آيات وأحاديث عن الهجرة النبوية من الكتاب والسُّنَّة

آيات وأحاديث عن الهجرة النبوية

نعم؛ سأسرد لكم آيات وأحاديث عن الهجرة النبوية من كتاب ربنا ﷻ وسُنَّة نبينا ﷺ. لكِن مهلاً؛ فلديّ أشياء أود أن أقولها لكم أولاً. فحينما هاجر -صلوات الله وسلامه عليه- من مكة إلى المدينة، بعد أن اشتد أذى قريش عليه، وتآمرت على قتله والتخلص منه، ووأد دعوته وهي لا تزال في مهدها، فأذِن الله له بالهجرة، فخرج هو وأبو بكرٍ -رضي الله عنه-، وبذلك انتقل المسلمون من حال الضعف إلى حال القوة، وانتقلت هذه الدعوة من السرية إلى العلانية.

مكانة الهجرة النبوية في تاريخ الإسلام

بالهجرة وبعدها؛ قامت للإسلام دولة، وصار للمسلمين دارٌ يَأْوُونَ إليها، ويأمنون فيها؛ فخُشي جانبهم وحُسب لهم ألف حساب وحساب، هذه الحادثة لها شأنها، ولها مكانتها في تاريخ الإسلام.

ولذلك؛ رأى الصحابة -رضي الله عنهم-، وفي مقدمتهم الخليفة الراشد عمر، أن يجعلوا الهجرة بداية التاريخ الهجري، لما لها من أهمية، ومن مكانة عالية.

ومع أن الأحداث التي حدثت في حياة النبي ﷺ هي من الأهمية بمكان، إلا أن حادثة الهجرة تتميز على الكثير من تلكم الأحداث.

وهنا أيضًا تجِد: مقال عن هجرة الرسول ﷺ

دروس وعبر من الهجرة النبوية

وهناك دروس وعبر تُستفاد من هذه الحادِثة، والكلام عنها يحتاج إلى ساعاتٍ وساعات، لكني سأُشير باقتضابٍ إلى أهمها.

  1. أول هذه الدروس المستفادة من حادثة الهجرة: أن أهل الباطل لا يرضون بانتشار الحق، وارتفاع لوائه. فهم يحاربونه في كل زمانٍ ومكان. فهذه قريش لما رأت انتشار الإسلام وكثرة الداخلين فيه، أرادت أن تقضي على هذا الدين، وأن تُخمِد نوره، فأجمعت أمرها على قتل النبي ﷺ، وانتدبت من كل فخدٍ من أفخادها شابا قويا ليضربوه ضربة واحدة، فيتفرق دمه بين القبائل فلا يستطيع بنو هاشم أن يطالبوا بثأره.
  2. وثانيها: التضحية والفداء الذي كان صحابة رسول الله ﷺ فيه مثلا أعلى، مُفادين النبي ﷺ، بأنفسهم وأموالهم. فهذا عليٌّ -رضي الله عنه-، لما أراد النبي ﷺ أن يخرج مكة، وحتى يُعمّى على قريش؛ فتُضلل، ويظن أولئك النفر الذين جاءوا لمقتل النبي ﷺ أنه موجود في بيته وعلى فِراشه. يقوم علي -رضي الله عنه-، بأن ينام في فراش النبي ﷺ، مُفاديا بنفسه، وهو يعلم أن أولئك الشباب يتربصون بالنبي ﷺ، وأنهم يتصورون أنه هو، ومن ثَمّ سيُقدمون على قتله. لم يمنعه ذلك، من أن يُفادي ويضحي بنفسه، رغبة فيما عِند الله ﷻ.
  3. وثالث تلكم الدروس: أن قوة الإيمان، والثقة بالله ﷻ، تُكسِب الإنسان راحة نفسية وعزيمة وتحملا وصبرا. فهذا أبو بكر لما رأى الباحثين عن النبي ﷺ، على وشك الوصول إلى الغار، قال له: يا رسول الله؛ لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا. فقال له -صلوات الله وسلامه عليه- «ما ظنك باثنين الله ثالثهما!». ولقد سُجِّل ذلك قرآنا يُتلى إلى قيام الساعة ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾.
  4. ورابعها: جُملة من المعجزات التي حصلت أثناء سير النبي ﷺ من مكة إلى المدينة. فنسج العنكبوت، العش على فوهة الغار، وتبييض الحمامة على الجانب الآخر مِنه، وما كان من شاة أم معبد، وما حصل من سُراقة ابن مالك، وقوله ﷺ له «كيف بك وقد لبست سواري كسرى».. وغير ذلك كثير وكثير.

فما أحوجنا أن نقرأ تاريخ هذه الهجرة، وأن نستلهم منه الدروس والعبر، وأن نعلم أن نصر الله قريب لمن كان صادقا في إيمانه، وأن الإنسان بإيمانه واعتماده على الله ﷻ وعمله بالأسباب، يصل إلى مراده؛ طال الزمان أو قصر.

وما الهجرة إلا مثال ساطعٌ على ذلك.

فلنُعلم أولادنا ما كان في هذه الهجرة من عِبر وعِظات، ليتخذوا من ذلك زادا يتزودون به في مستقبل أيامهم، وليعلموا أن الذي نصر محمدا ﷺ، ونقل دعوته من الضعف إلى القوة قادر على نصر متبعيه، متى صدقوا في أتباعهم، واعتمدوا على ربهم، واتخذوا الأسباب التي تعينهم على ذلك.

ولأهل التخصُّص أيضًا؛ لهم هنا: خطبة الجمعة عن الهجرة النبوية.. دروس وعبر في التضحية

أحاديث عن الهجرة النبوية

ومن الأحاديث النبوية التي تحدَّثت عن الهجرة؛ انتقينا لكم:

  • «رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت فيها بقرا، والله خير. فإذا هم المؤمنون يوم أحد، وإذا الخير ما جاء الله من الخير، وثواب الصدق الذي آتانا الله به بعد يوم بدر». — صحيح البخاري
  • وقد قال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه-: مررنا براع وقد عطش رسول الله ﷺ قال أبو بكر رضي الله عنه فحلبت كثبة من لبن في قدح فشرب حتى رضيت وأتانا سراقة بن جعشم على فرس فدعا عليه فطلب إليه سراقة أن لا يدعو عليه وأن يرجع ففعل النبي ﷺ. — صحيح البخاري
  • وفي الحديث؛ يقول مجاشع بن مسعود السلمي -رضي الله عنه-: أتيت النبي ﷺ بأخي بعد الفتح، قلت: يا رسول الله، جئتك بأخي لتبايعه على الهجرة، قال: ذهب أهل الهجرة بما فيها. فقلت: على أي شيء تبايعه؟ قال: أبايعه على الإسلام، والإيمان، والجهاد، فلقيت معبدا بعد -وكان أكبرهما- فسألته، فقال: صدق مجاشع. — صحيح البخاري
  • وهذا الصحابي عطاء بن أبي رباح -رضي الله عنه- يقول: زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثي، فسألناها عن الهجرة، فقالت: لا هجرة اليوم؛ كان المؤمنون يفر أحدهم بدينه إلى الله تعالى، وإلى رسوله ﷺ؛ مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية. — صحيح البخاري
  • وكذلك؛ يروي لنا عبدالله بن عمرو -رضي الله عنه- أنه جاء رجل إلى النبي ﷺ فقال: جئت لأبايعك، وتركت أبوي يبكيان، قال «فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما»، وأبى أن يبايعه. — تخريج المسند لشاكر

آيات قرآنية عن الهجرة النبوية

وفي مواضع كثيرة في كتاب الله ﷻ نجِد الحديث عن الهجرة النبوية خاصَّة؛ والهجرة في سبيل الله عامَّة. واقرأ في القرآن الكريم:

  • ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾. [الآية ٤٠ من سورة التوبة].
  • ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. [الآية ٢١٨ من سورة البقرة].
  • ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن عِندِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾. [الآية ١٩٥ من سورة آل عمران].
  • ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾. [الآية ١٠٠ من سورة النساء].
  • ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾. [الآية ٧٢ من سورة الأنفال].
  • ﴿وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾. [الآية ٧٤ من سورة الأنفال].
  • ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾. [الآية ٢٠ من سورة التوبة].
  • ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. [الآية ١٠٠ من سورة التوبة].
  • ﴿لَقَد تَّابَ اللَّه عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ﴾. [الآية ١١٧ من سورة التوبة].
  • ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾. [الآية ٥٨ من سورة الحج].
  • ﴿وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾. [الآية ٢٢ من سورة النور].

هذا؛ وقد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي سردنا لكم من خلاله آيات وأحاديث عن الهجرة النبوية. دققنا في الأحاديث واخترنا الصحيح منها، وبيّنا تخريج كل حديث.

ثم الآيات القرآنية من كتاب الله ﷻ؛ والتي بينّا أيضًا لكل آية رقم الآية واسم السورة؛ حتى يكون من السَّهل اليسير عليكم الاستشهاد في دروسكم، وخطبكم، ومحاضراتكم، وموضوعاتكم، ومقالاتكم.

أضف تعليق

error: