ما هي عملية التحنيط؟ وكيف كانت تتم؟

تمت الكتابة بواسطة:

ما هي عملية التحنيط؟ وكيف كانت تتم؟

كان حفظ أجساد الموتى والحرص عليها عند المصريين القدماء مما شغل دنياهم وملأ أسماع الناس من وراء أيامهم. وكانت سلامة الهيكل العظمي ضمانا لعودة الروح إليه، فنزعوا إلى تخليصه من جميع المواد الرخوة من جلد وغشاء.. ومبعث ذلك أن الموت في عقيدتهم لم يكن فناء وإنما هو رحلة شاقة يعبر فيها الإنسان برزخا جسدا بغير روح، لتعود إليه إذا كان سليما، ليستأنف حياة -إذا لم تكن كحياته الدنيا- فهي أقرب ما تكون إليها.

ولما تقدمت معارف القوم في الطب والكيمياء تفننوا في حفظ الجسد بالتحنيط، وأول خطوة في إجرائه أن يستفرغ الدماغ من مادة المخ وذلك عن طريق الأنف، ثم يقضي على الباقي ببعض العقاقير، ثم يشق البطن ليخليه من كل ما فيه من المواد الرخوة،وتعزل الأحشاء كالقلب والطحال والكبد والأمعاء، فتودع آنية خاصة، ثم يطهر الجوف بشيء من عطر ونبيذ ليحشي بعد ذلك بالمسحوق المر وغيره، ثم يرأب الشق بالخياطة فيصبح الجسد جلدا على عظم.

ثم يوضع في محلول النطرون سبعين يوما للتخلص مما فيه من رطب ورخو، ثم تجيء عملية التكفين، فتلف الأصابع ثم اليدان فالقدمان، ثم يلف الجسد كله برقائق من نسيج الكتان الذي يبلغ مئات من الأمتار أحيانا، ثم يمسح على الكفن بشيء من صمغ فيصير مومية، ثم يجهز لها قالب من الخشب الملون إذا كان الميت من أهل اليسار، ذلك لأن التحنيط كان صناعة يساوم أهلها ويتاجرون فيها كغيرهم من أهل الصناعات، وكان المحنطون مزيجا مختلطا من الناس، فيهم الكاهن الطبيب، والصانع الماهر، والعامل البسيط.

وظاهر أن عقيدة المصريين -بل أملهم في الخلود- قد اقتضاهم الحرص على تلك الصناعة التي كانت متأثرة بأسطورتهم الخالدة (أسطورة أوزيريس)، فالدعاء للميت بعد إتمام العملية أو في أثناء إجرائها -وهو يقابل عملية الغسل والتكفين عند المسلمين- فيه أثر واضح من الندب على أوزيريس في أسطورته المشار إليها حين يقال للميت: إنك سوف تحيا وسوف ترد إلى الصبا إلى أبد الآبدين.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: