايتهم وإصلاح حالهم، وأمرهم بما يلزمهم من الحسنات، ونهيهم عما حرَّمَ الله من السيئات واجعلوا أنفسكم قدوة لهم في امتثال أمر الله واجتناب نهيه؛ فإنَّنا جميعا صائرون إلى الله ومسؤولون عن أعمارنا فيم أفنيناها؟، وعن شبابنا في أي شيء أبليناه؟

فأَعِدُّوا لذلك السؤال جوابًا، وقوموا على أنفسكم وأزواجكم وذراريكم بالنُّصح لهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وعدم التسارع معهم في أهواء أنفسكم ولا في أهواء أنفسهم، فإنَّ المرء إذا خالَفَ أَمْرَ الله فستكون له ساعة –ولات مناص– يندم ولا ينفعُ النَّدم.

⬛️ وهذه خطبة: الثقة بوعد الله ﷻ

الدعاء

  • اللَّهُمَّ آتِ نفوسنا تقواها وزكها أنت خيرُ مَن زَكَّاها، أنتَ وليُّها ومولاها.
  • اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
  • اللهم حبب إلينا الإيمان وزيَّنه في قلوبنا، وكرّة إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من عبادك الراشدين.
  • اللهم أصلحْنَا وأصلح بنا وأَصلح لنا.
  • اللهم أصلحْنَا وأصلح بنا وأصلح لنا.
  • اللهُمَّ اجعل أزواجنا وذرياتنا قرة أعين لن.
  • اللهُمَّ أَعِنَّا وإيَّاهم على فعل الخيرات، وتَرْكِ المنكرات، واجتناب المحرمات.
  • اللهُمَّ آتِنا خير الدنيا والآخرة، فأحينا على خير حال، وأمتنا على خير حال، واقلبنا جميعا إلى خير المال.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: