عالم الـ «Facemoney»

لو ألقيت نظرة خاطفة على التعليقات التي كتبت حول موضوع تكذيب إشاعة إغلاق الموقع الشهير الفيسبوك في منتصف مارس القادم إغلاقا نهائيا سوف تقول: «لا يا شيخ!».

كان ذلك إثر ضغوط تعرض لها القائمون على الموقع الاجتماعي الأشهر، حيث اتُّهِموا من مراكز بحوث متخصصة بأنهم حوّلوا العلاقات البشرية لحالة من الحالات الإيقونيّة، الأمر الذي همّش الإنسان على حساب العالم الرقمي! وعليه، فبدل أن تكوّن صداقات افتراضية على الإنترنت ملتصقاً بالشاشة لساعات طويلة عليك أن تنزل للشارع وللناس الحقيقيين!

وبعد مسلسل اللّطم والعويل، وشقّ الصدور، وأخذ يد البدار والولولة من شباب وصبايا وعجائز الفيسبوك جاءتهم الفكرة بعد السكرة، ليتيقّظوا على واقع يقول: لا حقيقة سوى المال! وأنّ هذه الإشاعة كانت مجرد مزحة! مزحة ليختبروا الإدمان وليتوثّقوا من أرباحهم الخيالية، فبعمليّة حسابية بسيطة سنكتشف مقدار ما يدرُّ هذا الموقع على مالكيه من مئات ملايين الدولارات سنوياً من خلال الإعلانات والدعم والاشتراك المباشر وغير المباشر مع جهات تشبه لحد كبير ويكيليكس بقناع جديد.

ولسنا بحاجة بعدها لقائمة طويلة من التوضيحات لنحلّ المعادلة الديكارتية ولنوقفَ موجة الجدل البيزنطي حول إشاعة إغلاقه من عدمه! غير أننا -على ما يبدو- اعتدنا أن نكون فوق كراسي المتفرجين على الحدث دون التدخل في صناعته، متناسين أن المملكة تتصدر دول الشرق الأوسط في عدد مستخدمي الفيسبوك، حيث قدّر موقع «إحصائيات الإنترنت العالمية» عدد مستخدمي الموقع في السعودية بأكثر من مليونين ونصف نسمة من أصل عشرة ملايين مستخدم للإنترنت! هذا العدد المليوني مؤثر جدا لو فَهمَ الناس اللعبة وأدركوا أنهم ليسوا صيداً سهلاً من الممكن الإيقاع به وافتراسه على طاولة شركات الاتصال المساهمة في هذه الوليمة الفاخرة.

لكن الحالة الفيسبوكية الإدمانية هي أكبر بكثير من كل حالات الوعي الاجتماعي العام، هذا الوعي الذي لربما يحمينا بشكل مباشر من الوقوع في شراك الإشاعات التي تتعامل معنا -بكل ثقة- على أننا كائنات افتراضية فحسب، إنه عالم الـ facemoney الذي «ينشل جيوبنا» ويسرقنا ونحن نضحك!

بقلم: زكي الصدير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top