خطبة عن تارك الصلاة «مكتوبة» مؤثرة

أعتقد أن كثير من إخواني قد استمع سابقًا خطبة عن تارك الصلاة للشيخ محمد حسان، أو لماذا لا تصلي للشيخ محمد حسين يعقوب؛ وأنا واحد منكم. فمثل هذه الخُطَب كانت -ولا تزال- علامة فارقة في حياة كل مسلم، خاصَّة المراهقون والشباب.

بالطَّبع ما ذكرناه أعلاه على سبيل المثال لا الحصر. فهناك الكثير من الخطباء الأكارم من شيوخنا الأفاضل ممن اشتُهر عنهم خُطَب حول تارك الصلاة؛ ومنهم: الشيخ كشك، خالد الراشد، محمود الحسنات، صالح المغامسي.. وغيرهم.

ومن هذا المنطلق، قررنا اليوم أن نوفر لكم خطبة جمعة مكتوبة عن تارك الصلاة للشيخ توفيق الصايغ -جزاه الله خيرا-.

مقدمة الخطبة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونؤمن به ونتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه ومختاره من خلقه وخليله.

أشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح للأمة وجاهد في الله حق الجهاد حتى أتاه اليقين صلوات الله وسلامه عليه عدد النسائم والخلائق والمدى.

صلى عليك الله يا علم الهدى، يا خير من وطأ الثرى متواضعًا لله ميمون الطليعة مرشدا.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾.

﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

إلهي لست للفردوس أهلا ولا أقوى على نار الجحيم، فهب لي توبة واغفر ذنوبي فإنك غافر الذنب العظيم.

الخطبة الأولى

أما بعد، أيها السادة ترى لي وأنا الذي دخلت وإياكم إلى المسجد الجمعة الماضية لنتحدث عن الصلاة، وما كان لنا أن نخرج منه، لأن حال المؤمن في المسجد كحال السمكة في الماء.

تراءى لي وأنا الذي فتحت وإياكم ملف الصلاة في الجمعة الماضية وهو ملف عظيم ثقيل لا ينبغي أن يُستغرق في خطبة واحدة وإنما يمتد إلى سلسلة من الخطب.

نبينا رحمة مهداة

تراءى لي ارحم الخلق بالخلق، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة الذي لم تعرف السماء مظلة ولا الأرض مقلة نسمة كانت أرحم من محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وآلة وسلم- الذي يقول الله ﷻ عن رحمته ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ﴾.

الرحمة التي يقول عنها شوقي:

وَإِذا رَحِــمـتَ فَـأَنـتَ أُمٌّ أَو أَبٌ
هَـذانِ فـي الـدُنيا هُما الرُحَماءُ

تراءى لي وهو يأمر جماعة من أصحابه أن يحتطبوا وأن يجمعوا حطبا ثم يضرم نارًا على بيوت في المدينة نعم سيماهم أنهم من المسلمين وأنهم من جماعة المسلمين فيحرق النبي ﷺ الذي نهى أن يعذب بالنار أحد يحرق عليهم بيوتهم.

ما الذي صدك يا رسول الله؟ وما الذي حجبك ومنعك؟ وأنت القائل -صلى الله عليك وسلم- «لقد هممت أن آمر بحطب فيحتطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم».

ما الذي منع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لولا ما فيها من النساء والذرية.

حال تارك الصلاة

في مشروعنا الذي نتحدث عنه حول إعادة تعريف الأمور، وحول إعادة صياغة بعض المسلمات التي تربينا عليها وسمعناها كثيرا ووعتها قلوبنا.

أقول: ألم يمر هذا الحديث على تارك الصلاة؟ ولا أعني تارك صلاة الجماعة، وإنما الذي تركها ثلاثة أيام فأزيد، غفلا عن الصلاة، لا يشهدها لا يركع لها ولا يسجد، ولا يكبر لها ولا يخر، ولا يتطهر لها.

ألم يمر عليه هذا الحديث؟ وأنا في خطبة الجمعة هذه سأطرح سؤالات الحيرة على أولئك الذين ارتضوا أن يكونوا مع الخالفين وارتضوا أن يكونوا مع القاعدين لا يصلون ولا يركعون ولا يسجدون.

ذكر الصلاة في القرآن

أيها السادة؛ ورد ذكر الصلاة في كتاب الله أزيد من مئة مرة في خمس وثمانين مرة ورد باسم الصلاة؛ أولها في البقرة ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ﴾.

ووردت في خمس عشرة مرة على صيغة الفعل، يا تارك الصلاة ألم تهزك الصلاة في المرة الأولى؟ والثانية والعاشرة حدثني عن قلبك عن وجدانك عن كيانك عن شعرات جسدك والله ﷻ يكرر على مسمعك الصلاة قريبا من مئة مرة.

هل قرأ تارك الصلاة قول الله ﷻ ﴿فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ | الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ﴾؟

الله جعل وادٍ في جهنم للغافلين عن صلاتهم.

قال أهل العلم بالتأويل: الساهون عن صلاتهم ليسوا تُراك الصلاة، هم الغافلون عن الصلاة، والمتشاغلون عنها.

هؤلاء توعدهم الله بالويل وتوعدهم بوادٍ في جهنم، فكيف لمن ترك الصلاة؟

أيها السادة حين يتحدث علماؤنا وفقهاؤنا عن ترك الصلاة فإنهم يتحدثون عن من ترك ثلاث صلوات متتابعات، يعني من ترك الصلاة يومًا واحدا فأزيد.

يا تارك الصلاة ألم تسمع “حي على الفلاح”؟

وحديثنا اليوم لمن تركها سنوات وربما أشهر “يا تارك الصلاة” ضمن أسئلة الحيرة التي آمل أن تبقى عندك وفي خلدك وأن تتحرك في ذهنك.

الحديث طبعا ليس موجها إليكم لأنكم من عمار المساجد، لكن عسى أن يصل هذا الحديث عبركم ومن خلالكم إلى من هجر الصلاة ومن ترك المساجد والمجامع.

أقول لتارك الصلاة: لما تخلف تارك الصلاة عن نداء الفلاح الذي ملأ بصوت بلال سمع الدنيا، وضجت به البلاد، ونقله الأثير حتى من أروقة الحرم إلى سمع الدنيا وإلى آذان العالم وتهادت به المآذن تطرب به يمينا وشمالا “حي على الفلاح” “حي على الفلاح” ما له لم يحرك في تارك الصلاة ساكنا.

وحين ترك حي على الفلاح تُرى بأي فلاح يدرك؟ تاركا هذا الفلاح الذي يتقاطر إليه الناس إلى بيوت الله زرافات ووحدانا.

أسألك يا الصلاة: هل أنت من ترك الصلاة؟ أم الصلاة حقا هي التي تركتك؟ ﴿وَلَكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ﴾.

ثم يا تارك الصلاة ضمن أسئلة الحيرة، أسألك فأقول بأي شيء فضلت على إبليس؟ وإبليس دُعي أن يسجد مرة فأبى فحلت عليه اللعنة، وأنزله الله ﷻ أسفل سافلين، وتوعده رب العالمين بجهنم أبد الآبدين ودهر الداهرين.

وأنت قد رفضت الصلاة والسجود والركوع، ربما فاقك إبليس في هذه الجزئية.

أنه كلما قرأ الواحد منا سجدة تلاوة فسجد، تحسر إبليس وقال: آوه أمر ابن آدم أن يسجد لله فسجد، وأمرت أن أسجد فأبيت.

يا تارك الصلاة التفاتة المصلي في صلاته اختلاس يختلسه الشيطان من صلاته فينقص من أجرها وينقص من حظها، وأنت الذي التفت عن الصلاة بالكلية ماذا صنع الشيطان بك؟ لقد تلاعب بك أيما تلاعب.

حال من ضيع الصلوات الخمس

أيها السادة ثبت عن المطيبة الأفواه بالصلاة والتسليم عليه أنه قال «الذي تفوته صلاة العصر، كأنما وتر أهله وماله».

وفي حديث آخر أيضا صحيح قال ﷺ «من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله».

ما حال من ضيع الصلوات الخمس؟ لم يجد سيدي ﷺ حين جاءه الأعمى يتهادى معتذرا يطلب المعاذير من رسول الله، يا رسول الله أنا رجل أعمى والطريق مخوفة وليس لي قائد يقودني إلى المسجد فقال له ﷺ «أتسمع النداء؟» قال: نعم، قال «إذا أجب».

لم يجد ﷺ للأعمى عذرًا من أن يتخلف عن صلاة الجماعة، والرحمة كان أرحم به من أن يشق عليه، ولكن لِعظم الصلاة وثقلها أمره متى ما سمع النداء أن يجيب، وأن يشهد الصلاة مع المصلين وأن يركع مع الراكعين.

هذا في حال حضور الصلاة جماعة، المتخلفون عن الصلاة بالكلية هل يسمعون النداء كما يسمعه الأعمى؟ أم هم الذين صمت آذانهم؟ وعميت أبصارهم عياذاً بالله.

وفي الحرب حين تكون أشد ما تكون فتنة ولا شيء أشد فتنة على الناس من بارقة السيوف على رؤوس الخلائق تحز رقابًا وتخترق أجسادًا.

في الحرب الشديدة لم يضع الله ﷻ الصلاة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا عن صحابته ﴿وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ﴾.

يا تارك الصلاة لماذا لا تُصلي؟

هل سمع تارك الصلاة حديث النبي -عليه الصلاة والسلام- في آخر لحظاته من الدنيا وهو الذي تكالبت عليه سكرات الموت.

ورسول الله يوعك كما يوعك الرجلان فقام -عليه الصلاة والسلام- ليصلي فأغشي عليه بأبي هو وأمي وسقط، ثم أفاق فقال «ائتوني بسبع قرب لم تفتح أوكيتهن» ثم جُعل له طست فصب عليه من الماء -عليه الصلاة والسلام- فلما وجد نشاطًا بأبي هو وأمي قام ليصلي فأغشي عليه ﷺ ثلاث مرات.

ورسول الله يحاول أن يقوم ليصلي بالناس فلم يحر ولم يستطع، هل سمع تارك الصلاة هل سمع هذا الأثر؟ هل سمع أن عمر بن الخطاب -رضي الله ﷻ عنه-؟ لما شق الشقي أبو لؤلؤة المجوس بطنه -رضي الله ﷻ عنه- أمسك بشقي بطنه وهو يقول أصلي الناس؟ أصلى الناس؟

الصلاة نور ونجاة يوم القيامة

يا تارك الصلاة رسول الله ﷺ يقول «من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة إلى يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وأبي بن خلف».

يا تارك الصلاة؛ حين فرحت بفتوى من خفف عليك من أئمة المسلمين وأعلامهم فلم يخرجك من دائرة الإسلام لأنك زعمًا لم تجحد وجوبها وإن كنت قد تركتها.

حين فرحت بذلك وأنت تزعم أنك لم تجحد وجوبها، ألم تجحد قرآن الله ﷻ والقرآن يحدثك عن تارك الصلاة في السؤال الأعظم الذي يلقى على سكنة النار فيقال لهم ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ﴾.

أول إجاباتهم ﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾.

وأول الإجابات منبعًا آخرها لأن من هدمت عنده الصلاة هدمت عنده الحياة ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ | قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ | وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾.

فليتك إذ لم تجحد الصلاة لم تجحد القرآن فهما وتدبرا.

يا تارك الصلاة خصمك أحمد بن حنبل الذي يراك كافرًا بتركها سواء تركتها تهاونًا وكسلاً أو تركتها جحودا لوجوبها فإن نجوت من أحمد بن حنبل فإنك لن تنجو من الشافعي الذي لا يراك كافرًا ولكن يرى وجوب قتلك فأنت إذا بين التكفير؟ وبين القتل.

يا تارك الصلاة؛ ما لك حيرت زوجك وأولادك وملابسك؟ فهم محتارون لا يدرون أيلابسون مسلمًا أم كافرا؟ الذي يؤاكلونه لا يدرون في حكم الله ﷻ أمسلم هو أم كافر؟ يُصلى عليه أو لا يصلى؟ يرث ويورث أو لا يرث ولا يورث؟

لا حظ في الإسلام لمن أضاع الصلاة

اسمع؛ بعيدا عن المشيخة الكبرى اليوم مشيخة الأزهر، بعيدًا عن اللجنة الدائمة للإفتاء، عن فتاوى هيئة كبار العلماء وكلهم على العين والرأس أذهب بك بعيدًا إلى الصدر الأول لأنقل لك فتوى عمر -رضي الله ﷻ عنه- وأرضاه حين يقول ابن الخطاب: لا حظ في الإسلام لمن أضاع الصلاة.

ويقول عبد الله بن شقيق وكان محمد ﷺ لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة.

هل تارك الصلاة كافر؟

أما سيد السادات أحمد ﷺ فتقطع جهيزة قول كل خطيب حين يسطر فتوى لا داعي لتفسيرها وتفكيكها «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر».

وفي حديث جابر «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة».

ثم أعود بك إلى الصحابة أخرى فأروي لك علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين يقول: من لم يصلي فهو كافر، وبن مسعود يقول: من لم يصلي فلا دين له، وبن عباس يقول: من ترك صلاة واحدة متعمدا لقي الله وهو عليه غضبان.

يا تارك الصلاة، أنت إذ تركت الصلاة ولم تشهدها مع المسلمين، أكنت ترجي أن يصطفوا على جثمانك حين تموت ليصلوا عليك صلاة الميت؟

يا تارك الصلاة مثل لنفسك حين يُدعى الناس إلى السجود يوم القيامة فيخرون لله سجدًا وتتخشب أنت لا يتحرك منك ضلع، ولا ينحني منك ضلع ﴿يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ | خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ﴾.

يا تارك الصلاة، المنافقون سُكان الدرك الأسفل من النار لم يتركوا الصلاة بالكلية وإنما كانوا يأتون إلى الصلاة ولا يقطعونها وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس.

وأنت أنت يا قاطع الصلاة أين اتخذت مكانك؟ وأين حجزت مقعدك؟ إذا كان المنافق في الدرك الأسفل من النار.

أرجو أن لا أكون قد قسوت على تارك الصلاة، وبعض القسوة مطلوب، قسا ليزدجروا، ومن يك راحمًا فليقس أحياناً على من يرحمُ.

والقسوة مطلوبة في مواضعها، ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر، كوضع السيف في موضع الندى.

أسأل الله ﷻ بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، ولو كانت لنا في هذا اليوم دعوة مستجابة لصرفناه إلى تراك الصلاة أن يعودوا إلى المساجد وإلى روض الصلاة وأن يعودوا ساجدين ومصلين ومهللين ومكبرين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والمواعظ والذكر الحكيم.

أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه قد أفلح المستغفرون.

وهنا أيضًا: خطبة عن الصلاة مكتوبة ومنسقة – بآيات وأحاديث وقصص مؤثرة

الخطبة الثانية

الحمد لله على إنعامه والشكر له على توفيقه وامتنانه، ولا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وصلى الله وسلم وبارك على خير خلق الله محمد وعلى آله وصحابته وإخوانه.

أما بعد؛ أيها السادة الأمم تفقد هويتها حين تفقد مقوماتها، ألا وإن من مقوماتها اللغة والهوية والتاريخ.

مكانة التاريخ الهجري

الأمم تفقد الجغرافيا حين تفقد إرثها وحين تفقد هويتها، إنها دعوةٌ لنعيد على الأقل في ذهن الناشئة التعريف بهذا التاريخ، التذكير بعمر -رضي الله ﷻ عنه-، بهجرة النبي عليه وآله الصلاة والسلام.

ولو لم يبقى من هذا التاريخ إلا رُزنامة يطالعها الأبناء فيعرفون أن شهر الله المحرم ما بعده هو صفر ويحفظون هذه الأشهر ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾.

هذه أشهرنا نحن، الأشهر القمرية وتلك الشمسية لا تمت إلينا بصلة، ولولا ما ألجأتنا إليه الحاجة لما لجأنا إليها.

لست رجعيا أدعو إلى نبذ التاريخ الذي به عماد الحياة اليوم لكنني أطالب أن يعود التاريخ الهجري إلى الأبناء، إلى الناشئة، أن نفخر به ضمن ما نفخر به من مكتسباتنا ومن عناوين هويتنا.

أسأل الله جل وعلا أن يردنا إليه ردا جميلا.

الدعاء

  • اللهم أنت الحي الذي لا يموت، والقيوم الذي لا ينام جل ثناؤك، وعظم سلطانك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك ولا إله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بك يا سامع الدعوات، يا قابل الرجاءات.
  • اللهم يا خير مجيب، يا أحسن من سمع، يا أكرم من أعطى، يا أجود من منح باسمك الأعظم، ووجهك الأكرم وأنت الحي القيوم ذو الجلال والإكرام، والعظمة والسلطان.
  • يا من خلق فسوى، وقدر فهدى وأعطى كل شيء خلقه ثم هدى، يا من على العرش استوى نسألك يا الله أن تعمنا برحمتك، وأن تشملنا بعفوك وعافيتك، وأن تغفر لنا أجمعين، وأن تسامحنا أجمعين.
  •  إلهنا نغفر خطأنا وعمدنا، وهزلنا وجدنا وكل ذلك عندنا.
  • لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ظلمنا أنفسنا ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا وتجاوز عنا يا كريم.
  • اللهم اغفر لنا الزلات، وتحمل عنا التبعات، اللهم اغفر لنا الخطيئات، اغفر جرائمنا وجرائرنا وآثامنا وصغائرنا وكبائرنا.
  • اللهم اغفر لنا ما أسررنا وما أعلنا وما أنت اعلم به منا.
  • اللهم اغفر لنا ما أحصاه الكتبة ونسيناه يا أرحم الراحمين.
  • الهناء وأشمل بالمغفرة آبائنا، وأمهاتنا، اللهم اجعل لهم من العفو والعافية أكبر الحظ وأعظم النصيب، اللهم إنا نشهدك أنهم رحمونا فارحمهم، وأكرمونا فأكرمهم وسترونا فاسترهم وأثرونا فأثرهم، اللهم إنهم قد غدونا فأخذهم، اللهم إنهم قد أعطونا فأعطهم، اللهم وما قصرنا في حقهم وجنابهم فسد عنا الخلل يا أكرم الأكرمين.
  • اللهم استعملنا في طاعتهم، واستخدمنا في برهم، وذللنا لخدمتهم، ومتعنا بطاعتهم، وأسعدنا بدعواتهم.
  • اللهم عد على آبائنا الميتين بالمغفرة والرحمة، صب على قبورهم شآبيب الرحمة، وسحائب المغفرة، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم وأعفو عنهم، وأكرم نزلهم ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، ونقهم من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.
  • يا الله يا الله اشملهم في أدعية الداعين، اللهم اشملهم في أدعية الداعين، واشملهم في سؤالا السائلين يا رب العالمين، واجعل قبورهم من رياض الجنان يا أكرم الأكرمين.
  • اللهم صلهم بحبل عفوك، وكريم مغفرتك، وافتح لهم بابًا إلى الجنة حتى يأتيهم من روحها وريحانها يا أكرم مسؤول.
  • اللهم وبارك في حياة الأحياء من آبائنا وأمهاتنا، يا رب بارك في أسماعهم، وبارك في أبصارهم، وبارك في صحتهم، وبارك في قوتهم، وادفع عنهم الأسقام والأوجاع والآلام والأحزان، اللهم لا تكدر لهم صفوا ولا تضيق لهم عيشا.
  • اللهم إني أسألك لهم عيشًا قارا ورزقا دارًا، وأن تُقر أعينهم بصلاح ذراريهم يا رب العالمين، وأن تحسن لهم الخواتيم يا أكرم الأكرمين مع طول عمر وصلاح عمل يا رب العالمين.
  • إلهنا ومولانا وخالقنا وبارئنا نسألك يا حي يا قيوم أن لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، وألا تجعل في قلوب الذين آمنوا غلا علينا.
  • اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم أن تؤلف بين قلوب الأشقاء، وأن توحد بين الأشقاء دولًا وأفرادا وجماعات يا رب العالمين.
  • اللهم وكما أقررت أعيننا بعود المياه إلى مجاريها، اللهم فأتم علينا النعم، وأكمل لنا المنن إنك على كل شيء قدير.
  • اللهم اجعل هذا البلد دوحة للأمن والإيمان، ومأرزا للسنة والقرآن، وارزق إنسانة من كل خير وبر يا كريم يا منان.
  • اللهم واحفظ بلاد الحرمين الشريفين من كل شر وسوء وفتنة وآفة وسائر بلاد المسلمين.
  • اللهم كن للمسلمين المستضعفين في كل مكان يا رب العالمين.
  • إلهنا أبرم لأمة الخليل محمد ﷺ أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويتابُ فيه على أهل المعصية ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.
  • اللهم وفق إمامنا وولي أمرنا بتوفيقك، خذ بناصيته للبر والتقوى ولما يحب من العمل وترضى، اللهم وفقه لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين وسائر حكام المسلمين.

والحمد لله رب العالمين.

والآن، وبعد أن قدَّمنا لكم أعلاه خطبة عن تارك الصلاة؛ مكتوبة ومؤثرة. نوَد أن نترككم مع مقترح طيّب أيضًا؛ وهي: خطبة عن عذاب القبر.. تهز القلوب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top