حد الحرابة من الحدود السبعة المقررة شرعًا

حد الحرابة من الحدود السبعة المقررة شرعًا

تشتكي كل المجتمعات من أصناف العنف والجرائم التي تستشري فيها كلما ضعف الوازع داخل أفرادها، ونحمد اللهﷻعلى أن مجتمعنا ينعم بنعمة الإسلام ونعمة تطبيق شرع الله ولكن هناك مخالفات وجرائم وأخطاء، ومنها الإفساد في الأرض والحرابة التي ارتكبها أو سعى لارتكابها أفراد تلك الفئة الباغية الفاسدة الخارجة عن الدين والإجماع، فما واجب المجتمع تجاه هؤلاء المجرمين الخارجين عن الإجماع؟

ونحمد الله على أن شرعنا القويم لديه من الوسائل والأحكام الحازمة التي تدرأ عن مجتمعنا مثل هذه الشرور، فهؤلاء المجرمون إنما يحاربون الله ورسوله ولهذا كان من المهم تطبيق حد الحرابة عليهم، فهم بإقدامهم على هذه الجرائم يكونون محاربين للمجتمع وعاملين على إفشاء الرذيلة فيه.

وقد تحدثنا مع عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والشيوخ حول الآثار الحميدة التي تنجم عن هذا الحرص في تطبيق الحدود.

أهمية إقامة الحدود

في البداية تحدث فضيلة الشيخ إبراهيم الخضيري القاضي بمحكمة التمييز عن مكانة وأهمية إقامة حكم اللهﷻوقال: إن إقامة حكم الله ﷻ وشرعه المطهر وتنفيذ حدوده في الأمة هو عبادة محضة وحق للهﷻوداخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ: «وحق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً»، وأضاف الخضيري: فقد ثبت في الصحيحين عن حديث عبادة بن الصامت -رضي الله عنه- أن رسول الله ﷺ قال: «بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا وتأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له» وقد جاء في الأثر «لأن يقام حد من حدود الله ﷻ خير من أن تمطر السماء أربعين يوماً»، مشيراً إلى أن ولي أمر المسلمين خادم الحرمين الشريفين وقضاة المسلمين والأمراء الفضلاء ورجال الأمن الذين يطبقون هذه الأحكام كل في مجال اختصاصه يتعبدون الله ﷻ بتنفيذ هذا الحكم، هكذا نحسبهم والله حسيب الجميع.

إقامة الحدود رحمة

وهذه الأحكام لها آثار عظيمة جداً على الأمة، أولها أنها تقطع الجريمة، فإذا عُوقب العتاة المجرمون السراق والمحاربون لله ولرسوله ﷺ كان ذلك رادعاً لغيرهم ممن تسول لهم أنفسهم ارتكاب الجرائم، وكان سيف العدالة فاصلاً بين الحق والباطل في استتباب الأمن وكان ذلك من أعظم نعم الله ﷻ في تحقيق الأمن للمسلمين، وهو أيضاً رحمة من الله للأمة، فإقامة حدود شرع الله المطهر في الناس سبب من أسباب الاستقرار الاقتصادي والنماء المدني والأمن السياسي والفكري والاجتماعي قالﷻ {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (سورة الأعراف: 96).

و{وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} (سورة النحل: 112).

فإذا أقيم شرع الله انجلى الكفر وذهبت الظلمات وأشرقت شمس الأمان والدليل على ذلك أيضاً قوله ﷻ: {الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} (سورة الحـج: 41).

وإقامة الحدود من التمكين في الأرض، مشيراً إلى أنه رحمة للأشخاص الذين عليهم الحد، فإن كانوا تابوا ورجعوا إلى الله ﷻ كان كفارة لهم في الدنيا وعقوبة دنيوية لهم يكفر الله لهم ما عملوه في حقه ﷻ وهو أرحم الراحمين، وربما تفضل الله جلَّ وعلا فتحمل حقوق المخلوقين عن هذا التائب المقبل إليه، وأما إن لم يكونوا قد تابوا فهو قطع لشرهم ونبذ لفسادهم وإبعاد للأمة ولجسدها عن أن يرى هذا الداء الخبيث – وهو الإفساد في الأرض – فيقتل الأمة جميعاً، ولهذا قال الإمام مالك يُقتل الثلثان لاستصلاح الثلث.

واقرأ هنا: لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع

القتل تعزيراً

وقد أجاز شيخ الإسلام ابن تيمية ومن قبل الإمام أحمد بن حنبل وجمع غفير من علماء الأمة القتل تعزيزاً للمصلحة، وجعلوه لولي الأمر منوطاً لتحقيق الأمن والأمان للأمة، ولهذا فإن بلادنا مضرب المثل – ولله الحمد والمنّة – في الأمن والأمان وذلك بسبب إقامة شرع الله المطهر.

ونحن أيضاً نسعد إذا نشرت أحكام السرقة والحرابة على الملأ، فلهذا ثمرات عديدة من أبرز هذه الثمرات علم المجرمين بالعقوبة التي تنتظرهم إن مارسوا إجرامهم.

ومنها أيضاً سعادة المؤمنين وفرحهم وانتصارهم على المجرمين، فإن هذا يشفي صدور قوم مؤمنين.

قصة المخزومية

ومن ثمرات إقامة الحدود الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإقامة حد الحرابة هي أمر بالمعروف ونهي عن المنكر متحقق بجميع أوصافه، ومنه تحقيق مرضاة الله وهو أعظم المقاصد وأكملها، والله يرضى عن ولي المسلمين إذا أقام حده في الأرض، ولهذا غضب النبي ﷺ من أسامة بن زيد حين جاء يشفع في المخزومية التي سرقت وقال: «أتشفع في حد من حدود الله يا أسامة» وقال: «إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافع والمشفع»، وقال عليه الصلاة والسلام: «وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها».

ولهذا لا تسعد الأمة إلا إذا قطعت يد السارق، لهذا قال الرسول ﷺ: «إنما أهلك من كان قبلكم أنه كان إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد».

ولهذا عندما حُورب الإرهاب محاربة شديدة استتب الأمن، وكان ذلك فضلاً من الله على الأمة وبتحكيم شرع الله المطهر.

وهنا نجِد: هل يجتمع الإيمان والشرك في سلوك المؤمن؟

عقوبة مضاعفة

كما دعا الدكتور عبدالرحمن اللويحق عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، والأستاذ حالياً بجامعة الأمير سلطان الأهلية إلى ضرورة تشديد العقوبة على المجرمين، وعدم التساهل معهم، مع مراعاة النظر إلى خصوصية بعض القضايا التي ينظر إليها القاضي في المملكة على أنها تستحق التعزير والعقوبة المضاعفة.

وعي المجتمع بالجرائم

وقال: إن الشريعة الإسلامية جاءت بالحصانة السابقة اللاحقة للمجتمع من الجرائم، فما يسبق الجريمة فقد أكدت تعاليم الإسلام على حرمة الدماء والأموال والأنفس المعصومة والعرض، إلى جانب تخويف وتهديد من يقدم على هذه الجرائم بالوعيد في الدنيا والآخرة، أما الحصانة اللاحقة للمجتمع من الجريمة فقد تمثلت العقوبات الشرعية، وفتح عقوبات التعزير للجناة، مثلما صدر بحق الجناة السيرلانكيين.

وأضاف: إن الوعي المجتمعي تجاه الجريمة والتعامل معها يجب أن يكون سابقاً لوقوعها، ويتأكد ذلك من ضرورة أداء حقوق الآخرين وعدم ظلمهم، حيث يُعدُّ هذا الشرط من مستلزمات الوعي تجاه الإحتلال من الجرائم في المجتمع سواءً من المواطنين أو الأجانب.

وأشار إلى أن تطور الجريمة اليوم، وتعدد أساليبها، وتجاوزها للحدود الجغرافية، يعطي مؤشراً على أن بعض الأجانب في المملكة هم منفذون لتخطيط إجرامي يتم في الخارج.

واقرأ أيضًا: دلالات الأحداث لها عبر ودروس

الوعي الأمني

وقال: ما يهمنا في هذه المرحلة هو تطبيق وتفعيل نظام البصمة الإلكتروني، والتشهير بالجناة المجرمين، وتفعيل الوعي الأمني لدى المواطنين، ولا سيما الذين لا يعلمون عن مكفوليهم شيئاً.

وأضاف: إن المسؤولية المجتمعية تحتم علينا كمواطنين الالتفات إلى موضوع الجريمة بالوعي قبل وقوعها، والإبلاغ عنها لحظة وقوعها، والتقليل من آثارها بعد وقوعها.

وأشار إلى أن الحاجة ماسة إلى إعادة النظر تجاه كثير من الممارسات السلبية للأجانب في المملكة، وتفعيل الأنظمة والتشريعات التي تكفل للمجتمع حمايته من العابثين بأمنه واستقراره.

التمسك بالشريعة

كما حذّر المستشار بوزارة العدل وعضو مجلس الشورى معالي الشيخ عبدالمحسن العبيكان من التساهل مع من يقوم بالإخلال بالأمن في هذه البلاد عن طريق السرقة أو نحو ذلك من جرائم، ودعا إلى التشديد في تطبيق العقوبات الرادعة ضد كل مجرم ومفسد حتى يستمر الأمن والاستقرار في هذه البلاد، مشدداً على أن أي بلد يخل بتطبيق الشريعة الإسلامية سيعاني الفساد وكثرة الجرائم.

حد الحرابة

وأكد الشيخ العبيكان أن تطبيق حد الحرابة مناسب لمقتضى ما جاء في القرآن والسنّة وفي الآية الصريحة التي جاءت في سورة المائدة حول هذا الحكم.

وجزاء لمن يريد زعزعة الأمن والاعتداء على أموال الناس، لافتاً إلى أن تطبيق أحكام الشريعة فيها الردع والزجر وترسية قواعد الأمن في البلاد.

وقال العبيكان: إن ما ننعم به من أمن واستقرار في هذه البلاد هو نتيجة تطبيق الأحكام الشرعية، وإن كانت هنالك نسبة من الجرائم إلا أنها لا ترتقي للنسب الموجودة في البلاد الأخرى، وهي طبيعية في كل زمان ومكان، والحكم هو للأغلب.

ودعا الشيخ العبيكان العلي القدير في نهاية حديثه أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله – في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على الوجه الذي يرضاه الله ويرضاه رسوله وأن يجنبنا كل فتنة.

الاختطاف والبلوتوث

ويلفت الباحث القانوني محمد بن عبدالعزيز المحمود إلى مظاهر عدة غشيت مجتمعنا هذه الأيام باعتبارها من الوقائع الغريبة على واقعنا الإسلامي المحافظ؛ حيث لا يكاد يمرُّ أسبوع إلا وتطالعنا صحفنا المحلية والمواقع الإخبارية بخبر الاعتداء على فتاة أو طفل صغير بالخطف أو الاغتصاب أو التحرش الجنسي أو مجرد الشروع في تلك الجرائم الكبيرة، بل يزداد الأمر سوءاً والجرم قبحاً وشناعة إذا اقترنت تلك الجرائم الأليمة بمجاهرة أصحابها وتوثيقهم لأحداثها عن طريق كاميرات الجوال المحمولة ومن ثمّ نشر تلك المقاطع المخزية وتبادلها عبر تقنية البلوتوث.

ونقرأ -سويًا- أيضًا: التعريف بالدروس المهمة لنشر فقه العبادة بين أفراد الأمة

جرم مضاعف

إن انتشار مثل هذه الجرائم وما طرأ عليها من أمور مستجدة حديثة كتوثيق أحداثها بالصوت والصورة وتفاخر مقترفيها بتصويرها ونشرها بين أفراد المجتمع يجعل الدماء تغلي وتتأجج نيران الغضب بين أفراد المجتمع غيظاً وكمداً من هذه التصرفات التي تخلّ بأمنهم واستقرارهم؛ فهذه الأمور تزيد من شناعة الجرم المقترف وتكون سبباً وظرفاً مشدداً للعقاب.

التطاول على حق الله

ذلك أن الأنظمة الإجرائية والقوانين الموضوعية حرصت على توفير الأمن والأمان وبث السكينة بين أفراد المجتمع وإشاعة روح الاطمئنان على الأنفس والأعراض والأموال، وجعل أيّ اعتداء على شخص بمثل هذا النوع من الاعتداء إنما هو اعتداء على المجتمع كله.

يقول اللهﷻ {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة المائدة: 33).

فهذه الآية الكريمة اعتبرت حق المجتمع بحق الله ﷻ، وأن مثل هذه الاعتداءات التي تقع على أفراد المجتمع إنما هي اعتداءٌ على الله ﷻ وعلى رسوله ﷺ، وفي هذا من تقديس المجتمع ما لا يخفى على عاقل؛ إذ إن محاربة الله ﷻ على الحقيقة غير ممكنة، لكن لمّا كان استقرار المجتمع وصيانة أمنه أمراً ضرورياً اُعتبر ذلك حقاً لله ﷻ وأن المساس به أو الاعتداء عليه إنما هو اعتداءٌ على حق من الحقوق المقدسة التي لا يملك أحدٌ التنازل عنها مهما كان شأنه.

القصور مِن مَنْ؟!

إلا أننا ومع كثرة قضايا الاعتداء على الأعراض بالقهر والإجبار وما تطالعنا به الصحف المحلية من أخبار سارة تتمثل في سرعة الإطاحة بهؤلاء المتهمين عن طريق المجهودات الكبيرة التي يبذلها رجال الضبط الجنائي في المملكة العربية السعودية بسرعة التحري عن مرتكبي هذه الجرائم واستخدامهم للوسائل الحديثة والتقنيات المتطورة في التعرف على هؤلاء المتهمين، إلا أننا سرعان ما ننسى هذه القضية التي هزت الشارع العام ولم نعرف مصير هؤلاء المتهمين وما نالهم من الأحكام العقابية.

أسئلة حائرة

وفي الحقيقة أننا لا نعلم – يقيناً – سبب القصور في إعلان الأحكام الشرعية الصادرة بحق هؤلاء. هل هو قصورٌ في وسائل الإعلام وخصوصاً المقروءة منها في تتبع تسلسل القضية لحين وصولها لمرحلة المحاكمة وانتظار صدور الحكم وإعلانه؟ أم هناك تثاقلٌ وتباطؤٌ في إجراءات التحقيق والاستجواب؟ أم هناك ضعفٌ في توجيه الاتهام لهؤلاء المتهمين من قبل الادعاء العام؛ ما يجعل القاضي يتريّث في إصدار الأحكام عليهم.

ولدينا أيضًا: ما هي الكلالة؟ وما معنى التعبير الذي شملها في سورة النساء؟

الخوف من استفحالها

إن مثل تلك الجرائم التي تهز ببشاعتها الرأي العام، وتبثّ الخوف والقلق في نفوس أولياء أمور الأطفال والفتيات الذين يخشون من التساهل مع مرتكبي هذه الجرائم أن يستفحل شرهم ويتعدى ضررهم إلى مَنْ يعولون؛ الأمر الذي يستدعي ضرورة اتخاذ الإجراءات الصارمة بحق مرتكبيها، بأن يتم الإعلان عن الأحكام الصادرة بحقهم عبر القنوات الرسمية دون الخضوع للاجتهادات الشخصية التي تعتمد على نشاط ذلك الصحافي من عدمه، كما أنه وقبل كل ذلك يجب أن تشدد العقوبات على أمثال هؤلاء المستهترين بحرمات الناس، المعتدين على أعراضهم، بأن تصدر الأحكام العقابية التي تتضمن أقسى العقوبات ردعاً لهم وزجراً لغيرهم.

جرائم كبرى

ولقد نص نظام الإجراءات الجزائية الصادر في المملكة العربية السعودية بالمرسوم الملكي رقم م / 39 وتاريخ 28 / 7 / 1422هـ في المادة الثانية عشرة بعد المائة على أن: (يحدد وزير الداخلية – بناء على توصية رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام – ما يعد من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف). وبموجب ذلك صدر قرار سمو وزير الداخلية رقم 1245 وتاريخ 23/ 7/1423هـ محدداً الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، حيث أشار هذا القرار إلى أربعة عشر وصفاً واضحاً للجرائم؛ جاء في الفقرة الأولى منها:

  • جرائم الحدود المعاقب عليها بالقتل أو القطع.

ولا يشك عاقل في كون الاعتداء على الأعراض بالقهر والقوة والإجبار أو الشروع في اغتصاب الطفل القاصر، أو الفتاة التي تسير في أماكن عامة وفي مجتمعٍ محافظ؛ موجبا لحد من الحدود السبعة المقررة شرعاً، وهو حد الحرابة المعاقب عليه بالقتل أو القطع أو النفي من الأرض، فهذه الجريمة نص النظام الجنائي في المملكة العربية السعودية ضمناً على كونها من الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، فلا يمكن التساهل مع مرتكبيها، بل يجب أن يوقفوا ويعاقبوا بأحكام تردعهم وتمنع غيرهم حتى من مجرد التفكير في ارتكاب مثل هذا الجرم الشنيع، فالله ﷻ يقول في كتابه الكريم في وصف هؤلاء المفسدين {ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (سورة المائدة: 33)؛ حيث إنهم لم يكونوا ليرتكبوا مثل هذه الجرائم ويجاهروا بها عبر توثيقها بمقاطع البلوتوث إلا بسبب دافع الغرور والاستهتار واللامبالاة التي يعيشونها؛ فكان لهم الخزي في الدنيا لتصحيح أنفسهم المريضة وردها إلى الشعور بالقيم، ولهم العذاب العظيم في الآخرة إن لم يتوبوا ويقلعوا عن جرمهم.

الأحكام والتفاصيل

ولذا فإن من الواجب على الإعلاميين أن يكون اهتمامهم بنشر الأحكام الشرعية الصادرة بحق هؤلاء أكثر من اهتمامهم بنشر تفاصيل خبر القضية حين ارتكابها، أو طريقة القبض على مرتكبيها، حيث إن نظام الإجراءات الجزائية قد سهّل لهم حضور جلسات المحاكمة فقد نص في المادة الخامسة والخمسين بعد المائة على أن تكون (جلسات المحاكم علنية). كما نص في المادة الثانية والثمانين بعد المائة على أن: يُتلى الحكم في جلسة علنية ولو كانت الدعوى نظرت في جلسات سرية، فإشهار مثل هذه العقوبات فيه زرعٌ لمزيد من الأمن والاطمئنان في نفوس أفراد المجتمع، وردعٌ لمرتكبيها، وزجر لغيرهم.

أضف تعليق

error: