بحث عن تكاثر النباتات

بحث , تكاثر النباتات , Plant reproduction

بين يديكُم الآن بحث عن تكاثر النباتات. مُعَد بشكل علمي مُبسَّط وشامل. برجاء التركيز على التسلسل في الفروع حتى تتمكَّن من معرِفة خط سير العملية والمعلومات الوارِدة بشكل مُنظَّم.

تكاثر النباتات

تحدثت في درس/بحث سابق عن استراتيجية في التكاثر ابتكرتها النباتات البدائية تسمى “تعاقب الأجيال“، ومازالت النباتات اللاوعائية تتبع هذه الاستراتيجية حتى الآن، يمكنكم العودة إلى الدرس السابق لتتذكروا ما قلته.

في هذه الاستراتيجية يتخذ النبات شكلين مختلفين، وخلال فترة حياته فإنه يتناوب بين هاذين الجيلين؛ الشكل الأول هو الجيل البوغي، وفي هذا الجيل تكون الخلايا مزدوجة الكروموسومات، أما في الشكل الثاني، أي الجيل المشيجي فتكون الخلايا أحادية الكروموسومات، أي أنها تمتلك نصف عدد الكروموسومات الكُلّي، وخلال الأربعمائة وسبعين مليون سنة الماضية ترى الكثير من التغيرات على طرق تكاثر النباتات.

النباتات اللاوعائية

وهناك اختلافات جوهرية بين طرق تكاثر النباتات اللاوعائية البسيطة والنباتات الوعائية التي تمتلك المخاريط والأزهار وغيرها من الميزات التي تساعدها في التكاثر، وهذه الميزات لها أهمية كبيرة في حياة الإنسان، فهي توفر للإنسان الطعام الذي يأكله والهواء الذي يتنفسه والزهور التي يزين بها بيته، والفكرة التي أحاول إيصالها هي أن الفضل يعود للنباتات الوعائية في الكثير من الأمور.

كما تذكرون؛ فإن تعاقب الأجيال في النباتات اللاوعائية هي عملية غير معقدة؛ حيث ينتج الجيل المشيجي إما الحيوانات المنوية أو البويضات ويصل الحيوان المنوي إلى البويضة القريبة منه في حال توفر شرط الرطوبة، وعند تخصيب البويضة ينشأ عن الجيل المشيجي الجيل البوغي، وهو عبارة عن كبسولة صغيرة مليئة بالأبواغ، وعند تناثر هذه الأبواغ في الهواء وسقوطها على أرض رطبة فإنها تبدأ بالإنبات، وهكذا يتكون جيل مشيجي جديد.

في النباتات اللاوعائية يكون الجيل المشيجي هو الجيل الساعد؛ فعند النظر إلى النباتات الكبدية والزهقرنية والحزازية الأجزاء التي ترونها أي الأجزاء الخضراء الورقية هي في الواقع الجيل المشيجي، أي الجيل الذي يمتلك نصف عدد الكروموسومات الكلي، ومقارنة بهذا الجيل يكون الجيل البوغي صغير الحجم ومخبأ داخل الجيل المشيجي لأنه يعتمد عليه للحصول على الماء والغذاء والحماية.

أما بالنسبة للنباتات الوعائية فالعكس هو صحيح، حيث يكون الجيل البوغي هو الجيل السائد.

النباتات الوعائية

مازالت النباتات الوعائية تستخدم نفس مبدأ تعاقب الأجيال في التكاثر، ولكنها عدلت عليه كثيرًا حتى أصبح أكثر فعالية بالنسبة لها.

فطرق تكاثر النباتات الآن تختلف كثيرًا عما كانت عليه في النباتات البدائية التي ظهرت في المستنقعات الأوردوفيشية.

السراخس

فعند النظر إلى شجرة السرخس أو الصنوبر أو نبات مجد الصباح فبها الجيل البوغي، أما جيلها المشيجي فهو المواد الصغيرة التي تكون مخبأة في أجزاء خاصة من النبات، ومع أن جميع النباتات الوعائية يكون الجيل البوغي فيها هو الجيل السائد، إلا أن ذلك يعني أنها تتكاثر بنفس الطريقة، كلا، أبسط أشكال النباتات الوعائية هي السراخس التي تتكاثر بشكل مشابه للنباتات اللاوعائية فهي كذلك لديها أبواغ تنمو أسفل أوراقها السرخسية التي يتم إطلاقها في الهواء، وعندما تسقط على أرض رطبة فإنها تبدأ بالإنبات وينمو من هذا البوغ جيل مشيجي صغير عرضه لا يتجاوز بضعة سنتيمترات.

ويحتوي هذا الجيل المشيجي على الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية في الجانب السفلي من أوراقه، وإذا كان الجو رطبًا سينتقل الحيوان المنوي من الذكر في الجيل المشيجي إلى الجانب الأنثوي، ويخصب البويضة لتكوين الجيل البوغي، وهو الجزء المألوف لديكم من السراخس، وهناك الكثير من الأدلة الأحادية التي تشير إلى أنه في مرحلة معينة بدأت السراخس في إنتاج البذور، ومن هنا تطورت الكائنات الوعائية التي تمتلك بذورًا وأزهارًا، ولكن هذه السراخس المنتجة للبذور قد انقرضت جميعها وكل ما يمكن معرفته عن أشكال أجيالها المتعاقبة يأتي من الأحافير المتوفرة لدينا.

هناك مجموعة نباتية أخرى أكثر تعقيدًا من السراخس، والخاصية المشتركة بين هذه النباتات هو أنها تتكاثر من خلال إنتاج حبوب اللقاح التي تحتوي على الجيل المشيجي الذكري، وتخصب حبوب اللقاح الجيل المشيجي الأنثوي، أي البويضة، ثم تنمو الخلية الملقحة لتصبح بذرة، وعند نضوجها فإنها تكون نباتات جديدة مكتملة النمو، ولتأكيد هكذا يكون تعاقب الأجيال في النباتات الوعائية الأكثر تعقيدًا من السراخس؛ حيث ينمو الجيل البوغي من البذرة وينتج مشيجات صغيرة إما حبوب لقاح أو بويضات، وعند اندماجهما تتكون بذرة جديدة التي بدورها تنتج جيلاً بوغيًا آخر.

عاريات البذور

هذا التطور من أبواغ إلى بذور هو في غاية الأهمية، وبدا هذا التطور في عاريات البذور (معراة البذور)، حيث استغنت هذه النباتات الوعائية عن خطوة من خطوات التكاثر وسمحت للنباتات بالنمو مباشرة من البذرة دون الحاجة لانتظار نمو البوغ خلال مرحلة مشيجية وسطية، ويشير ذلك أيضًا إلى أنه في معظم الحالات لا حاجة لوجود الماء حتى تتمكن النبتة من التكاثر.

تشمل عاريات البذور: المخروطيات، الجنكيات والسيكاديات المدارية الشبيهة بالنخيل، ولا تنتج أي من هذه الأنواع أزهارًا لأنها تطورت قبل ظهور الأزهار بكثير، فبدلاً من الأزهار تكون تراكيبها التناسلية هي المخاريط المألوفة بالنسبة لكم.

وكما هو واضح من اسمها فعاريات البذور هي النباتات التي تكون بذورها مكشوفة. (معراة البذور هي نباتات وعائية بذورها غير محاطة بثمار) ويعود سبب ذلك أن بويضاتها تنمو وتكون مكشوفة على سطح حراشف المخروط، وعندما أذكر المخاريط يخطر في أذهانكم المخروط المدبب الخشبي الموجود في الغابات أليس كذلك؟

هذه المخاريط هي في الواقع المخاريط الأنثوية التي تحتوي على البويضات، أما المخاريط الذكرية فتكون أصغر حجمًا وذات ملمس اسفنجي بعض الشيء، وظيفتها هي إطلاق حبوب اللقاح.

تتناثر حبوب اللقاح في الهواء ويصل بعضها إلى المخروط الأنثوي حيث تتم عملية التخصيب في البويضة الموجودة عند قاعدة كل حرشفة في المخاريط الأنثوية، وعند نضوج الجنين الملقح داخل المخروط فينتج عنه بذرة تحتوي على كمية من العناصر الغذائية تكفيها لفترة بعد أن تبدأ بالإنبات، وتكون هذه البذرة مغطاة بغلاف قاسي ولامع لحمايتها من عوامل الطبيعة، وعند نضوجها تتفتح المخاريط الأنثوية وتسقط البذرة على الأرض وينتج عنها شجرة جديدة.

تجدر الإشارة إلى أنه تطور لدى بعض عاريات البذور الحاجة لوجود ظروف خاصة لتتمكن من التكاثر مثل حالة أشجار الصنوبر لودجبول، وهي أشجار قوية تطورت في مناخ جاف جدًا في منطقة يكثر فيها العواصف الرعدية التي تتسبب في نشوب الحرائق التي تحرق غابات كاملة كل بضع سنوات، وهذه الأشجار يمكنها تحمل حرائق الغابات منخفضة الحدة، كما تكون مخاريطها الأنثوية متأخرة الإثمار، مما يعني أنها لا تتساقط إلا عند التعرض لدرجات حرارة مرتفعة.

قد يبدو ذلك غريبًا بعض الشيء ولكنه في الواقع ميزة ذكية جدًا، لأن هذه الأشجار تطورت بشكل يسمح لها أن تستفيد من حرائق الغابات فهي تعرف أن الحرائق ستتخلص من العديد من الحشائش والأعشاب التي كانت ستنافس بذورها على الموارد الغذائية، كما أن الحرائق قد تتسبب بقتل بعض هذه الأشجار، وبالتالي فإنها تنتظر أن تقضي الحرائق على منافسيها قبل أن تطلق بذورها.

كاسيات البذور

أما الآن سأنتقل إلى نوع آخر من النباتات الوعائية وهو كاسيات البذور (مغطاة البذور)، وهذه النباتات هي من أنجح النباتات التي تعيش على الأرض، وأكثرها تطورًا، وهي ظهرت قبل حوالي 140 مليون سنة، فهي حديثة بعض الشيء ولكنها أكثر تعقيدًا وفعالية مما سبقها من النباتات.

تعريف كاسيات البذور: كاسيات البذور تمتلك بذورًا مثل عاريات البذور، ولكنها تمتلك كذلك أزهارًا. والأزهار هي ميزة رائعة بالنسبة للنبات، حيث لا داعي أن تعتمد النباتات كاسيات البذور على الرياح لتنقل حبوب اللقاح إلى زهرة أخرى مثل اعتماد عاريات البذور على الرياح لنقل حبوب اللقاح إلى المخاريط الأنثوية؛ فالأزهار تعتمد أكثر على الحيوانات التي تحمل معها حبوب اللقاح من زهرة إلى أخرى، وفي الواقع تطورت كاسيات البذور والحشرات الطائرة بشكل مشترك، فهناك علاقة تنافعية فيما بينها؛ حيث توفر الأزهار الغذاء للحشرات على هيئة رحيق، والحشرات توفر وسيلة لنقل حبوب اللقاح إلى عضو التأنيث في زهرة أخرى، وهذا ما يسمى بالتقايض أو تبادل المنفعة.

وهو تنافع بين كائنين ينتفع منه كلا الطرفين، تتكاثر كاسيات البذور من خلال تكوين أزهار تحتوي على الجيل المشيجي، وفي هذه الحالة يكون الجيل البوغي هو الساق والجذور والأوراق وحتى الزهرة، أي جميع أجزاء النبتة ماعدا حبوب اللقاح والبويضة، فهذه الأجزاء هي الجيل المشيجي.

بعض الأزهار تمتلك الجيل المشيجي الأنثوي والذكري في نفس الزهرة، وهذه الأزهار تسمى الأزهار الكاملة أو ثنائية الجنس، وهناك بعض النباتات المزهرة التي تمتلك بعضها التذكير والتأنيث في نفس النبات ولكن ليس في نفس الزهرة، وهناك نباتات مزهرة أخرى يكون أعضاء التذكير والتأنيث في نباتين منفصلين، فلا يوجد قوانين محددة بالنسبة لكاسيات البذور.

لتوضيح مبدأ عمل الأزهار سأطرح مثال الزهرة الكاملة، لأن معظم الازهار التي ترونها في الحدائق تمتلك أعضاء التذكير والتأنيث في نفس الزهرة؛ سأبدأ من الأسفل إلى الأعلى، تمتلك  الزهرة الكأس أو السبلات وهي تبدو كالأوراق أو البتلات، وهي الأنسجة الخضراء التي كانت تغطي الزهرة عندما كانت برعم، أما البتلات فتكون ملونة لجذب ملقح معين.

يتألف عضو التذكير في الزهرة من المتك، وهو الجزء الذي يحتوي على حبوب اللقاح ويكون هذا الجزء محمولاً على خيط رفيع يتصل بقاعدة الزهرة، عضو التذكير بأكمله يسمى السداد.

دعوني أنتقل إلى أعضاء التأنيث؛ لا تترك كاسيات البذور بويضاتها مكشوفة مثل عاريات البذور، بل تحتفظ بها في المبيض الموجود في قاعدة الزهرة في تركيب شكله يشبه المزهرية وتمتد منه عنق طويل يسمى القلم الذي يعلوه فتحة تسمى الميسم.

يتم تغليف الامشاج الذكرية داخل الجيل المشيجي أي حبوب اللقاح، وعند وصول هذه الحبوب إلى الجيل المشيجي الأنثوي أي البويضة وتنجح في تخصيبها، هذا ما يسمى بالتلقيح، وتتم هذه العملية من خلال جذب الزهرة للحشرات من خلال رائحتها وألوانها والغذاء الذي توفره لها، وفي المقابل تقوم الحشرات بتوزيع حبوب اللقاح على الأزهار.

النحل هو من الحشرات الأكثر فعالية في هذه العملية، ولكن هناك العديد من الحشرات الأخرى التي تقوم بهذه العملية بالإضافة إلى بعض الطيور مثل طائر الطنان، وحتى بعض أنواع الخفافيش، ولكن بغض النظر عن الحيوان الذي ساعد في التلقيح فبعد ذلك تبدأ البويضة بالانتفاخ وتصبح أكثر قساوة لأنها ستتحول إلى بذرة، كما ينمو المبيض من حولها ويكون الثمرة.

هناك عدة أنواع من الثمار، فالثمرة تعرف على أنها أي شيء ينمو من مبيض النبات حول البذرة لحمايتها، مما يعني أن أي شيء يحتوي على بذور يصنف كثمرة، وهذا يشمل عدة أشياء مختلفة بما فيها بعض الأمور التي قد لا يعرف البعض أنها ثمار.

وللثمار أهمية كبيرة بالنسبة لكاسيات البذور لأن هذه النباتات تفضل أن تبعد بذورها عن ذاتها قدر الإمكان حتى لا تضطر للتنفس مع ذريتها، فبعض الثمار تبتعد عن مصدرها من خلال الانتقال عبر الرياح، في حين أن البعض الآخر من الثمار تتناوله الحيوانات المختلفة ثم تتخلص من البذور مع فضلاتها في مكان بعيد عن النبتة الأصل.

وهذه هي طريقة تكاثر النباتات الوعائية.

أضف تعليق

error: