خطبة: ذكرى الهجرة النبوية الشريفة – دروس وعبر

تمت الكتابة بواسطة:

خطبة: ذكرى الهجرة النبوية الشريفة – دروس وعبر

عناصر الخطبة

  • كانت الهجرة النبوية: هجرًا جميلاً وجهرًا نبيلاً.
  • الصحابة الذين هاجروا من وطنهم والأنصار الذين آووا ونصروا ضربوا أروع الأمثلة في الصدق والإيثار ليكونوا قدوة الأجيال.
  • ذكرى الهجرة النبوية تقوي إيماننا بأن النصر آت وترفع معنوياتنا في ذكرى إحراق المسجد الأقصى المبارك بأن الاحتلال سيزول يقيناً.
  • الذكرى الخمسون لإحراق المسجد الأقصى المبارك تجعلنا نعود إلى تاريخنا الإسلامي لنأخذ منه العبر والدروس بأن الحق أبلج والباطل لجلج.

الخطبة الأولى

نزل أول نجم من السماء على قلب النبي ﷺ في غار حراء ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ العلق: 1. فعاد ﷺ إلى بيته وقصَّ ما رأى على زوجته خديجة رضي الله عنها التي أخذته إلى ابن عمها ورقة بن نوفل فذكر له ما رأى فأخبره بأن قومه سيخرجونه من مكة المكرمة فقال ﷺ (أو مخرجيَّ هُمْ).

هذا دليل على أنه ﷺ كان يعلم بهجرته قبل أن يأتيه الإذن بالهجرة، وقد بدأ دعوة الحق بين أهل مكة المكرمة وظل ثلاث عشرة سنة يدعوهم إلى كلمة التوحيد (لا اله إلى الله محمد رسول الله) يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، هجر عوائدهم هجراً جميلاً دون إيذاء لأحد، وصدع بالحق دون خوف أو وجل، وجهر بالإسلام جهراً نبيلاً بعيداً عن السب والشتم وحاشاه من ذلك.

لقد كان لحروف كلمة (الهجرة) دلالة في معناها ومبناها فإن الهجر كان لعادات الجاهلية السلبية، ورضاه ﷺ بما عندهم من سمات طيبة وأخلاق حميدة «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ← أخرجه البيهقي.

ومع هذا الهجر لسلبيات أهل الجاهلية جهر ﷺ بالحق المبين ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ النحل: 94.

عباد الله… لقد تربى الصحابة رضي الله عنهم في مدرسة النبوة على العلم والعمل والصدق في النية والقصد والغاية فكانوا جنوداً لله ﷻ يحققون العبودية لله وحده لا شريك له فلا عجب إذا هجروا الأهل والمال والولد رضي الله عنهم وأرضاهم.

بدأوا بالهجرة سراً من بلدهم الذي عاشوا فيه إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة هاجروا طاعه لله ﷻ ورسوله ﷺ.

واستمر الحال حتى أذن الله ﷻ لنبيه ﷺ فهاجر معه الصدّيق أبو بكر رضي الله عنه وهو الذي ذكره القرآن الكريم في قوله ﷻ ﴿إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ التوبة: 40.

لقد وصل المهاجرون المدينة المنورة التي نور النبي ﷺ أرجاءها وبنى المسجد ليجمع بين الرُّكع السجود بين المهاجرين الذين هاجروا معه والأنصار الذين آووا إخوانهم المهاجرين وكانوا القدوة في الصدق والإخلاص والمحبة والإيثار ونبذ العنصرية والكراهية حتى غدت المدينة المنورة هي المدينة الفاضلة في تاريخ الأممِ والشعوب.

إنَّ المهاجرين والأنصار هم قدوة الأجيال على كرِّ الدهور و مرِّ العصور ولم تنجب أمةٌّ من الأممِ قبلهم ولا بعدهم مثلهم أو يقاربهم فأضحوا بصدقهم وإيثارهم أسوة لوحدة الشعوب في العالم طاعة للرب المعبود سبحانه.

لقد جاءت ذكرى الهجرة النبوية الشريفة في هذه الأيام لتقوي إيماننا وتشد من عزمنا لنوقن بأن نصر الله آت ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُم﴾ محمد: 7.

إن هذه الذكرى ترفع من معنويات الأمة شيباً وشباباً رجالاً ونساءً بأن المسجد الأقصى المبارك الذي تعرض للحرق من يهود قبل خمسين سنة لن يستكين، ولن يلين، ولن يذل وسيبقى هذا المسجد المعظم عظيماً ما دامت السماوات والأرض وأن الاحتلال سيزول عنه يقيناً فقد كتب الله ﷻ النصر لرسله و لأوليائه ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ المجادلة: 21.

تأتي الذكرى الخمسون لإحراق المسجد الأقصى لتحرك عقولنا وقلوبنا وتذكرنا بتاريخنا الإسلامي الخالد الذي نفتخرُ به من حيثُ حضارتهُ وصدقهُ وأخلاقهُ وعدم الكراهية للإنسان من حيث هو إنسان.

يذكرنا تاريخنا الماجد بأن الحق ثابت وأن الحق أبلج وأن الباطل زائل لا محالة لا يدوم، وما تحرير المسجد الأقصى من الصليبيين عن الأمة ببعيد فقد أصابه من الأذى ما أصابه وظل صابراً حتى قضى الله ﷻ بتحريره من براثنهم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران: 102.

عباد الله: أعلموا أنه لا هجرة بعد الفتح و إن كان من هجرة في هذا الزمن فهي هجرة الذنوب والمعاصي، قال ﷺ: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» ← صحيح البخاري.

فيجب على المسلم هجر الذنوب والمعاصي تقرّباً إلى الله ﷻ، والمبادرة إلى التوبة والرجوع إلى الله ﷻ، وخاصة في هذا الشهر الكريم، شهر محرم الذي هو نفحة من نفحات الله ﷻ وأيامه أيام مباركة يستحب فيها كثرة الصيام لقول النبي ﷺ: «أفضل الصيام، بعد رمضان، شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة، بعد الفريضة، صلاة الليل» ← رواه مسلم.

والحمد لله رب العالمين..

المزيد من الخطب حول موضوع الهجرة النبوية

تجدون لدينا بعض المقترحات الرائِعة؛ منها:

والله ﷻ ولي التوفيق.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: