يكثُر الحديث والنقاش وتساؤل المسلمين حول سؤال هام، وهو: كيف يتم حساب زكاة المال ؟ وهنا نبدأ مقالنا بالحديث الشّريف، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان).
فالزكاة هي ركن من أركان الإسلام، ودعامة من دعائمه التي لا يكتمل إلا بها، ولا يقوم إلا عليها، وهنا سوف نلقي الضوء على موضوع الزكاة ومدى أهميتها في الشريعة الإسلامية، مبينين وقت وجوبها وعلى من تجب، ولمن تجب، بالإضافة إلى (كيف يتم حساب زكاة المال؟).
المقصود بالزكاة
تطلق كلمة “زكاة” في اللغة على معنى النماء والزيادة والبركة، كما يراد بها التزكية أي التطهير أو الطهارة بمعناها الحسي والمعنوي.
أما في اصطلاح الفقهاء والشرعيين فإن كلمة زكاة يراد بها ذلك الجزء من المال الذي يخرجه المسلم من ماله البالغ النصاب والذي حال عليه الحول، لجهات مخصوصة وبشروط مخصوصة.
ولعل إخراج هذا المال ينطوي فعلياً على النماء والبركة والسعة في الرزق بصورهم الحسية والمعنوية، كما أنها تطهر الأموال وتزكيها، لذا جرى إطلاق كلمة الزكاة على ما يخرجه المسلم من ماله.
حكم إخراج زكاة المال
إخراج زكاة المال ركن من أركان الإسلام وفرض عين على كل مسلم مكلف مالك للنصاب، لا يسقطه التقادم، ولا تغني عنه الصدقات.
ولعل هناك فارق بين بين الزكاة التي هي فرض وواجب على المسلم وهي واجب مشروط بشروط معينة متى تحققت تحقق الوجوب ومتى انتفت انتفى الوجوب، وبين الصدقة التي هي من باب التطوع أو النافلة وهي أمر مستحب في حق المسلم حتى وإن لم يكن ذو ثراء أو سعة من المال، ولا يشترط فيه قدر محدد ولا وقت محدد وهي من فضائل الأعمال.
الشروط التي توجب على المسلم إخراج زكاة المال
بما أن زكاة المال فرض وركن فإن هناك شروط معينة يجب توافرها حتى تكون الزكاة واجبة على المسلم، وتلك الشروط منها ما هو متعلق بصاحب المال ومنها ما هو متعلق بالمال.
شروط وجوب الزكاة المتعلقة بصاحب المال:
- الإسلام: فلا تجب الزكاة على الكافر.
- الحرية: فلا تجب على العبد ولا الأمة.
أما الشروط المتعلقة بالمال فهي:
- الملكية التامة للمال: أن يكون المال ملكاً لصاحبه مستقرا عنده، فإن كان صاحب المال والمالك له لا يتمكن من ماله ولا يستحوذ عليه فلا تجب عليه الزكاة، كأن يكون هذا المال ديوناً لا يتمكن منها.
- أن يكون المال قابلاً للنماء والزيادة.
- أن يكون بالغاً للنصاب الذي تجب فيه الزكاة: فإن كان أقل من ذلك انتفى الوجوب.
- أن يكون قد حال عليه الحول: أي مر على امتلاك المال عام كامل، وهذا فيما يتعلق بزكاة المال أو الأنعام.
- الزيادة عن الحاجة: وضابط الزيادة أن يستوفي المسلم حاجاته وحاجات أهله بلا إسراف ولا تقتير، فإن فاض المال عن تلك الحاجة وجب فيها الزكاة، ومما يدل على ذلك حديث رسول الله “صلى الله عليه وسلم” إذ يقول: ابدأْ بنفسِك فتصدَّقْ عليها، فإن فضَلَ شيءٌ فلأهلِك، فإن فضَل عن أهلِك شيءٌ فلذى قرابتِك، فإن فضَل عن ذي قرابتِك شيءٌ فهكذا وهكذا، يقولُ: فبين يدَيك وعن يمينِك وعن شمالِك).
- السلامة من الدين: حيث أنه لو كان إخراج الدين يجعل المال أقل من النصاب فلا تجب فيه الزكاة.
النصاب الذي تجب عليه الزكاة
لا تجب الزكاة في مطلق المال وإنما تجب فيما بلغ حدا معينا منه، حدده الشرع في الأنعام والأموال، أما الأموال من الذهب والفضة فيقدر النصاب فيها للذهب بعشرين مثقالاً والمثقال هو ما يعادل وزن مئة شعيرة، أما الفضة فيقدر بما يزن 218.75 درهما عرفياً، وفي الأنعام يختلف النصاب من نوع لآخر ففي الغنم والماعز يقدر بأربعين رأساً، وفي البقر يقدر بثلاثين رأساً، أما في الإبل فيقدر بخمس منها.
كيف يتم حساب زكاة المال؟
هناك طريقتين لمعرفة قيمة ما يجب إخراجه من الزكاة، فإما أن يتم قسمة المال المراد إخراج الزكاة منه على 40 فيكون الناتج هو قيمة ما يجب إخراجه.
وإما أن يتم قسمة المبلغ على 100 ثم ضرب الناتج في 2.50 لنحصل على قيمة المبلغ واجب الدفع.
ثمار إخراج الزكاة
إن لإخراج الزكاة ثمار طيبة على الفرد وعلى المجتمع كله، فهي حق للفقير في مال الغني، وهي نظام من التكافل الاقتصادي والاجتماعي الذي يسد ثغرات يحدثها الفقر والحاجة، ويؤلف بين القلوب ويحارب الحقائد والضغائن والحسد، ويعزز خلق مجتمع متماسك ومتضامن.
ولعل إخراج الزكاة ينفع المزكي قبل أي شخص آخر، فهو يزكي ماله ويطهره وبفضله يبارك الله له فيه ويدفع عنه المحن والأمراض والهموم، والأسقام.
ولا يقتصر انتفاع المسلم بزكاته على حياته الدنيا بل يمتد النفع ليشمل آخرته، فهو يدخر لنفسه بتلك الزكاة من الأجر والثواب العظيم ما ينجيه يوم الموقف العظيم، وما يشفع له بين يدي ربه يوم لا ينفع مال ولا بنون.
وفي الختام
كان هذا مقالنا بعنوان (كيف يتم حساب زكاة المال) والذي تناولنا فيه عبادة من أوجب العبادات وقربة من أحب القربات، نسأل الله أن ينفعنا وإياك عزيزي القارئ بما تخطه أقلامنا.
اترك تعليقاً