عكس عقارب الحياة

«عكس عقارب الساعة، مع عقارب الساعة».. هذا ما نسمعه دوما في مسارات الحياة، أما ما مر بذهني فهو قضية عقارب الحياة، فهل نحن نسير مع عقارب الحياة أم عكس عقارب الحياة؟!

لنطرح قضايا عديدة تمر بنا في كل تفاصيل حياتنا سواء بيننا وبين أنفسنا أم مع من حولنا.. لنبدأ:

أولا: عقولنا، وما أدراك ما العقول؟! هناك من يعلي من شأنها ويعمل على جعلها مرجعا له في كل أموره – وهنا مكمن الخطر- فما وافق عقله قبل به على الرحب والسعة، وما عجز عقله من أن يصدقه أو رفضه عقله تركه مع الاعتزاز وتعظيم سلام لعقله!

أما قضية تسليم العقول للغير ليضع فيها ما يريد، وكأن المسألة «سلم وإستلم» فهل العقول أصبحت تحمل بالأيدي ولم تعد مكانها في الرؤوس؟!

تساءلت أنا هذا السؤال مستنكرة، فردت علي من ساءها الوضع قائلة: «نعم هناك من يطلب من الآخرين أن يسلم له عقله ونفسه حتى يبنيه دون أن يعارض، تقول: لن أسلم عقلي بمجمله لمن يرسم ويخطط به كيف يشاء، قد أستفيد وأتطور ممن حولي بعد أن أضع مبادئهم كلها تحت المجهر، فلا ينتظر أحد مني طأطأة رأسي كما الإمعة، تقول: فأنا أحتكم لمنهج وشرعة.

أقول: لو كان العقل وحده قادرا على أن يوجه الإنسان الوجهة الحق، فلماذا عقول كفار قريش لم تفكر كيف يصنع الواحد منهم إلهه من تمر يظل يعبده ويسجد له وإن جاع أكله؟!

لماذا عقولهم لم تدلهم على التوحيد؟ حتى جاء النذير فخلصهم من براثن الشرك والكفر إلى صفاء الوحدانية لله ونقاءها؟!

عكس عقارب الحياة لمن يفشل في النصح والإرشاد لغيره والدين النصيحة لكن وللأسف هناك من يخطئ في أسلوب النصح، فهذه تشتكي ممن تلبس ثوب الأم وهي ليست أما، فتقول: هي ليست أمي فلماذا تأخذ دور أمي بتوجيهي؟! سبحان الله الأم لا أحد على الحقيقة قادر على أن يأخذ محلها أبدا، فهي سلوى الروح ومهجة القلب ومكمن السر وحاملة الهم، فاطمئني، هي لك ناصحة ومحبة وداعية للخير، ومن الواجب أن نحسن التعامل بالنصح لقول الله ﷻ: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} فلا يحق لأحد أن يؤذي الناس بالقول أو الفعل بالشدة والغلظة لقوله ﷻ: {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}.

عكس عقارب الحياة لمن يصنف الناس بما يحملونه من أفكار أو منهج وينسى أو يتناسى أنه يتعامل مع إنسان يحمل أفكارا وخبرات وقد يمتلك إبداعات، نعم هناك من ينزعح لتلك التصنيفات كما كانت من تحدثني منزعجة فتقول: لماذا يصنف الناس بعضهم تصنيفات من مثل هذا سلفي وهذا من الإخوان وهذا ليبرالي وهذا علماني؟!! نعم أتفق معك تماما، الناس يتانسون كل إنجازاتك وعطاءاتك إن كانت موجهة للخير، طبعا فلا يعدم الخير من أحد كما قال ابن القيم فكل إنسان لديه بذرة خير تحتاج إلى سقاء.

نعم تصنيف الناس أمر موجود شئنا أم أبينا وحتى من ليس له تصنيف نصنفه نحن بأنه لا ينتمي لأحد وليس له توجه، ونبدأ نضع عليه ألف علامة استفهام؛ لأننا سيصعب علينا أن نعرف كيف يفكر! وسيكون السؤال الأول إلى من ينتمي هذا الشخص؟ وحول هذا نحوم…

نعم قد ينسى الناس حتى أسماءنا، ويتذكرون نهجنا، وهذا واقع في الحياة، وقد حصل معي من يسميني سلفية من إحياء التراث، نعم إني لأفخر بتوجهي وفي الوقت نفسه أنا اسمي إيمان إنسانة أولاً وأخيراً، فهمت الرسالة التي أرادت أن توصلها لي من تعيش عكس عقارب الحياة في عالم مثالي، فقد كنت مثلها، وللتو أفقت من الحلم الذي دوما يراودني وأشكر أختي في الله العزيزة فهي من جعلتني أصحو من هذا الحلم؛ لأنه ليس له مكان في مجريات الأحداث التي نعيشها اليوم، الكل متهم حتى تثبت براءته.

قراءنا الأفاضل وقارئاتنا الفضليات كل ما ذكرته اليوم من حوار دار بيني وبين ابنة العشرين عاما ريم، فهي مستاءة ممن يريد غسل الأدمغة وتفريغها ثم يحشونها بما يريدون، ومنزعجة جدا ممن لا يحسن النصح وينفر الناس، ومتضايقة من حشر الناس بالتصنيف، فكم مثل ريم يعيشون عكس عقارب الحياة، والحل الذي وافقتني عليه ريم وكل مسلم ومسلمة هو الرجوع للكتاب والسنة على فهم سلف الأمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top