لماذا نهتم -أصلًا- نحن العرب بما يحدث بين إيران وإسرائيل؟
في عالمٍ متشابك كعالمنا اليوم، لم تعد الحروب محصورة بحدود الجغرافيا. أي مواجهة عسكرية بين قوتين كبيرتين مثل إيران وإسرائيل لا يمكن أن تمر مرور الكرام على الدول العربية، خصوصًا تلك المجاورة أو ذات الارتباطات الاقتصادية والسياسية في المنطقة. فهل يمكن أن تبقى الدول العربية، وعلى رأسها مصر، بمنأى عن تبعات حرب كهذه؟ الإجابة باختصار: لا.
لذلك، من المهم أن نستعرض سويًا أبرز التأثيرات المحتملة لهذه الحرب، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، لنفهم كيف يمكن أن نكون مستعدين، أو على الأقل واعين لما قد يحدث.
أولاً: التأثيرات الاقتصادية للحرب بين إيران وإسرائيل على الدول العربية
1. اضطرابات في أسعار النفط والغاز
من الطبيعي أن أي تصعيد عسكري في منطقة الخليج سيؤثر بشكل مباشر على سوق الطاقة العالمي. إيران تعتبر من أكبر منتجي النفط، وأي استهداف لمنشآتها أو موانئ التصدير قد يؤدي إلى تعطيل الإمدادات، مما يدفع الأسعار للارتفاع.
بالنسبة لمصر والدول غير المصدرة للنفط، سيؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة الاستيراد، وبالتالي ارتفاع أسعار الوقود داخليًا. مما يعني زيادة في تكاليف النقل، الصناعة، والكهرباء، وهو ما قد ينعكس على أسعار السلع والخدمات اليومية.
2. تأثر حركة الملاحة في مضيق هرمز وقناة السويس
في حال تطورت الحرب لتشمل تهديد الملاحة في مضيق هرمز، وهو ممر رئيسي لشحنات النفط، فإن حركة التجارة العالمية ستتأثر. هذا قد يُعيد التوازن التجاري لصالح قناة السويس كممر بديل.
لكن على الرغم من ذلك، فإن أي اضطراب في الخليج سيؤثر على حركة التجارة بشكل عام، وبالتالي على إيرادات مصر من القناة.
3. تذبذب الأسواق المالية والاستثمارات
عادة ما تؤدي الحروب إلى حالة من الذعر في الأسواق. فالمستثمرون يهربون إلى الأصول الآمنة مثل الذهب والدولار، مما يؤدي إلى هبوط أسواق الأسهم.
وللأسف؛ هذا التذبذب قد يصيب البورصات العربية أيضًا، ويجعل المستثمر الأجنبي يتردد في ضخ أموال جديدة في الأسواق الإقليمية.
ثانيًا: التأثيرات السياسية والاستراتيجية على الدول العربية
1. ضغوط دولية على الدول العربية لاتخاذ مواقف
في حال اندلعت حرب مفتوحة، قد تُجبر الدول العربية، وخاصة تلك التي ترتبط بعلاقات مع أحد الطرفين، على اتخاذ موقف واضح. بعض الدول قد تجد نفسها بين مطرقة الحلفاء وسندان الاستقرار الداخلي.
مصر مثلاً، بحكم موقعها الجغرافي وثقلها السياسي، قد تواجه ضغوطًا أمريكية أو أوروبية لمساندة طرف ما، أو للعب دور في الوساطة. وهذا قد يضع الحكومة أمام تحديات دبلوماسية داخلية وخارجية.
2. تصاعد التوترات الطائفية والسياسية
الحرب بين إيران (التي تمثل القوة الشيعية الأكبر) وإسرائيل قد تشعل من جديد الخلافات الطائفية في بعض الدول العربية، خاصة تلك التي تعاني أصلًا من انقسامات داخلية.
إلى جانب ذلك، فإن الحروب عادة ما تُستخدم كورقة سياسية داخلية لتبرير القمع أو تغطية الفشل الاقتصادي، وهو ما قد تستغله بعض الأنظمة في المنطقة.
3. إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية
إذا استمرت الحرب لفترة طويلة، فقد نشهد تغيّرًا في طبيعة التحالفات بالمنطقة. بعض الدول قد تقترب أكثر من إسرائيل، خاصة إذا شعرت بخطر مباشر من طموحات إيران الإقليمية. بينما قد تُعيد دول أخرى حساباتها خوفًا من تورط غير مباشر في الصراع.
ثالثًا: ما الذي تعنيه هذه الحرب للمواطن العربي العادي؟
قد يتساءل البعض: ما علاقتي أنا كمواطن مصري أو عربي بهذا الصراع؟
الإجابة تكمن في الأسعار التي تدفعها كل يوم، والاستقرار الذي تعيشه أو تفتقده. فالحروب الكبرى تؤثر على لقمة العيش، توفر السلع، قيمة العملة، وحتى على فرص العمل والسفر.
إلى جانب ذلك، فإن الإعلام العربي سيغرق في التحليلات والانقسامات، مما قد يُشتت الانتباه عن القضايا المحلية التي تهم المواطن مباشرة، مثل التعليم، الصحة، والاقتصاد.
والآن… ما المطلوب منا؟
الحرب بين إيران وإسرائيل ليست مجرد مواجهة بين دولتين بعيدتين، بل هي زلزال سياسي واقتصادي يمكن أن تمتد هزاته الارتدادية إلى كل بيت عربي.
لهذا، من المهم أن نتابع تطورات هذا الصراع بعين واعية، لا تندفع خلف العواطف أو الدعاية، وأن نضغط كمواطنين من أجل سياسات حكيمة تحمي مصالح شعوبنا أولًا.
إذا أعجبك هذا المقال أو رأيت فيه ما يثير التساؤل أو النقاش، شاركنا رأيك في التعليقات، أو شاركه مع أصدقائك لتعم الفائدة.