بحث موسع عن الحبليات

الحبليات

الحبليات هي الحيوانات الأكثر تعقيداً على وجه الأرض؛ فهي تتنوع من الشكل البدائي إلى الإنسان.

شعبة الحبليات

تشمل شعبة الحبليات Chordata جميع أنواع الفقاريات على وجه الأرض التي يبلغ عددها 52 ألف نوع، بالإضافة إلى الآلاف من أنواع اللافقاريات.

وتتراوح هذه الشعبة من الكائنات البسيطة التي لا تمتلك دماغاً وتتغذى من خلال عملية التشريح وصولا إلى الإنسان.

ذكرنا سابقاً أن طريقة تصنيف الحيوانات لها علاقة بالأسلاف التطويرية المشتركة فيما بينهم.

فكل فرع جديد على شجرة التطور يُمثل حدثاً تطورياً مهماً، وتماماً مثل خاصيتي عدد طبقات الأنسجة والتجزئة في الحيوانات الأقل تعقيداً هناك سمة معينة يمكن ملاحظتها لتتبع تطور الحبليات.

عند تواجد جميع هذه السمات في كائن واحد نكون قد وصلنا إلى الصف الأكثر تعقيداً ضمن الشعب الحيوانية الأكثر تعقيداً أي الثدييات.

ذكرنا سابقاً -أيضًا- أن التواسم المشترك أو السمات التي تميز مجموعة من الحيوانات عن أسلافها، وعن مجموعة أخرى من الحيوانات انحدرت من نفس الأسلاف.

تتشارك جميع الحبليات في أربع سمات، وكل واحدة من هذه السمات تظهر في مرحلة معينة من دورة حياة جميع الحبليات.

وسنوضح ما نقصده من خلال الأمثلة؛ 

السُهيمات؛ حبليات الرأس

والتي تعرف كذلك بـ “حبليات الرأس” هي واحدة من الثلاثة شعيبات التي تتألف منها شعبة الحبليات.

على عكس معظم الحبليات الأخرى هذه الكائنات اللافقارية الصغيرة الخالية من الدماغ تحتفظ بجميع هذه السمات الأربعة طوال فترة حياتها.

قد يكون لديكم فكرة عن بعض هذه السمات؛ حيث يمكن الاستدلال إليها من اسم الشعبة، أي الحبل الشوكي أو على الأقل شيء مشابه للحبل الشوكي.

السمة الأولى: الحبل الظهري

وهو بنية غضروفية تمتد بين القناة الهضمية للحيوان والحبل العصبي. يتكون لدى معظم الكائنات الفقارية هيكل عظمي حول الحبل الظهري مما يسمح بارتباط العضلات. وفي حال الإنسان يكون الحبل الظهري هو الأقراص الغضروفية الموجودة بين الفقرات.

السمة الثانية: الحبل العصبي

والذي يُدعى الحبل العصبي الظهري المجوف، وهو أنبوب مصنوع من الألياف العصبية التي تتطور لتصبح الجهاز العصبي المركزي.

وهذا ما يُميز الحبليات عن غيرها من الشعبة الحيوانية التي تمتلك حبلاً عصبياً بطنياً صلبا يمتد على طول الجانب الأمامي للجسم أو من عند البطن.

السمة الثالثة: الشقوق البلعومية

جميع الحبليات تمتلك شقوقاً بلعومية في اللافقاريات مثل السُهيمات.

تعمل هذه الشقوق كمرشحات للتغذية، وفي الأسماك والحيوانات المائية الأخرى تعمل هذه الشقوق كخياشيم. وفي الفقاريات التي تعيش على اليابسة كالإنسان فإنها تختفي قبل الولادة. لكن هذا النسيج ينمو ليكون المناطق حول الفكين والأذنين وغيرها من الأجزاء في منطقة الرأس والرقبة.

السمة الرابعة: الذيل ما بعد الشرج

وهو يساعد على دفع حيوانات مائية عبر الماء، وهو موجود في الكُلاّب التي تحركه لتبدو سعيدة. أما بالنسبة للبشرة فهو يختفي تدريجياً خلال مراحل النمو الجنيني، ويصبح ما يعرف بـ “العصعوص” وسُمي بـ الذيل ما بعد الشرج نسبة لموقعه.

بدأت هذه السمات الأربع بالظهور خلال الانفجار الكامبري قبل أكثر من 500 مليون سنة، وهي حاليا موجودة لدى جميع الشعيبات الثلاثة التي تتألف منها شعبة الحبليات.

حتى لو كانت الحيوانات في تلك الشعيبة تختلف كلياً بالشكل عن الحبليات الأخرى مثل حبليات الرأس التي ذكرناها سابقاً، والتي تعتبر من أقدم شعيبات الحبليات.

حبليات الذيل

هي الشعيب الثانية من اللافقاريات التابعة للحبليات ويتألف هذا النوع من الحبليات من أكثر من 2000 نوع بما في ذلك بخاخات البحر. وقد تتساءلون عن سبب تصنيف هذه الحيوانات ضمن نفس الشعبة الحيوانية التي ينتمي لها الإنسان؛ فيعود ذلك لأن صغار هذه الكائنات الشبيهة بـ الشرغوف تمتلك جميع السمات الأربعة التي يمتاز بها الحبليات.

أما البالغة منها فلديها بنية داخلية عالية التطور فهي تمتلك القلب وأعضاء أخرى. كما تحتفظ بـ شقوق بلعومية إلا أن جميع السمات الأخرى تختفي أو تتحول إلى أشكال أخرى.

الفقاريات

هي الشعيبة الثالثة والأخيرة من الحبليات؛ وهي أكثر هذه الشعيبات تعقيداً، وهي الشعيبة التي ينتمي لها معظم أنواع الحيوانات؛ لأن أفراد هذه الشعيبة لديهم عمود فقري مما يسمح بالتنوع الهائل بين هذه الحيوانات من سمك المنوة الصغير إلى الحوت الأزرق الضخم.

ويمكن ملاحظة هذا التنوع المذهل عند التعرف على الصفوف العديدة التي تتألف منها شعيبة الفقاريات؛ حيث ينتمي إلى هذه الشعيبة كائنات مائية لزجة شبيهة بالثعبان، بالإضافة إلي؛ الثدييات المغطاة بالشعر.

ومع ازدياد تعقيد صفوف الفقاريات ستتضح لكم السمات التي تطورت في كل صف والتي أدت إلى تميزها عن الصف الذي جاء قبلها. فعلى سبيل المثال؛ ظهور سمة الدماغ؛ حيث تسمى الفقاريات التي تمتلك رأساً وأعضاء حسية ودماغ القحفيات. كما تمتلك هذه الكائنات قلباً يتألف من حجرتين على الأقل.

الأسماك المخاطية

وبما أننا نتحدث عن حقائق علمية فلابد من وجود استثناء لكل قاعدة. والاستثناء في هذه الحالة هو الأسماك المخاطية؛ فهي الصف الوحيد من الفقاريات التي لا تمتلك عمود فقري.

ولكنها تصنف من ضمن شعيبة الفقاريات لأنها تمتلك جمجمة. تسمح هذه الكائنات الشبيهة بالأفعى باستخدام عضلات مجزأة تبذل قوة على حبلها الظهري. ومن الأمثلة عليها؛ ثعبان البحر المخاطي.

الجلكانيات Petromyzontida

هي الصف التالي المشابه لصف الأسماك المخاطية، والمعروف أيضاً باسم مصاصات الحجر؛ وهو من أقدم سلالات الفقاريات.

تمتاز هذه الكائنات بامتلاكها لعمود فقري مكون من الغضاريف، والأهم من ذلك هو امتلكها لجهاز عصبي أكثر تعقيداً.

ومع بداية ظهور العمود الفقري أصبحت الفقاريات أكبر حجماً وتطور لديها هياكل عظمية أكثر تعقيداً، وزاد فعاليتها في إيجاد الغذاء وتجنب الحيوانات المفترسة.

اللافكيات Agnatha

تُعد مصاصات الحجر والكائنات الفقارية البدائية الأخرى من اللافكيات؛ أي أنها لا تمتلك فكين، وكما تعرفون فإن مضغ الطعام يستلزم وجود الفك والأسنان.

يعتقد معظم العلماء أن الفك تطور من البنى التي تدعم أول شقين بلعوميين بالقرب من الفم.

أما بالنسبة للأسنان فتشير النظريات الحالية إلى أنها تطورت من حراشف حادة على الوجه.

وهنا بحث مستفيض عن علم التشريح المقارن

الفكيات Gnathostomata

ظهرت الفكيات قبل 470 مليون سنة، ومن أقدم وأهم مجموعات الفلكيات الموجودة حتى الآن هي من صف الأسماك الغضروفية؛ مثل أسماك القرش والورانك والشفنينيات، وكما يشير اسمها فتتكون هياكلها من الغضاريف وهكذا تظهر بداية الهيكل العظمي الكلسي.

لم يطرأ أي تغيرات كبيرة على الأسماك الغضروفية خلال الثلاثينيات مليون سنة الماضية. ويعود السبب نجاحها ككائنات إلى امتلاكها للزعانف المزدوجة التي تزيد من فعاليتها في السباحة. بالإضافة إلى فكيها اللذان يسمحان لها بأكل اللحوم.

الأسماك العظمية

حتى نصل في النهاية إلى الثدييات فلا بد من ظهور العظام. تبدأ في الظهور تدريجيا مع تطور الأسماك وهكذا نصل إلى الأسماك العظيمة. على عكس الأسماك الغضروفية أفراد هذه المجموعة يمتلكون هيكلاً داخلياً معدنياً.

يرى البعض أن الأسماك العظمية يجب أن تُصنف ضمن تصنيف أعلى من الصف لأنها تتفرع إلى العديد من الصفوف المتنوعة؛ حيث أن طريقة تصنيفها آثارت الجدل بين علماء التصنيف.

ولكن الأمر الرئيسي الذي عليكم معرفته هو أن أغلبية الفقاريات تندرج تحت الأسماك العظيمة بما في ذلك الإنسان.

وهي تُقسم إلى مجموعتين رئيسيتين؛ وتندرج تحت هذه المجموعتين العديد من الصفوف:

المجموعة الأولى هي شعاعيات الزعانف

أو الأسماك شعاعية الزعانف، وتتألف هذه المجموعة من 27,000 نوع حيث يمكن القول أن معظم الأسماك المألوفة بالنسبة لكم تنتمي إلى هذه المجموعة.

تطورت الأسماك شعاعية الزعانف في المياه العذبة وانتشرت إلى المحيطات ثم عاد بعضها إلى المياه العذبة.

المجموعة الثانية: لحميات الزعانف

تتألف هذه المجموعة من كائنات غريبة ومثيرة للاهتمام وتسمى هذه المجموعة لحمية الزعانف، وجاءت التسمية من عظامها المحاطة بعضلات والموجودة في زعانفها الصدرية والحوضية.

وهذه البُنى تُشير إلى إمكانية تطور القدرة على المشي؛ وتشمل لحمية الزعانف:

  • شوكيات الجلد: التي تتألف من نوع واحد من الكائنات الحية.
  • الأسماك الرئوية: التي تسحب الهواء إلى رئتيها.
  • رباعية الأطراف: التي تكيفت للمشي على الأرض باستخدام أربعة أطراف.

قد يبدو ذاك غريبا بعض الشيء فمن المعروف أن الحيوانات التي تعيش على اليابس هي بالتأكيد ليست أسماكاً، ولكن بما أن رباعيات الأطراف تطورات من الأسماك العظمية؛ فهي تصنف ضمن نفس المجموعة. هذا ما أراده علماء التصنيف.

شوكيات الجوف

تخيلوا معي صياد سمك على سواحل جنوب إفريقيا في غرب المحيط الهندي قبل حوالي 75 عاماً.

تذكروا هذه المعلومة، وتخيلوا أن هذا الصياد قد اصطاد سمكة لم يراها أحدُ من قبل. حيث كان يعتقد أن هذه السمكة قد انقرضت منذ 75 مليون سنة مضت، هذا بالضبط ما حدث في عام 1938 عندما التقط الكابتن هنريك غوسون سمكة شوكية الجوف الأمر الذي حير العلماء منذ ذلك الحين.

ومنذ ذلك الحين تم العثور على مجموعة سكانية ثانية من هذه الأسماك بالقرب من إندونيسيا عام 1999 ولكن تعتبر هذه الكائنات التي تعيش في أعماق البحار نادرة للغاية.

انبهر العلماء بهذه السمكة بسبب زعانفها المزدوجة التي تمتد من جسمها مثل الساقين وتتحرك بنمط متناوب.

لعبارة الآخرة؛ فإن حركتها أشبه بحركة الحصان أكثر من الأسماك، وفي الواقع فإن هذه الزعانف المزدوجة مدعمة بنفس العظام الموجودة عند الإنسان في الذراعين والساقين.

كما تمتلك السمكة شوكية الجوف وصلة مفصلية في جمجمتها تسمح لها بتوسيع فمها لأكل فريسة كبيرة. كما تمتلك حراشف سميكة غير موجودة عند أي من الأسماك الأخرى. ولا تصلح هذه الأسماك للأكل، ويُُطلق عليها العلماء “الأحفورة الحية”.

إليك أيضًا: بحث متكامل عن الوراثيات السكانية

رباعيات الأطراف

أي الكائنات التي تمتلك أربعة أرجل. إن تطور هذه الأرجل الأربع لدى الكائنات القديمة هو أمر مفيد جداً بالنسبة لها؛ حيث سمح لها ذلك بالفرار من المحيط المليء بالكائنات المفترسة.

استبدلت رباعيات الأطراف زعانفها تدريجياً بأرجل، وتطور لديها أجزاء جسمية جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل الأعناق التي تكونت من فقرات إضافية فصلت الجسم عن الرأس.

رباعيات الأطراف الأولى تصنف ضمن صف البرمائيات؛ البرمائيات هي أول كائنات تطور لديها قلب يتألف من ثلاثة حجرات، وهناك أكثر من 6000 نوع معروف من البرمائيات مثل؛ الضفادع والسلمندر، وتبدأ معظم حياتها كشراغف في الماء. ثم يتكون لديها لاحقاً أرجل ورئتان وجهاز هضمي.

وكثير ما تُهاجر إلى اليابسة في مرحلة البلوغ، ولكن البرمائيات تضع بيوضاً غير مغطاة بالقشرة. مما يعني أنها تجف بسرعة لذلك يجب وضعها في الماء.

البيضة السلوية

وهي الحدث التطوري التالي للحبليات، فهي من رباعيات الأطراف التي تكيفت قيدوها للحياة على الأرض، وتشمل هذه المجموعة؛ الزواحف والطيور والثدييات.

وتعد البيضة السلوية سمة ضرورية لنجاح الكائنات التي تعيش على اليابسة؛ حيث تضمن هذه السمة أن ينمو الجنين داخل الكيس السلوي الخاص بها، وغالبا ما يُحيط بهذا الكيس قشرة صلبة مثل حالة الزواحف والطيور.

الزواحف

يعتبر صف الزواحف من أقدم السلويات، ومثل البرمائيات فتمتلك الزواحف قلباً يتألف من ثلاث حجرات لكنها تعيش فقط على اليابسة.

وينتمي إلى هذا الصف الديناصورات والثعابين والسلاحف والسحالي، وكثيراً ما تسمعون أن الزواحف هي من ذوات الدم البارد؛ لا يعني ذلك أن درجة حرارة دمها يكون منخفضاً، بل يشير ذلك إلى أنها خارجية الحرارة مما يعني أنها تمتص الحرارة الخارجية كمصدر رئيسي لحرارة الجسم. ولهذا السبب فإن السحلية تفضل قضاء معظم وقتها تحت الشمس.

تُسمى أقدم مجموعة من الزواحف بـ “الأركوصورات” وهي اختفت مع موت معظم الديناصورات قبل 65 مليون سنة.

ولكن نجت سلالتان من الأركوصورات، الأولى تشمل الزواحف الحديثة مثل؛ التمساح والقاطور، والثانية هي سلالة من الديناصورات التي تعرف اليوم بالطيور.

هناك فروق كبيرة وواضحة بين هاتين السلالتين الناجيتين من الأركوصورات؛ فأحدها يمكنه تناول وقتال الحيوانات الكبيرة في حين أن الثانية يمكنها الطيران ولديها أجسام رشيقة.

ومن الفروق الأخرى الهامة هو أن طيور كائنات داخلية الحرارة؛ مما يعني أنها قادرة على تنشيط عمليات الأيض لديها لتنظيم درجة حرارة الجسم.

ولتوليد كل هذه الحرارة لا بد من وجود عضو يستطيع تحمل ذلك، ولهذا تطور لديها قلب يتألف من أربع حجرات.

الثدييات

هناك مجموعة أخرى من الحيوانات تطورت لديها هذه السمة بشكل مستقل غير الطيور مما سمح لها بالانتشار عبر الكوكب.

ونحن نتحدث بالطبع عن صَفّ الثدييات، والتي تُعرف أيضاً بـ “السلويات amniotes” التي تمتلك شعراً، و 3 عُظيمات أذنية، وغدد ثديية.

تطورات معظم الثدييات للاستغناء عن البيضة ذات القشرة الصلبة كلياً، وتجنب الجنين الافتراس وغيرها من المخاطر البيئية من خلال نموه داخل جسم الأم.

وينتمي إلى هذا الصف من الحوليات الإنسان والكلاب والقطط والحوت القاتل والفيلة الافريقية وأيل البودو، بالإضافة إلى 5,300 نوع آخر من الثدييات المعروفة.

وبدأ كل ذلك بسلف بدائي قبل أكثر من 500 مليون سنة حتى وصلنا إلى شعبة الحبليات الموجودة اليوم. وهكذا يمكنك وصف أنفسكم بالتفصيل الدقيق.

رأي واحد حول “بحث موسع عن الحبليات”

  1. أضيف أيضًا؛ إجابة عن سؤال: لماذا سميت الحبليات بهذا الاسم؟ أنها سبب ذلك هو وجود الحبل الظهري في منطقة الذيل لليرقة ويختفي في الكائنات البالغة.

    رد

أضف تعليق

error: