صديقي اللص.. أعد إليّ ما سرقت!

أيها السارق.. يا صديقي.. قد أخطأت حين سطوت على حاجة غيرك. ترصدت له حتى سلا عن حاجته الثمينة. ثم باغتّه وحرمته منها. وكأنك أخذتها أمام عينيه فلا يستطيع لك ردا.

حين امتدت يدك كان قد تعطل عقلك، وغلبتك شهوتك والشيطان يدفعك ويزين لك. فما امتدت يدك إلا وأنت محتاج أو حاقد. فإن كانت الحاجة فما أجمل أن تكمل طريق صبرك الذي قد احتملته، إنك تتعالى على حكمة الله بأن أخذت ما ليس برزقك وحقك وما لا تملك، فاستعفف يعطك الله، وإن اشتدت الظلمة التي أنت بها فإنها آية الفرج. وإنك بعد أن تشبع و تصلح حياتك يؤلمك ضميرك وقتا حتى تغلبك الحاجة فتعود لتسرق، فما هو إلا أحد طريقين ستسلكهما: إما أن تتردد حياتك بين ضميرك المعذب وغلب من سرقتهم، فتعيش في عذاب دائم قد ينهيه موت الضمير. وإما أن يقبض عليك ذات يوم أو ليلة وأنت منهمك في معالجة باب أو تسلق حائط وقد رصدتك الأعين الساهرة.

قال حبيبي عليه الصلاة والسلام: إن المؤمن قد يسرق، وهو هنا في معنى الحاجة التي قد تغلبه. ولذا عليك بالعودة والتوبة فلا زلت في دائرة الإيمان التي قال عنها الحبيب. وإما أن يسرق السارق ليغيظ نفسا ويحطم قلبا كأن يسرق عملا أو جهدا أو شيئا لا ينتج عنه كسب مالي- كما فعل التتار بمكتبات بغداد العظيمة حين حرقوا آلاف الكتب بل ربما ملايين الكتب- لقد سرقوا تاريخا وعلما ما لو بقي لكان أزهر عظمة وشأنا ولغير المسار كثيرا. أو أن يسرق أحدهم جهازك الخاص الذي يحوي أرشيفك وتعبك وعرقك وشيئا لا يشترى، ولو علم هذا السارق الذي سرق «لاب توب» هذا الطالب بما أصاب قلبه من حرقة ولوعة لا يدري كيف يعالجها ولا يعرف كيف يجد لها حلا لتفكر قليلا قبل أن تمتد يده. إن المسروق منه لا تنام له عين حتى تعود له حاجته كالتائه في الصحراء لا تقر له نفس حتى يجد الطريق أو الدليل.

إذن فهذا خطاب إلى أعمق ما يمكن أن نتلمس فيه إنسانيتك: «أيها السارق.. صديقي.. إني أعرف أنك رجل طيب ولكنه الشيطان أغراك.. أرجوك.. أرجوك.. أعده إلي.. وكأن شيئا لم يكن.. سأغفر لك ويغفر الله لك».

شاهدت في حياتي عجبا، السارق الذي كان يسرق دراجاتي الهوائية وأنا طفل ويأتي من القرية البعيدة.. ثم بات خبيرا لما كبر بسرقة ما تخفيه الخزائن من نقود وذهب.. قال لي صديقي إنه رآه في المحكمة قبل شهرين قد شلت يده ولا يقدر على تحريكها

بقلم: عبدالله الزهري

وهنا نقرأ: الكورة كورتي!

وكذلك: أنت نادم في الحالتين!

أضف تعليق

error: