الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد.. بالأدلة

الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد

قد يسأل أحدكم: ما معنى هذا العنوان؟ ماذا نقصد بتِلك الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد؟ نعم؛ فإن بعض الناس يظن أن الشهيد هو الذي يُقْتَل في أرض المعركة. وهذا التعريف هو الحق، وهو الصواب. ولكن هناك أنواع أخرى من الشهادة لا يعلمها كثير من الناس. وسنقوم بتوضيحها في هذا المقال.

وقبل أن أبدأ أحب أن أنوِّه أنَّه لا ريب في سعي كل مسلم أن يكون فقيده من الشهداء عند الله ﷻ؛ وذلك لِما لهم من فضل عظيم وأجر كبير. يقول الله في سورة آل عمران ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ | فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ | يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

مفهوم الشهادة

لربما اختلط على الناس مفهوم معنى الشهيد. والشهيد إذا أُطلِق في اللغة جاء صرفيا على وزن فعيل. بيد أنه على وزن فاعل بمعنى فاعل. لأنه شاهِد. وشاهدٌ يعني حي. حيٌّ حياة خاصَّة في قبره. وقالوا أنه شاهد لأنه يشهد رحمة الله ﷻ.

وقيل إنه بمعنى مفعول يعني مشهود، لأنه مشهود له بالجنة. أو الملائكة تشهد موته إكراما له. الله أكبر.

لكِن الذي نراه في زماننا اليوم لربما اختُلط على الناس حتى مفهوم الشهادة. هل هو الشهيد الذي يقاتل في سبيل الله في المعركة؟ أم أنه ذاك الذي مات بمرض من الأمراض فينسحب عليه معنى الشهيد؟. وكيف الحال، لو أنه كان في معركة لكنه كان خائِنا؟ وكيف هو الحال لو كان في معركة لكنه لم يقاتل؟ وكيف هو الحال لو كان في معركة لكنه كان سائِق؟.

تلك أمور نحب أن نجليها في تلك المقالة.

أنواع الشهداء في الإسلام

قسَّم العلماء الشهيد إلى ثلاثة أقسام.

شهيد الدنيا والآخرة

وهو من مات في المعركة في حرب الكفار أو البُغاة. لكنه لم يُرائي، لم يخن في الغنيمة ولم يخن مع الأعداء، لم يُقتَل مدبرا عن القتال. أولئك هم أحياء في البرزخ حياة خاصة. أولئك الذين قال الله فيهم ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ | يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.

أولئك الذين ورد في فضلهم أحاديث منها قوله ﷺ أن «أرواح المؤمنين» الشهداء «في أجواف طير خضر تعلق في أشجار الجنة، حتى يردها الله إلى أجسادها يوم القيامة».

شهيد الدنيا فقط

وهو المقتول في حرب الكفار. وقد غلّ/سرق في الغنيمة، أو قاتل رياء، أو قتل مدبرا. فله حكم الشهادة بيد أنه شهيد الدنيا فقط.

فيه قال النبي ﷺ «إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء؛ فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار… الحديث».

هذا هو شهيد الدنيا. إنسان دخل المعركة لكن من أجل أن يسرِق، أن يستولي على شيء. هذا شهيد لكنه شهيد دنيا.

لما كان يوم خيبر، أقبل نفر من أصحاب النبي ﷺ بعد خيبر. ثم جلسوا يتذكرون: فلان شهيد، وفلان شهيد، وفلان شهيد. حتى مر رجلٍ فقالوا: فلان شهيد. فقال رسول الله ﷺ «كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها، أو عباءة».

شهيد الآخرة فقط

بمعنى أن له ثوابًا خاصّا، لكنه يُغسَل ويصلى عليه. وسوف نذكر هذا القسم بشيءٍ من التفصيل، أدناه.

الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد

  • من مات بالطاعون.
  • من مات غرقًا.
  • من مات مبطون.
  • الحامل والنفساء. وهُن اللاتي توفاهن الله أثناء ذلك.
  • من مات محروقا.
  • مرض السل.
  • من مات تحت الهدم.
  • من قُتِل مدافعا عن الدين، أو عن النفس أو العرض أو العرض أو المال.
  • من مات بمرضٍ في جنبه.
  • من وقصته دابته.
  • من سأل الله الشهادة بصدق.

الأدلة على ما سبق

نجد في الحديث الشريف في صحيح مسلم، أنه – جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: «فلا تعطه مالك» قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: «قاتله» قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: «فأنت شهيد». قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: «هو في النار».

وفي الحديث الثاني في سنن الترمذي يقول النبي ﷺ «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد».

ثم من الحديث في صحيح ابن ماجه؛ يقول رسول الله ﷺ «القتل في سبيل الله شهادة، والمطعون شهادة، والمرأة تموت بجمع شهادة -يعني الحامل-، والغرق، والحرق، والمجنوب -يعني ذات الجنب- شهادة».

وفي الحديث الذي أخرجه البخاري، ومسلم؛ أن الرسول ﷺ قال «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله».

وفي الحديث يقول الحبيب المصطفى ﷺ «من سأل الله الشهادة صادقا بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه»، وفي لفظٍ آخر في صحيح مسلم «من طلب الشهادة صادقا، أعطيها، ولو لم تصبه».

تنويهات على المُسميات

  • وليس معنى مبطون -كما يفهم الناس- أنه مات بمرض في بطنه. لكن المبطون كما هو معلوم من قسم في العيادات الخارجية مثلا في المستشفيات تجد قسم الباطِنة، أو عيادة الباطنة. الناس تفهم معنى باطنة بمعنى أمراض باطنة. هذا فهم خطأ. لكن معناه: أي أمراض باطنة، غير ظاهرة.
  • فمعنى المبطون: كل من مات بتلك الأمراض الباطِنة غير الظاهرة، كالسكري، الضغط، السرطان والكبد والقلب وغيرها.
  • ويسمون المطعون أي من طُعِن بخنجر أو سكين أو ما شاكل ذلك. لكن المطعون هو من مات بالطاعون بالوباء.
  • من وقصته دابته: ويدخل فيه من مات بسبب حادث السيارة أو الطائِرة.

وبعد؛ فقد أوضحنا لكم أعلاه الحالات التي يعتبر فيها الميت شهيد. نسأل الله ﷻ أن يتقبَّل شهدائنا في أعلى الدرجات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top