جزاء الصائمين

صورة , رمضان كريم , شهر رمضان , جزاء الصائمين

لا يَدخلُ الريَّانَ إلّا صائمٌ
أَكْرِمْ ببابِ الصْومِ في الأبوابِ
وَوَقاهم المَولى بحرِّ نَهارِهم
ريحَ السَّمومِ وشرَّ كلِّ عذابِ
وَسُقوا رَحيقَ السَّلْسبيلِ مزاجُهُ
مِنْ زنجبيلٍ فاقَ كلَّ شَرابِ
هَذا جزاءُ الصّائمينَ لربِّهِم
سَعِدوا بِخَيرِ كَرامةٍ وجَنابِ

اقترب شهر رمضان وبات الحديث عنه وعن نفحاته والاستعداد له، والسباق الطيب حول التخطيط لقضائه بأفضل صورة ممكنة هو حديث الساعة، ومن ثم فلا يليق أن نمضي في الحديث عن شهر رمضان وبركاته وخيراته، دون أن نتحدث عن جزاء الصائمين وثواب الصوم ووزنه في ميزان حسنات المؤمن، ورغم علمنا أن ثواب الصوم معروف والأحاديث الدالة علية مشهورة يعرفها معظم العامة، غير أننا نسوق حديثنا من باب التذكرة والترغيب، ونسأل الله ان يجعل ما نكتب في ميزان حسناتنا.

جزاء الصيام أضعاف غيره من العبادات

يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- حكاية عن رب العزة: “كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله عز وجل: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزئ به، ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي، وللصائم فرحتان: فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”.

يتضمن هذا الحديث الشريف صنوفًا وألوانًا من الجزاء العظيم والعطاء الجزيل الذي وعد الله به عباده الصائمين، فجعل أجر الصيام أضعاف أجر غير من العبادات، وترك الاضعاف مبهمة والعطاء مفتوحًا، ونسب الصوم إلى نفسه عز وجل، وأثنى على الصائم بما يستحقه من التكريم لقاء ترك شهواته واحتياجاته لأجل مرضاة ربه، ووعد الصائم بفرحتين، فرحة قريبة محقة في دنياه يلمسها بنفسه ويتذوق لذتها مع نهاية كل يوم صوم ومع سماع أذان المغرب، وفرحة مؤجلة ادخرها الله عز وجل له عند لقائه، وذكر الفرحة نكرة ولم يعرفها لدلالة على عظمتها وسعادة الصائم بها في هذا الموقف العظيم، وفضلًا عن ذلك جعل الله خلوف فم الصائم والذي يتميز بكراهته بمثابة المسك عند اله عز جل لأنه ينشأ عن ترك الطعام والشراب لله.

يجزى الصائمون جزاء الصابرين

الصوم عبادة لصيقة الصلة بالصبر وقيم التحمل والمثابرة، والتي تزيد إذا كان الصوم في يوم حر طويل، فالحر والعطش وطول اليوم مشقة كبيرة لا يقوى عليها إلا من قويت إرادته واشتدت عزيمته وسلم لله قلبه وأخلص لله عبادته.

ولأن الصبر من أصعب ما أمر به المؤمنين فإن أجره عظيم وثوابه كريم، والصبر على الصيام ه صبر على الطاعة وصبر عن المعصية وصبر على ما اراد الله لعباده من الصيام، فبذلك يجمع الصوم كل مقامات الصبر، لذا قال الله في جزاء الصبر: ({إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب} وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أطلق على شهر رمضان شهر الصبر، ووصف الصوم بأنه نصف الصبر.

للصائمين باب خاص من أبواب الجنة

جاء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أن في الجنة باب يقال له الريان اختص الله بالدخول منه الصائمين فقط دن سواهم، فإذا دخل الصائمون أغلق دون غيرهم، ويقال أن هذا الباب سمي بالريان لأن الذين يدخلون منه هم الصائمون الذين عانوا العطش ومشقته في الحياة الدنيا فيرويهم الله بشربة ماء بيد النبي –صلى الله عليه وسلم- ومن حوضه الشريف لا يظمؤون بعدها أبدًا، فالريان من الري أو الارتواء وهو عكس العطش ونقيضه.

صيام يوم في الدنيا يقي الصائم من عطش يوم القيامة

مما جاء في الأثر عن أجر الصيام وثقله في ميزان أعمال العباد ان اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَضَى عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ مَنْ عَطَّشَ نَفْسَهُ للَّهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يَرْوِيَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فكان بعض الصحابة والتابعين يتوخى اليوم الحار شديد الحرارة ليصومه ابتغاء النجاة من عطش يوم القيامة.

وختامًا: هل بقي لنا من عذر أو مدخل من مداخل الوسوسة والهوى يغري مسلم بفطر يوم واحد في رمضان بلا عذر قهري؟ وهل من منطق أو حكمة تقول أن يبيع المسلم كل هذا الثواب العظيم وضمانات النجاة من ويلات القيامة وأهوالها، في استجابة لرغبات نفسه السقيمة الواهية؟؟ بالطبع لا،، فالسلعة غالية والثمن بخس،، فاغتنموه، قبل أن يحل بكم الندم يوم لا ينفع الندم.

أضف تعليق

error: