الشاعر أبو العتاهية “شاعر الزهد”

الشاعر أبو العتاهية

من هو أبو العتاهية

هو شاعر من شعراء الزهد في العصر العباسي، ويُقصد بالزهد الكف عن المعاصي والمحرمات، ولكن في الشعر أطلق على تيار ظهر في الشعر العباسي ضد كثرة الطرف، وقد كان يدعو إلى بسطة العيش، والبعد عن ملذات الدنيا.

هو إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني العنزي أبو إسحاق الشهير بأبو العتاهية (Abu al-Atahiya).

تاريخ ومكان ولادته

ولد أبو العتاهية في عين تمر سنة 130 هجرية، وهو شاعر من المبدعين في الشعر، عرف بشاعر الزهد، فكان يجيد القول فيه؛ لأنه كان أكثر أنواع الشعر شيوعاً في عصره.

كان أبو العتاهية يتحسرُ على أيام شبابه التي ضاعت في الأشياء غير المفيدة فيقول:

بَكيتُ عَلى الشَبابِ بِدَمعِ عَيني
فَلَم يُغنِ البُكاءُ وَلا النَحيبُ

فَيا أَسَفا أَسِفتُ عَلى شَبابِ
نَعاهُ الشَيبُ وَالرَأسُ الخَضيبُ

عَريتُ مِنَ الشَبابِ وَكانَ غَضّاً
كَما يَعرى مِنَ الوَرَقِ القَضيبُ

فَيا لَيتَ الشَبابَ يَعودُ يَوماً
فَأُخبِرُهُ بِما صَنَعَ المَشيبُ

مميزات شعر أبو العتاهية

كان لأبو العتاهية أسلوب خاص في نظم الشعر تتميز بما يلي:

  • سهولة الألفاظ.
  • رشاقة التعبير.
  • سرعة الخاطر.
  • عدم التفنن في الخيال.

أعمال أبو العتاهية في الشعر

لأبي العتاهية العديد من الدواوين الشعرية ومنها:

  • ديوان في الزهد.
  • له ديوان آخر تم إضافته للعمل الأول، وجُمعا في عمل واحد.

وفاة أبو العتاهية

توفي أبو العتاهية سنة 211 هجرية.

وفيما يلي بعض أبيات شعر أبو العتاهية:

أَشَدُّ الجِهادِ جِهادُ الهَوى
وَما كَرَّمَ المَرءَ إِلّا التُقى

وَأَخلاقُ ذي الفَضلِ مَعروفَةٌ
بِبَذلِ الجَميلِ وَكَفِّ الأَذى

وَكُلُّ الفُكاهاتِ مَملولَةٌ
وَطولُ التَعاشُرِ فيهِ القِلى

وَكُلُّ طَريفٍ لَهُ لَذَّةٌ
وَكُلُّ تَليدٍ سَريعُ البِلى

وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ آفَةٌ
وَلا شَيءَ إِلّا لَهُ مُنتَهى

وَلَيسَ الغِنى نَشَبٌ في يَدٍ
وَلَكِن غِنى النَفسِ كُلُّ الغِنى

وَإِنّا لَفي صُنُعٍ ظاهِرٍ
يَدُلُّ عَلى صانِعٍ لا يُرى

وقد توَد القراءة هنا عن شاعر رثاء القدس أبو البقاء الرندي؛ أو شاعر الفخر عمرو بن كلثوم؛ أو عن الشاعر ابن حمديس الصقلي؛ وعن شاعر بني أسد عبيد بن الأبرص.

قصيدة أبو العتاهية في الزهد

ما اِستَعبَدَ الحِرصُ مَن لَهُ أَدَبُ
لِلمَرءِ في الحِرصِ هِمَّةٌ عَجَبُ

لِلَّهِ عَقلُ الحَريصِ كَيفَ لَهُ
في كُلِّ ما لا يَنالَهُ أَرَبُ

ما زالَ حِرصُ الحَريصِ يُطعِمُهُ
في دَركِهِ الشَيءَ دونَهُ العَطَبُ

ما طابَ عَيشُ الحَريصُ قَطُّ وَلا
فارَقَهُ التَعسُ مِنهُ وَالنَصَبُ

البَغيُ وَالحِرصُ وَالهَوى فِتَنٌ
لَم يَنجُ مِنها عُجمٌ وَلا عَرَبُ

لَيسَ عَلى المَرءِ في قَناعَتِهِ
إِن هِيَ صَحَّت أَذىً وَلا نَصَبُ

مَن لَم يَكُن بِالكَفافِ مُقتَنِعاً
لَم تَكفِهِ الأَرضُ كُلُّها ذَهَبُ

مَن أَمكَنَ الشَكَّ مِن عَزيمَتِهِ
لَم يَزَلِ الرَأيُ مِنهُ يَضطَرِبُ

مَن عَرَفَ الدَهرَ لَم يَزَل حَذِراً
يَحذَرُ شِدّاتِهِ وَيَرتَقِبُ

مَن لَزِمَ الحِقدَ لَم يَزَل كَمِداً
تُغرِقُهُ في بُحورِها الكُرَبُ

المَرءُ مُستَأنِسٌ بِمَنزِلَةٍ
تَقتُلُ سُكّانَها وَتَستَلِبُ

وَالمَرءُ في لَهوِهِ وَباطِلِهِ
وَالمَوتُ في كُلِّ ذاكَ مُقتَرِبُ

يا خائِفَ المَوتِ لَستَ خائِفُهُ
وَالعُجبُ وَاللَهُ مِنكَ وَاللَعِبُ

دارُكَ تَنعي إِلَيكَ ساكِنَها
قَصرُكَ تُبلي جَديدَةَ الحِقَبُ

يا جامِعَ المالِ مُنذُ كانَ غَداً
يَأتي عَلى ما جَمَعتَهُ الحَرَبُ

إِيّاكَ أَن تَأمَنَ الزَمانَ فَما
زالَ عَلَينا الزَمانُ يَنقَلِبُ

إِيّاكَ وَالظُلمَ إِنَّهُ ظُلَمٌ
إِيّاكَ وَالظَنَّ إِنَّهُ كَذِبٌ

بَينا تَرى القَومَ في مَحَلَّتِهِم
إِذ قيلَ بادوا بِلىً وَقَد ذَهَبوا

يا بانِيَ القَصرِ يا مُشَيِّدَهُ
قَصرُكَ يُبلي جَديدَهُ الحِقَبُ

إِنّي رَأَيتُ الشَريفَ مُعتَرِفاً
مُصطَبِراً لِلحُقوقِ إِذ تَجِبُ

وَقَد عَرَفتُ اللِئامَ لَيسَ لَهُم
عَهدٌ وَلا خِلَّةٌ وَلا حَسَبُ

إِحذَر عَلَيكَ اللِئامَ إِنَّهُمُ
لَيسَ يُبالونَ مِنكَ ما رَكِبوا

فَنِصفُ خُلقِ اللِئامِ مُذ خُلِقوا
دُلٌّ ذَليلٌ وَنِصفُهُ شَغَبُ

فِرَّ مِنَ اللُؤمِ وَاللِئامِ وَلا
تَدنُ مِنهُم فَإِنَّهُم جَرَبُ

أضف تعليق

error: