مدرسة القرية وأوهام التميز

من غير المهم أن تكون المدرسة أو المستوصف في قرية ما أو هجرة معينة، فالمهم وجود المدرسة والمستوصف، فهناك شكوى دائمة ومستمرة، والسبب أن أهالي القرى والهجر النائية يعيشون في عالمهم الخاص القائم على المقارنات المستمرة فيما بينهم، فمن أولويات الحياة لديهم أن قريتهم أو هجرتهم -سموها ما شئتم- أفضل من غيرها.

ولأنها الأفضل من وجهة نظرهم يجب أن تكون مركزا لغيرها من قرى المنطقة، وإذا لم تلب هذه الرغبة التي لا يسندها شيء سوى قناعتهم الشخصية، فلا بأس أن تذهب وفودهم ووفود جيرانهم إلى إمارات المناطق طلبا لهذا الشيء، ومعهم سيل من الشكاوى، وطلبات أن تؤجل هذه المشاريع الخدمية، فالمدرسة تؤجل إلى ما لا نهاية إذا لم تكن الهجرة الفلانية مقرا لها، وكذلك الأمر مع بقية الخدمات التي تريد الدولة إنشاءها، وفي هذه الحلقة المفرغة تعاق المشاريع الخدمية في هذه الأماكن النائية.

الحقيقة التي لا بد أن تطرح: ما موقع هذه القرية أو الهجرة من الإعراب الوطني والجغرافي؟ وما الضير -غير شعور من يسكنونها بالتميز- من وجود المدرسة أو المستوصف في القرية المجاورة؟ لماذا لا يفكر سكانها أن وجود مدرسة أمر مهم لذاته؟ وأن تضييع الوقت في تناحر حول القرية أو الهجرة الأميز ضرب من الأوهام في رؤوس عدد من الأشخاص الذين بقوا محلهم زمانيا ومكانيا، فيما كل من يستطيع الهجرة إلى المدينة بحثا عن التعليم أو العمل هاجر وانعتق من رق معضلة الأفضل: أنا أو جاري؟

لا شك أن تنمية الأماكن النائية مسؤولية الدولة، لكن من مسؤولية الدولة أيضا ألا تراوح كثيرا مع هؤلاء، فهم أشخاص يهمهم المظهر، ومطالبهم جميعا غير محقة، ومثلهم لا يساعد الدولة في خططها التنموية، والأجدر أن تفرض المدرسة والمستوصف في المكان المناسب، وأن يفهم هؤلاء الأشخاص ممن يبحثون عن شغل وقت فراغهم أن المشاريع الخدمية التي تنفع المواطن ليست تسلية لهم.

بقلم: منيف الصفوقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top