ما فائدة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

عن كثب سنجري بحثا عن فائدة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة

قبل أن نعرف فائدة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة المباركة، يجب أن نقول، الحمد لله الذي أنعم علينا بيوم عيد يعاودنا كل أسبوع، وجعل له خصوصيات لم يجعلها لغيره، وجعل له فضائل ومزايا تميزه عما سواه من الأيام، فكان عز وجل كريماً في عطاياه ومنحه، فجعل من يوم الجمعة نوراً لنا وكفارة للذنوب إذا اجتنبت الكبائر، وجعل لنا فيه ساعة إجابة لا يرد فيها دعاء ولا يخيب معها رجاء، وما طرق باب الله فيها طارق إلا فاز وعاد مجبور الخاطر، فرحاً مسروراً، أما من عمر ساعات الجمعة بذكر الله والصلاة على رسول الله فقد جمع بين خيري الدنيا والآخرة وفاز برضوان الله ورحمته وبركته في الرزق والوقت والصحة والعمر والعمل.

لأجل ذلك فإننا يجب أن تكون لنا مع هذا اليوم الفضيل وقفة تأملية وأن نتعرف على كل فضائله وما يجب فيه من العادات وما يسن وما يستحب، وأن نحرص عليها ونستكثر منها ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لنحصل من الثواب أكبره ومن الخير أكثره ونكون من الأذكياء الذين لا يضيعون العطايا هباء.

وهنا سنتناول في مقالنا سنة نبوية علمتنا إياها الأحاديث المطهرة والأثار الكريمة وباتت معروفة لنا جميعاً، وهي قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، وحتى نذكر أنفسنا ونذكرك عزيزي القارئ فسنجعل محور حديثنا هو الإجابة عن سؤال قد يراودك ويراودني ويراود الكثير منا وهو (ما فائدة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟)، ولما حثتنا عليها السنة النبوية المطهرة؟ فتابعونا.

ما ورد في فضائل سورة الكهف

من المعلوم أن سور القرآن الكريم وآياته جميعاً كلها خير ومقاصده خير، وأن خيرها يشمل أهل القرآن في الدنيا والآخرة غير أن هناك سوراً من القرآن اختصت بأسرار معينة وفضائل خاصة ومن بين تلك السور سورة الكهف، فقد كثرت الآثار الواردة في فضلها والتي تبين عظيم نفعها للمسلم، وتحثه على تعهدها بالتلاوة وهنا نعني فضائلها بوجه عام في يوم الجمعة وغيرها وسنذكر بعض الأثار التي لم تقيد تلك الفضائل بيوم الجمعة وإنما أطلقتها.

العصمة من فتنة الدجال

لعل من أهم فضائل تلك السورة العظيمة أنها تقي قارئها من فتنة المسيخ الدجال وما أعظمها من فتنة، وما أعظم النجاة منها والوقاية من الوقوع فيها ( أنجانا الله وإياكم جميعاً منها بفضله ومنته)، وقد ورد في بيان هذا المعنى وتأكيده أحاديث متعددة وبروايات مختلفة ولعل من أبرزها ما أورده الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي الدرداء “رضي الله عنه” والذي يقول فيه: (قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: (من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِمَ من الدجال)، كما ورد نفس المعنى برواية أخرى في النسائي بلفظ (من قرأ عشر آيات من الكهف عُصم من فتنة الدجال).

أما ما ورد في رواية الترمذي فنصه (من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عُصِمَ من فتنة الدجال)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه” عن النبي “صلى الله عليه وسلم”: أنه قال: ((من قرأ سورة الكهف كما أنزلت، كانت له نوراً من مقامه إلى مكة، ومن قرأ بعشر آيات من آخرها، فخرج الدجال لم يسلط عليه).

وغيره الكثير من الروايات التي وإن اختلفت في متنها إلا انها تتفق في المعنى وتؤكد أن لسورة الكهف وأول آياتها فضل في الوقاية من فتنة المسيخ الدجال (عصمنا الله وإياكم منها).

نور وسكينة لقارئها

لا تتوقف فضائل سورة الكهف فقط على الوقاية من فتنة المسيح الدجال (وما أعظمه من فضل!) بل تتعداه ليشمل فضلها وتعم بركتها حياة الإنسان في الدنيا وحالة قلبه وسلامته من الكدر والتعب والهم، وحالة السكينة ونور القلب ونور البصيرة وهذا أيضاً مما ألمحت إليه السنة النبوية المطهرة وما أكدته ومن الآثار التي دلت على ذلك ما أورده الشيخان عن البراء بن عازب “رضي الله عنه” إذ قال: (كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشَطَنين فتغشته سحابة، فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي “صلى الله عليه وسلم”، فذكر ذلك له، فقال: (تلك السكينة تنـزلت بالقرآن).

ومما دل على أنها سورة تورث النور والبصيرة ما جاء في مسند الإمام أحمد عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه عن رسول الله “صلى الله عليه وسلم” أنه قال: (من قرأ أول سورة الكهف وآخرها، كانت له نوراً من قدمه إلى رأسه، ومن قرأها كلها كانت له نوراً ما بين السماء إلى الأرض).

إدراك فضيلة قيام الليل

ورد في فضل سورة الكهف أيضاً أن من قرأها قبل نومه وهو عازم على الاستيقاظ لصلاة الليل أو صلاة الفجر فإنه بأمر الله يستيقظ في الوقت الذي يريده ومما دل على ذلك حديث الدارمي عن محمد بن كثير عن زر بن حبيش قال: (من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد يقوم من الليل، قامها)، وقد أكد أكثر من واحد ذلك فقال عبدة: جربناه فوجدانه حقاً، وقال بن كثير: جربناه في السرايا غير مرة فكنا نقوم في الساعة التي نريد.

ما فائدة قراءه سورة الكهف يوم الجمعة؟

كما قلنا آنفا فإن الفضائل التي سبق ذكرها مطلقة وغير مقيدة بيوم الجمعة أما عن فائدة قراءتها يوم الجمعة بالذات فقد ورد أيضاً فيه بعض الأثار التي تبين أن قراءتها يوم الجمعة تورث نوراً من الجمعة إلى الجمعة، لعل من أبرزها ما رواه أبو سعيد “رضي الله عنه” والذي نصه: (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين). فعبر عن عظمة ذلك النور بالمسافة الزمنية الفاصلة بين الجمعتين.

وفي رواية أخرى جاء التعبير عن نور سورة الكهف الذي يحل بالمسلم عند قراءتها بالمسافة المكانية وهي رواية الدارمي ونص الرواية : (من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق)، والرواية الأولى هي الأشهر.

ومن كلتا الروايتين يستفاد أن قراءة سورة الكهف يوم الجمعة من الأعمال الطيبة المستحبة جميلة الأثر وعظيمة النفع في الدنيا والآخرة، فينبغي للمسلم أن يحرص عليها ويتعهدها وأقل ما يكون من تعهدها بالتلاوة أن يجعلها ورداً أسبوعياً يقرأه في أي ساعة من ليلة الجمعة أو نهارها، ليجمع بين نفعها المطلق ونفعها المقيد بيوم الجمعة، وليحظى ببركتها وعظيم ثوابها، ولعلنا لو قارنا ما تستغرقه من وقت في قراءتها وما تجلبه من خير وبركة وثواب عظيم لوجدنا أنه لا مقارنة تذكر، فالوقت قصير والعمل جد يسير والأجر كبير وعظيم ودائم بإذن الله.

وفي الختام

لا يسعنا إلا أن نحمد الله عز وجل ونثني عليه الخير كله، ونشكر منه وفضله أن هدانا إلى هذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، ولعلنا نكون قد نجحنا في الإجابة عن السؤال الذي قد يدور في عقولنا وهو (ما فائدة قراءة سورة الكهف يوم الجمعة؟) ونأمل أن تكون تلك الإجابة عوناً لنا على الطاعة والتزود من الخير وتحفيزاً لإقامة تلك السنة الطيبة، والله من وراء القصد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top