مقال عن غزة – غزير المعلومات، قويّ العناصر

مقال عن غزة

غزة، هي إحدى مدن قطاع غزة، وهي مدينة ساحلية فلسطينية، تقع في شمال قطاع غزة على الطرف الجنوبي للساحل الشرقي من البحر المتوسط، وهي مركز محافظة غزة، وأكبر مدن فلسطين، من حيث السكان، إذ يبلغ عدد سكانها نحو: سبعمائة ألف نسمة، وتبلغ مساحتها ستة وخمسون كيلو متر مربعًا.

ومدينة غزة تتميز بموقعها الاستراتيجي، وأهميتها الاقتصادية، والعمرانية للمدينة، غير أنها مقر السلطة الفلسطينية، ويوجد فيها الكثير من المصالح والوزارات.

اختلفت تسمية مدينة غزة من عصر إلى آخر، فالكنعانيون أسموها (هزاتي)، والفراعنة أسموها (غزاتو)، والآشوريون واليونانيون أسموها (عزاتي) و(فازا)، والعبرانيين (عزة)، والصليبيون أسموها (غادرز)، والأتراك أسموها (غزة) وهو اسمها الذي نعرفه الآن ولم يتغير.

واختلف المؤرخون في سبب تسميتها بهذا الاسم، فمنهم من يقول أنها مأخوذة من القوة والمنعة، ومنهم من يقول أن معناها (الثروة)، ومنهم من يقول أنها تعني (المميزة) بصفات هامة تميزها عن غيرها من المدن.

والتسمية الأخيرة هي التسمية التي يقرها ياقوت الحموي في معجمه، فيقول (غَزَّ فلان بفلان واغتز به إذا اختصه من بين أصحابه). أي أنها مميزة بين غيرها من المدن، بما وهبها الله من الخصائص الاقتصادية والعمرانية وموقعها الاستراتيجي المميز.

واشتهرت مدينة غزة بأنها سيدة البخور، لاشتهار موانئها بتجارة البخور والعطور وازدهرت فيها هذه التجارة، كما أطلق عليها غزة هاشم، نسبة إلى هاشم بن عبد مناف جد الرسول ﷺ، حيث توفي فيها، وكان معروفًا عنه أنه من أسياد مكة، كان يهشم الثريد لإطعام الحجاج عند زيارة الكعبة.

لمحة جغرافية عن غزة

ومن الناحية الجغرافية فإن مدينة غزة تميزت بموقعها الجغرافي، فهي تقع على دائرة عرض ٣٠- ٣١ درجة شمالًا، وعلى خط طول ٢٨- ٣٤ درجة شرقًا، وهي عبارة عن شريط ساحلي ضيق يصل طوله إلى أربعين كيلو متر، وعرضه يتراوح فيما بين ٥- ٨ كيلو متر.

وامتازت مدينة غزة بأهمية جغرافية جعلتها تتميز بين غيرها من المدن وتزدهر، من الناحية الاقتصادية والناحية العسكرية، لذلك كانت وما زالت مطمع الغزاة إذا أرادوا غزو البلاد العربية، أو غير العربية.

فمن الناحية الاقتصادية، كان لموقع غزة الاستراتيجي أهمية اقتصادية كبرى، فهي مشرفة على أهم الطرق التجارية في العالم، تلك الطرق القادمة من الهند، إلى حضر موت واليمن، والتي تتجه شمالًا إلى مكة، والمدينة، والبتراء، ثم تنتهي في غزة.

ومن ناحية غزة كانت تمر طرق شبه الجزيرة العربية، بين مكة وبلاد الشام، وكان يحيط بغزة قبائل من بدو العرب والحضر، واشتهرت غزة بمينائين على البحر المتوسط، هما (ميوما- وتيدة) وهو ما زاد من قوتها الاقتصادية، وأصبح موقعها مطمعًا للغزاة، ينهبونها، ويسيطرون على العالم عن طريقها، سواء تجاريًا أو عسكريًا.

أما من الناحية العسكرية، فإن لها أهمية كبرى تميزها عن غيرها من المدن الفلسطينية، والتي تجعلها مطمعًا للغزاة الذين أرادوا السيطرة على العالم، فيكون معبرهم مدينة غزة الساحلية.

ومن مظاهر قوة موقع غزة الجغرافية عسكريًا، أنها كانت حلقة وصل بين مصر والشام، فمعنى السيطرة على غزة، أي السيطرة على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وأفريقيا.

غير أن الغزاة، كالآشوريون والبابليون، حين أرادوا السيطرة، أو غزو بلادًا أخرىن كانوا يحشدون فيها قواهم العسكرية.

ولكي يحقق الانتداب البريطاني أغراضه العسكرية في الحرب العالمية الأولى، بنى خط للسكة الحديد يربط بين القنطرة المصرية على السويس، بحيفا في فلسطين، وأصبح لهذا الخط أهمية اقتصادية أخرى بعد انتهاء الحرب.

وبعد أن استعرضنا القوة التي يضفيها موقع غزة الجغرافية، تجاريًا وعسكريًا، ورأينا أنها كانت وما زالت مطمعًا للغزاة، يرنون إليها، ويريدون أن يطبقوا عليها، حتى يخططوا للسيطرة على العالم من خلالها، فإننا نلقي الضوء قليلًا عن (غزة) تاريخيًا.

لمحة تاريخية عن غزة

أولًا: نشأتها

اختلف المؤرخون فيمن وضع حجر الأساس لنشأة مدينة غزة، فمنهم من يرى أن نشأتها تعود للعرب الكنعانيون، في الألف الثالثة قبل الميلاد، ومنهم من يرى أن نشأتها تعود للعرب المعينيين، الذين عاشوا في جنوب الجزيرة العربية في القرن الثامن عشر قبل الميلاد، وهم من أسسوها، أو على أقل تقدير ساعدوا في نموها وازدهارها.

ويرى المؤرخون أن بناة غزة وأول من استوطنوها وعاشوا فيها هم: المعينيون، والسابئيون، والعويون، والكفتاريون، والعناقيون، والمدنيانون… وغيرهم، غير أن الكنعانيون هم أول من عاشوا فيها وحافظوا عليها، ووضعوا فيها بصماتهم على مر التاريخ، وساعدوا في نموها وازدهارها.

وكان لغزة شأن كبير لدى المصريين القدماء، حيث عبر كثير من ملوك لفتحها، أو للانطلاق منها لغزو الشام، كما اتخذها تحتمس قاعدة لهجومه وغزواته، وفي أيام الحرب اتخذها المصريون قاعدة للجيش المصري.

ثانيًا: احتلال الإسكندر

كاد الإسكندر يلقي حتفه في غزة، فأصر على احتلالها، رغم ما لاقاه من تصدي أهلها، لكنه ظل يهاجمها حتى فتحها في عام ٣٣٢ قبل الميلاد، بعد أن بذل جهدًا كبيرًا لاحتلالها، ارتكب على أثرها أشد الجرائم والفظائع ثأرًا من أهلها.

وبعد وفاة الإسكندر ظلت غزة تتأرجح بين الغزاة، حتى استولى عليها المصريون، ولكنهم تركوها ثانية، وكانت السيادة فيها للدولة السلوقية في سوريا.

ثالثًا: احتلال الرومان

احتل الرومان بقيادة (إسكندر جانيوس) غزة في عام ١٠٣ قبل الميلاد، بعدما قاوم أهل غزة أشد مقاومة، مما دفع جانيوس للثأر منها بتدميرها وخرابها، وسميت في عهد الرومان بالمدينة الشريفة، والمدينة العتية، وأقام فيها الرومان مصانع لسك النقود في غزة.

أصبحت غزة تتأرجح بين أيدي المحتلين والغزاة رغم جهاد أصحابها دحتى يستردوها؛ ففتحت في عام ٦٣٤ ميلاديًا على يد القائد المسلم أبي أمامة الباهلي، وكان ذلك بقيادة عمرو بن العاص في خلافة أبي بكر الصديق -رض الله عنه-، فكانت غزة أول بلد يدخلها الإسلام في مسيرة فتح فلسطين.

ثم سقطت غزة في أيدي الصليبيين بعد ذلك؛ فدمروها وقتلوا الكثير منها مسلمًا ومسيحيًا.

ثم عادت غزة مرة أخرى تحت الفتح الإسلامي، بعد موقعة حطيت بقيادة (صلاح الدين الأيوبي) فحررها، وعادت غزة للسيادتها العربية مرة أخرى.

وفي عام ١٢٦٠ ميلاديًا، استولى المغول على غزة، لكن المسلمين طردوهم واستردوا غزة، حينما أرسل قطز جيشًا عظيمًا بقيادة الأمير (ركن الدين بيبرس) في معركة عين جالوت.

لقد ظلت غزة تتأرجح بين الغزاة، حتى يستردها العرب مرة أخرى؛ فبعد الحملة الفرنسية أراد نابليون أن يهاجم غزة، لأنه رأى فيها معبرًا لآسيا، وباب قوة لأفريقيا، ولكنه انسحب بعد ذلك نظرًا لما لقيه من الجهاد على يد أهل غزة.

لقد كانت غزة على مر الزمن والتاريخ مطمعًا للغزاة، فكما قال نابليون (أنها المخفر الأمامي لأفريقيا ، وباب آسيا). فهي مصدر قوة للعرب، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية، وموقعها الجغرافي المميز، وما فيها من الخيرات الكثيرة، التي ينظر إليها الغزاة بعين الطمع، والاغتصاب.

وإننا نرى الآن ما تعانيه فلسطين على يد الغزاة الطامعين، الذين دخلوها عنوة واحتيالًا على أهلها، والغزاة الذين يعوثون في أرضها فسادًا الآن ما هم إلا يد في جسم القوة التي ترنو إلى السيطرة على العالم، لذلك يخرس أمام ما يحدث في غزة كل الجهات التي يجب أن تندد بالاحتلال.

إن فلسطين عمومًا وغزة خصوصًا أمانة في رقابنا، لابد أن نتكاتف حتى ننقذها من مخالب المغتصبين.

أضف تعليق

error: