٤ آيات من القرآن الكريم و٩ أحاديث عن الحسد تبين مدى خطورته ودناءة سالكي طريقه

القرآن الكريم , أحاديث عن الحسد

نعم؛ لِما أتيت نُلبي طلبك. سنسوق لَك ما ساقه لنا ديننا الحنيف في هذا الشأن، ولدينا ٤ آيات من القرآن الكريم، تجاوِر ٩ أحاديث عن الحسد من سُنَّة النبي -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-؛ تعكِس وتُبيّن مدى خطورة العين والحسد، ودناءة سالكي طريقه وعاقبتهم.

الحسد والعين

كم من الناس من ينظر بعينه يمنة ويسرة في أرزاق المسلمين؟ ونسيَ قول الله -تعالى- ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.

قال حاتم الأصَم: علمت أنَّ القسمة من الله، فلم أحسد أحدًا أبدا.

فليس المخلوق الذي بيده هذه الأمور. فالذي يعطي ويمنع ويرفع ويخفض، هو الله -جل في علاه-.

ولذلك، فالحسد يأكل حسنات المسلم، احد ابدا الحسد الله واياكم منها يأكل الحسنات، بوابة للآثام، بوابة للغيبة والنميمة والكِبر. وهو صفة من صفات اليهود.

لله در الحسد

نبينا -اللهم صل وسلم عليه- قال «التقوى هاهنا» وأشار إلى صدره الشريف ثلاث مرات. فمن اتقى الله في هذه المضغة لا يستطيع أن يحسد أحد. لكن من الناس من لديه في هذه المضغة جمرة نار، وإذا استرسل مع هذه النار سيخسَر كثيرا.

وقال شيخ الإسلام بن تيمية: ما خلا جسد من حسد لكن الكريم يخفيه واللئيم يبديه.

الكريم يخفيه، يدافعه، يدعو لأخيه بالبركة والعطاء والتوفيق. ويدعو لنفسه ويقول: يا ربي سلّم قلبي من الحسد، يا رب طهر قلبي.

لكِن غيره -عياذًا بالله- يبطش ويجلس في المجالس، ينم ويغتاب. فما الذي أوصله إلى هذه المرحلة؟ إنه الحسد؛ فهو أكبر باعِث للغيبة.

ما الذي جعل قابيل يقتل هابيل؟ كلاهما قرَّب القربان، هذا تقُبل منه وهذا لم يتقبَّل منه، فقتله.

طهروا قلوبكم من الحسد

ونعود لنُكرر أن الإنسان عليه أن ينتبه لقلبه، فهو محل نظر الله -عز وجل- ويسأل نفسه: ما الذي في هذا القلب؟ ويترك الناس. وليتدبَّر قول الله تعالى في سورة الصافات ﴿وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ | إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾، وفي سورة الشعراء ﴿إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

قلب سليم من الشِّرك، من الكِبر، من الرياء، من العُجب، من البغضاء، من الحسد.

والحسد قد يكون من أقرب الأقارب أحيانا، كما وقع من إخوة يوسف، حسدوه، ثم انظر ماذا فعلوا من المصائب التي أتت جرَّاء هذا الحسد.

فعلى الإنسان أن يعالج هذا القلب بأن لا يُدخِله حسدًا في يوم من الأيام على مسلم من المسلمين. وأن يراقب الله -تبارك وتعالى- ويتذكَّر دوما أنه -عز وجل- يعلم ما في القلوب، يعلم خائِنة الأعين وما تخفي الصدور.

الحاسد في هم وغم وفي نكد وضيق دائم؛ لكِن بلا أجر. نعم، واقرأ قول المصطفى ﷺ «ما يصيب المسلم، من نصب ولا وصب، ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه». لكِن الحسد بما فيه من هم وغم وعناء، ومع كل هذا لا أجر في هذه الأعراض، التي يؤجر عليها غيره عندما يحتسب وصبر على مصائِب الدنيا ونوائب الدَّهر.

إبليس الحاسِد

أتذكرون أيضًا إبليس وأول ذنب عُصيَ الله به في السماء. فالله -عز وجل- خلق آدم بيده، وأسكنه جنته، وأسجد له ملائكته؛ ثم جاء الحسد عند إبليس وحسده؛ فصار مطرودًا ملعونًا ومُبعَد من رحمة الله؛ من أجل الحسد.

وانظر إلى حال الحاسِد والباغِض لأخيه المسلم، بعضهم سلم منهم اليهود والمجوس ولم يسلم منه إخوانه المسلمين الراكعين الساجدين -والعياذ بالله-. لذلك، فعلى الإنسان أن يَتَّقِي الله -عز وجل-، ويتذكَّر قوله -سبحانه- في سورة الحشر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾.

آيات عن الحسد في القرآن الكريم

في كتاب الله عز وجل، ذُكِر الحسد، بين الذَّم أو الاستعاذة منه أو حكيًا. وسنُبحِر مع هذه الآيات الكريمات، مُبينين اسم السورة ورقم الآية؛ فيما يلي:

١. نبدأ من سورة البقرة، وفي الآية ١٠٩ يقول الحق -تبارك وتعالى- ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.

٢. ثم في سورة النساء، وتحديدًا في الآية ٤٥، يقول ربنا -عز وجل- ﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا﴾.

٣. وإلى الآية الخامسة عشر في سورة الفتح، يقول الله -سبحانه- ﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلا﴾.

٤. ووصولا إلى سورة الفلق، وما احتوته وما جاء فيها من فضلٍ كبير وخاصَّة للوقاية من العين والحسد. يقول الله -عزَّ وجل-: بسم الله الرحمن الرحيم «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ | مِن شَرِّ مَا خَلَقَ | وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ | وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ | وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ».

أحاديث عن الحسد والعين

أما السنة النبوية، فقد ورد فيها الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة عن الحسد والعين؛ نذكر منها:

الحديث الأول: نبدأ به وهو حديث الرسول عن العين والحسد؛ وهو عن عبد الله بن عمرو بن العاص؛ قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا حسد والعين حق». وهو حديث في مسند الإمام أحمد.

الحديث الثاني: في صحيح البخاري، يقول فيه النبي -عليه أْفضل الصلاة وأزكى السلام- «لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا، فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها»

الحديث الثالث: وهو عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها-، تقول: كان إذا اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقاه جبريل، قال: «باسم الله يبريك، ومن كل داء يشفيك، ومن شر حاسد إذا حسد، وشر كل ذي عين»..

الحديث الرابِع: وفي حديث الرسول عن الحسد هذا من العِظات الكثير. وهو حديثٌ في تخريج الإحياء، من رواية عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، حين سُئِل ﷺ عن خير الناس؟ فقال: «كل مؤمن مخموم القلب»؛ فقيل: وما مخموم القلب؟ فقال: «هو التقي النقي الذي لا غش فيه ولا بغي ولا غدر ولا غل ولا حسد».

وفي صحيح الجامع بصيغة أُخرى «خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق»، قيل: ما القلب المخموم؟ قال: «هو التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا حسد». قيل: فمن على أثره؟ قال: «الذي يشنأ الدنيا، ويحب الآخرة». قيل: فمن على أثره؟ قال: «مؤمن في خلق حسن».

الحديث الخامس: يُخبِر فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بعض أحداث آخر الزمان قبل قيام الساعة؛ فيقول: «طوبى لعيش بعد المسيح يؤذن للسماء في القطر، ويؤذن للأرض في النبات، حتى لو بذرت حبك على الصفا لنبت. وحتى يمر الرجل على الأسد فلا يضره، ويطأ على الحية فلا تضره. ولا تشاح، ولا تحاسد، ولا تباغض».

الحديث السادس: وهو الذي يوجه فيه أمته، بالنصح والخير، فيقول «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا» رواه مسلم

الحديث السابع: وهو في صحيح مسلم، من رواية عبدالله بن عباس -رضي الله عنه-. وفيق يقول النبي -صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها- «العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا». وهذا الحديث غير حديث «العين تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر»، فهذا الأخير ضعيف الإسناد.

الحديث الثامن: وهو حديث حسن في صحيح الجامع، من رواية جابر بن عبدالله، يقول فيه ﷺ «أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين».

الحديث التاسع: وهو حديث رواه أبو داود، الذي ينهى فيه الرسول ﷺ عن الحسد، فيقول «إياكم والحسد؛ فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب».

وإذا كان لي حق الاقتراح، فأُوصيك بالاطلاع هنا على: ٦ آيات قرآنية و١٢ حديث عن الأمانة

دعاء جميل

اللهم طهر قلوبنا من الحسد والبغضاء والضغينة والحِقد.

اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجاءة نقمتك، وجميع سخطك.

اللهم سلم قلوبنا، اللهم سلم ألسنتنا من المسلمين وسلمهم منا يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألك من فضلك ورحمتك، فإنه لا يملكها إلا أنت.

أضف تعليق

error: