طرق وأساليب الغش في الامتحانات.. تطور وحداثة

تمت الكتابة بواسطة:

في قاعة اختبار الجغرافيا، يطوف المدرس المعروف بملامح وجهه الجافة التي لا تتغير مهما تغيرت فصول السنة، والذي تم القبض عليه متلبسا بالابتسامة مرة واحدة تبين فيما بعد أنها لم تكن كذلك وإنما كان يقوم بعمليات نظافة دورية لبعض أضراسه الخلفية! المهم أنه كان يقوم بجولة استطلاعية بين صفوف المختبرين من الطلاب عله يظفر بصيد ثمين، فجولاته التفتيشية تلك لا أذكر أنها عادت بخفي حنين مطلقا!

لم أغش في حياتي ولا أملك الجرأة لفعل ذلك، ولحسن حظي أن الطلاب الذين يجلسون بجانبي يمتلكون ذكاء فطريا يكفي لمنحي العلامة صفر مباشرة فيما لو حاولت الاستعانة بأحدهم! ومع ذلك فقد كان مرور ذلك الوحش بجانبي كافيا جدا لتجمد الدماء في عروقي وفقدان كل المعلومات التي تملأ رأسي! توقفت عن الكتابة عند اقترابه مني، ودخلت في نوبة دعاء خاشع عرفت معها معنى الخشوع الحقيقي وكانت دعواتي ترتكز على معنى واحد وهو أن يبعد الله ذلك الكائن عني مسافة لا تقل عن كيلو متر!

مر الموقف بسلام بالنسبة لي على الأقل إلا أنه لم يكن كذلك للطالب الذي يجلس خلفي مباشرة حين ألقي القبض عليه متلبسا بجريمة الغش بواسطة «سرواله الداخلي» الذي ملأه عن بكرة أبيه بكل المعلومات التي قد يحتاج إليها في الاختبار، ولما كانت المساحة كافية فقد رسم عليه خريطة تفصيلية لدولتي النيجر وتنزانيا! لم يكتفِ المراقب بكل العقوبات الإدارية من حرمان الطالب من الاختبار واعتباره راسبا بل علق وسيلة الغش تلك على أكبر شاخص في المدرسة حتى يراه الطلاب والمدرسون وجيران المدرسة!

أذكر حينها أن الطلاب اتعظوا لمدة يومين فقط ثم عادوا لابتكار وسائل غش جديدة، أما الطالب «الغشاش» فلم نر وجهه منذ ذلك اليوم بسبب عقوبة مدرسنا الكريم!

ما سبق كان في الماضي، فأساليب الغش تتطور من يوم إلى آخر شأنها شأن أي اختراع عتيق كما يحدثني صديقي المعلم عن أن الغش الإلكتروني هو صيحة العصر الآن، ويكمل أن سماعات «البلوتوث» جعلت التواصل بين الطلاب أكثر مرونة وأشد نقاء، مما يضمن بأن تسير الدماء في عروقهم بشكل طبيعي مهما صال وجال مدرسنا سالف الذكر!

بقلم: ماجد بن رائف


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: