شروط قبول الصلاة على النبي ﷺ

شروط قبول الصلاة على النبي ﷺ

نتحدَّث اليوم عن شروط قبول الصلاة على النبي [صلى الله عليه وآله وسلم]. وهو تتِمَّة للسلسة التي بدأناها من قبل بخصوص أمور ومسائل تتعلَّق بالصلاة والسلام على رسول الله [عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم].

هل هناك شروط لقبول الصلاة على النبي؟

واعلم أخي المسلم أن الصلاة على النبي ﷺ يقبلها الله ﷻ أبدا، فقد أتانا من السُّنَّة النبوية أن من يصلي على النبي ﷺ مرة يصلي عليه الله ﷻ عشرا، وهكذا.

وفي حديث شريف عن الصحابي أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله ﷺ إذا ذهب ربع الليل قام فقال: «يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه». قال أبي بن كعب: فقلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: «ما شئت». قال قلت: الربع؟ قال: «ما شئت وإن زدت فهو خير لك». قال فقلت: فثلثين؟ قال: «ما شئت فإن زدت فهو خير لك». قلت: النصف؟ قال: «ما شئت وإن زدت فهو خير لك». قال: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: «إذا يكفى همك ويغفر لك ذنبك». (وهذا الحديث رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه، وقال الإمام الترمذي: حديث حسن صحيح.

وقال الإمام ابن علان الشافعي -رحمه الله- في قول رسول الله ﷺ «ويغفر لك ذنبك»: لأنه يبارك على نفسك بواسطته الكريمة في وصول كل خير إليك، إذ قمت بأفضل الشكر المتضمن لزيادة الإفضال والإنعام المستلزمين لرضا الحق عنك ومن رضى عنه لا يعذبه.

وهذا القول أورَده الإمام في كتابه “دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين”.

وقيل أن من أقوال أبو سليمان الداراني: من أراد أن يسأل الله حاجته فليكثر بالصلاة على النبي ﷺ ثم يسأل الله حاجته، وليختم بالصلاة على النبي ﷺ فإن الله يقبل الصلاتين، وهو أكرم من أن يدع ما بينهما.

وقال العلماء: وكل الأعمال فيها المقبول والمردود إلا الصلاة على النبي ﷺ فإنها مقبولة غير مردودة.

ونُقِل عن ابن عباس قوله: إذا دعوت الله ﷻ فاجعل في دعائك الصلاة على النبي ﷺ فإن الصلاة عليه مقبولة، والله سبحانه أكرم من أن يقبل بعضا ويرد بعضا.

والذي ينبغي حمل كلام السلف عليه أنه لما كانت الصلاة دعاء، والدعاء منه المقبول ومنه المردود، وأن الله ﷻ قد يجيب السائل بعين ما دعاه، وقد يجيبه بغيره لمقتضى حكمته خرجت الصلاة من عموم الدعاء. لأن الله ﷻ قال في سورة الأحزاب {إن الله وملائكته يصلون على النبي}. وهذا بلفظ المضارع المفيد للاستمرار التجددي، مع الافتتاح بالجملة الاسمية المفيدة للتوكيد وابتدائها بإن لزيادة التوكيد.

وفي هذا دليل على أنه ﷻ لا يزال مصليا على رسوله ﷺ ثم امتن سبحانه على عباده المؤمنين حيث أمرهم بالصلاة أيضا ليحصل لهم بذلك زيادة فضل وشرف؛ وإلا فالنبي ﷺ مستغن بصلاة ربه ﷻ عليه، فيكون دعاء المؤمن بطلب الصلاة من ربه ﷻ مقبولا قطعا، أي مجانا؛ لإخباره ﷻ بأنه يصلي عليه، بخلاف سائر أنواع الدعاء وغيره من العبادات، وليس في هذا ما يقتضي أن المؤمن يثاب عليها أو لا يثاب، بل معناه وأن الطلب والدعاء مقبول غير مردود.

ومن هذه السلسلة أيضًا:

أضف تعليق

error: