مقال عن المحسوبية «جريمة بحق الوطن»

إن وطنا احتضننا حين لفظتنا بطون أمهاتنا فشربنا ماءه وتنفسنا أطيابه وأكلنا من عطائه الرطيب يجبرنا على إنصافه من ذواتنا وغيرنا، فلا نظلمه ولا نخذله، وبالأخص حين يمنحنا ثقته فنكون من أهل الرأي أو الأمر أو النهي أو التنفيذ، وإزجاء الوظائف والمهام لمن يستحقها يعد حفظا لممتلكات وخيرات البلد والتفريط فيها أو إزجاؤها لغير مستحقيها هو هدر لطاقات الوطن وهو مخالفة صريحة لدستورنا، القرآن الكريم، ونهج قيادتنا الرشيدة.

في الحقيقة، لا نستطيع نعت المحسوبيات بالظاهرة، إنما هي مخالفات فردية يمكننا محاصرتها والتخلص منها، وهي موجودة في كل مكان على امتداد الأرض وفي كل زمان منذ بداية النبض، وزيادة الدندنة على هذا الوتر في الأعوام الأخيرة ليس إلا صدى انكساراتنا أحيانا وفشلنا في أحيان أخرى، فلا طريق أسهل لإراحة الضمير والنفس من تعليق التعثر على شماعة المحسوبيات.

ولكن يجب الإشارة إلى أن ثمة نوعا من المحسوبيات يبدو غريبا ومريبا وهو ممارسته أمام الملأ دون رادع أخلاقي أو ديني، فنرى هذا يمنح بناته وأولاده وظائف في المؤسسة الحكومية التي يديرها، وذك يرشح قريبه لدورة أو سفر أو ترقية دون وجه حق.

ولعلكم سمعتم أو وقفتم على أمور كهذه، فما الذي يدفع بعضهم لانتهاك قداسة الوطن وثرواته وأبنائه؟ ما الذي يدفع بهم للانجرار خلف النفس والفناء؟ ما الذي يدفعنا لأن ندفن الضمير بأيدينا؟

إن أردنا اللحاق بركب الصفوف الأولى في العالم فيجب علينا التخلص من عقلية «سمننا بدقيقنا» والإخلاص لله ثم للوطن والقادة والاستجابة للروح النقية داخلنا بتوجيه قدراتنا للعطاء والبناء بلا تحيز أو جور أو تراخ.

كان هذا الوطن الشامخ ولا يزال على امتداد عمره الفينان منارة حق وعدالة ونماء، فها هو يشهد ذروة توهجه في كل المجالات التقنية والصحية والتعليمية والثقافية وغيرها، فقد أصبح مفخرة لكل مواطن عربي ومسلم، لذا يجب علينا الحفاظ عليه بإنصافه والعمل لإعلائه، فالوطن ليس مجرد كلمات تكتب أو تذاع بل مشاعر صادقة وحكاية عشق لا ينضب، يدفعنا لخدمته و العمل على رفعته وصونه.

بقلم: ملاك الخالدي

أضف تعليق

error: