خطبة مكتوبة مؤثرة عن الكلمة الخبيثة وخطورتها

لكل أئمتنا الأكارم، وخطبائنا الأجِلاء؛ ندعوكم هنا لخطبة مكتوبة مؤثرة عن الكلمة الخبيثة، وما تحمله طيَّات هذه الكلمة. نسوق إليكم هذه الخطبة المُبارَكة لخطورة الموضوع ومدى فداحة عواقبه.

مقدمة الخطبة

الحمد لله، حمدًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير. وأشهد أن نبينا وحبيبنا ومعلمنا محمدًا رسول الله؛ نشهد أنه أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة؛ فصلوات ربي وسلامه عليه.

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا | يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

الخطبة الأولى

ربنا ﷻ في سورة إبراهيم ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍۢ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ ٱلْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍۢ﴾.

الخاسر من يُطلق لسانه بالكلمات الخبيثة

اعلموا رحمكم الله أن الخاسر من عباد الله من أطلق لسانه بالكلمات الخبيثة. ويأتي على رأس هذه الكلمات ومن أشنعها كلمة توقع في الكفر أو الشرك والعياذ بالله، تخرج الإنسان من الملة بكلمة. فليكن الإنسان على حذر من الكلمات التي تنطلق من لسانه.

الكلمات الخبيثة

واعلموا أيضا رحمكم الله أن من هذه الكلمات الخبيثة البذيئة: الغيبة، والنميمة، والكذب، والإفك، والبهتان، والافتراء، والطعن، والقذف، والسب، واللعن، وكل كلمة توغر سيئة، توغر صدور الآخرين، وتجرح قلوب الآخرين، وتجرح مشاعرهم وتحزن قلوبهم وتنشر الكراهية بينهم.

الكلمة الخبيثة تهدم بيوت

والكلمات القبيحة التي تجرأ عليها كثير من الناس كثير، فهذه الكلمة الخبيثة السيئة التي تجرأ عليها البعض واستهان بها البعض، وتفوه بها هدمت بيوت.

فالكلمة الخبيثة هدمت بيوت، وفككت أسر، فكم من خصومات حصلت بسبب الكلمة الخبيثة، وكم من صِلات تقطعت بين الأرحام وبين الأصدقاء والزملاء بسبب الكلمة الخبيثة.

وكم من فتن أُثيرت ومشاجرات وعدوات وقعت وغيرها، والأمثلة كثيرة، اعلموا رعاكم الله أن هذه الكلمة الخبيثة تزداد قبحاً ودناءةً إذا وجهت للوالدين، أو كانت بين الأزواج، أو بين الأبناء والآباء، وجهت للأرحام، وجهت للأقارب، وجهت للجيران، وجهت للمعلمين والمرشدين، وجهت لأهل الفضل والصلاح والدين فتكون الكلمة عندئذ أشنع وأقبح.

ولهذا وجب وجوباً على العبد الصالح أن يزِنَ الكلمة التي تخرج من فمه قبل أن ينطق بها.

والله جل في علاه يقول في كتابه ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ يُحصيان على الإنسان ويسجلان على الإنسان كل كلمة ينطق بها، إن خيراً خير وإن شرا فشر.

الكلمة الخبيثة ليست من صفات المؤمنين

يقول نبينا ﷺ «ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء» ليست من صفات المؤمنين، وقال صلوات ربي وسلامه عليه: «وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم» والعياذ بالله، وإن العبد ليتكلم بالكلمة ليست من رضوان الله ولكن من سخط الله مما يغضب الله ولا يرضاه. النتيجة يهوي بها في نار جهنم وهي كلمة واحدة.

فما بالكم بكلمات البعض يتفوه بها من أن يصبح إلى أن يمسي مع كل الناس. لسان بذيء، لسان ينطلق بالكلام الفاحش المنكر.

ويعجب أحدنا لما يرى إنسان مسلم ابن مسلم يخرج من فمه ﴿هذا الفم﴾ الذي يقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله ينطق بالشهادة يذكر الله، يتلو القرآن، هذا الفم الأصل أن يكون طاهراً ولكن تنطلق منه هذه الكلمات القبيحة الخبيثة السيئة. نسأل الله ﷻ السلامة والثبات.

لا ينطق بالكلمة الخبيثة إلا الخبيث

أيها الإخوة الكرام اعلموا أن الكلمة الخبيثة هذا على الغالب، أن الكلمة الخبيثة لا ينطق بها إلا الخبيث، لا ينطق بها إلا الخبيث من الناس، لا تصدر إلا من الشخص الخبيث.

والكلمة الطيبة لا بها إلا الطيب من الناس، والله ﷻ قال في كتابه ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ ۖ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ۚ أُولَٰئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ۖ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾. أولئك مبرؤون مما يقولون.

ربوا أولادكم على طهارة اللسان

فالكلمة الخبيثة إذا أيها الإخوة لا تصدر إلا من الإنسان القبيح، انتبهوا لهذا وربوا أولادكم على طهارة اللسان، وربوهم على الكلمة الطيبة، والنطق السليم، لا أن ينطق مخارج الحروف، وألا يخطئ بين الحاء والهاء، لا، وإنما لا يخرج من فمه القبيح من الكلام.

على العبد الصالح أن يتقي الله ﷻ وأن يطهر لسانه وأن يصونه من كل كلام بذيء ساقط. وبدل تلك الكلمات البذيئة الساقطة عليه أن ينتقي الطيب من الكلام.

استغفروا ربكم وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.

ولا تفوتكم هنا: الدين والإنسان.. خطبة تهز القلوب «مكتوبة»

الخطبة الثانية

الحمد لله وحده، وصلاة وسلامًا على من لا نبيّ بعده.

يقول الله ﷻ ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ | تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا﴾. وشتان بين نتائج وسلبيات الكلمة الخبيثة -أعاذني الله وإياكم منها- وبين الكلمة الطيبة، تلك تهدم والكلمة الطيبة تبني. يقول نبينا ﷺ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا، أو ليصمت».

ما لم يكن لديك قدرة على كلام الخير فلتسكت على أقل حال ﴿تتكلم بالخير مع الناس﴾ وعلى رأس الناس الوالدين والأرحام والزوجة والأولاد وأهل الفضل.

خذ بوصية النبي ﷺ «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».

هل هذا أمرٌ صعب؟ لا وربي بل هو سهل على من سهل الله ﷻ عليه، ومن أراد الخير.

أمسك عليك لسانك

أما المحروم فهو محروم والله المستعان. ويقول نبينا ﷺ «إنك لن تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب لك أو عليك». وعلى المؤمن أن يمسك لسانه ولا يتفوه بكلمات تؤذيه وتُدخله النار والعياذ بالله.

فكل إنسان على نفسه بصير، صُن لسانك يا عبد الله، يا أيها الصالح، يا أيها المتوضأ يا أيها الطاهر، يا أيها المصلي، يا من تتلو القرآن، كل إنسان أدرى بنفسه، إن كان هناك اعوجاج أصلح هذا الاعوجاج.

وكلنا يا إخوان وهذا مطلب شرعي وكلنا يفعله لو أصيب أحدنا بمرض أو داء في بدنه أو بدن أولاده ماذا يفعل؟ لا يتركه، بل من طبيب إلى طبيب، من دواء إلى دواء، من حكيم إلى حكيم، لم يجد فيسافر لكي يجد الطبيب أو العلاج عند طبيب معين.

هذا فعل العقلاء، ونبينا ﷺ قالوا قال «تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء غير الهرم». لكن اعلموا أيضا أن من فعل العقلاء الحكماء، من فعل المؤمن الصالح أنه يعالج نفسه أو يعالج من حوله من الأفعال السيئة والأقوال السيئة إن كانوا قد تعودوا عليها أو تربوا عليها.

وقد ترغبون -أيضًا- بالاطلاع على: سعة أبواب الخير في الرسالة المحمدية.. خطبة جمعة مكتوبة بقوَّةٍ وبلاغة


خطبة الكلمة الخبيثة وخطورتها

  • ألقاها: فضيلة الشيخ علي مطر.
  • فحواها: توجيه قوي وبليغ عن مدى خطورة الكلمة الخبيثة وآثارها على صاحبها -والعياذ بالله-.
  • خطبة مقترحة: خطبة عن الكلمة الخبيثة.. والطيبة

نسأل الله ﷻ أن ينفعنا وإياكم بهذه الخطبة المبارَكة؛ وننتظركم بجديد الخطب إن شاء الله.

أضف تعليق

error: