مزاح النبي مع الصغار «مع الأمثلة».. تعلموا أصول التربية والرفق

مزاح النبي مع الصغار

نأتيكم بهذا المقال لبيان صور من مزاح النبي ﷺ مع الصغار. فالصغار لهم حق؛ وليس الصغير كالكبير، فالصغير يحتاج إلى معاملةٍ تختلِف عن معاملة الشخص الكبير. وقد قالت عائشة -رضي الله عنها- [كما سيأتي بيانه]: اقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو.

مزاح النبي مع الصغار

كان النبي ﷺ مًعلما، ونِعم المعلم -صلوات الله وسلامه عليه-، كان مؤدبا ولنِعم المؤدب. وصدق الله إذ قال في شأنه ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾.

فكان يعطي لكل ذي حقٍ حقه. فلما كان الصغير لا يكاد يدرك كإدراك الكبير، كان من ثَم يُعامَل معاملة خاصة لا يُعامل بها الشخص الكبير. وهذا مضطردٌ؛ فالصغير له حق، وللكبير حقٌ، وللمرأة حقٌ وللرجل حق، إلى آخر ذلك. والموفَّق من يعرف قدر الذين أمامه ويعاملهم بالطريقة التي تتناسب مع أعمارهم.

فلما كان الصغير يحتاج إلى مِزاح ومداعبة ورأفة ورقة ورحمة، كان النبي ﷺ يبذل كل هذا للأطفال.

وقبل نبينا محمد ﷺ، فأخِوة يوسف -عليه السلام- قالوا لأبيهم في شأن يوسف ﷺ ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾. فأقرَّهُم على ذلك؛ ولكن أبدى مخاوف عليه إذ قال ﴿إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ﴾: أحزن إذا ابتعدتم بِه عني ﴿وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ﴾. فلما طمأنوه، أرسله معهم كي يرتع ويلعب.

شاهد أيضًا: ألعاب محرمة في الإسلام وأُخرى خطيرة.. فاختر لأبنائك الطيبة المفيدة

أمثلة عن مزاح النبي مع الصغار

١. رسولنا ﷺ كان يزور أم سُليم -أُم أنس ابن مالك- وزوجها أبا طلحة. وعندهم طفلٌ يقال له أبو عمير. وأبو عمير كان له طائر يلعب به يقال له النغير. فكان النبي ﷺ كلما ذهب يسأل «يا أبا عمير ما فعل النغير؟ يا أبا عمير ما فعل النغير؟». يداعبه ويترفَّق به -صلوات الله وسلامه عليه-.

فرآه ذات يوم حزينا، فقال «يا أبا عمير، ما فعل النُغير؟» قالوا: مات نُغيره يا رسول الله. فقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يرفق به.

وأيضا كان النبي ﷺ يعتنق حَسنا، أو حُسينا. ويقول «اللهم إني أحبهما، فأحبهما».

٢. وأيضًا في هذا الصدد، قد كان الرسول ﷺ متزوجًا بعائشة -رضي الله عنها-، وكانت صغيرة حديثة السن كما لا يخفى. ذلك بأن النبي ﷺ عقد عليها وهي بنت سِت سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين، ومكث معها تسعا. فمات وهي تبلغ من العمر ثمانية عشر عامًا. وقد حملت هذا العِلم الغزير الذي نشرته وبثته لأمة محمد ﷺ.

فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يُقَدر سنها، ويقدر مشاعرها. فدخل عليها ذات يومٍ وعِندها صُويحبات لها، يلعبن معها بالعرائس الصغيرة -عرائس صغيرات من العِهن، يعني كاللواتي تصنعهن الأمهات للأطفال من القماش، من القطن، أو من الصوف يلعبن معها-، فإذا دخل يتقمَّعْنَ -أي: اختفين-، فيسربهن النبي ﷺ إليها ليلعبن معها.

قالت عائشة -رضي الله عنها-: فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن، الحريصة على اللهو.

٣. أيضا في هذا الصدد فإن النبي ﷺ في يوم العيد -أحيانا- يأخذ عائشة -رضي الله عنها-، ويضع خدها على خده، ويجعلها تنظر من شِق الباب إلى الأحباش وهم يلعبون في المسجد. قالت عائشة: فكان النبي ﷺ يقول لي «يا حُميراء، تشتهين تنظرين؟» فأنظر من شِق الباب إلى الأحباش وهم يلعبون، حتى أكون أنا التي مَلَلت. وافعل ذلك كي ترى النسوة أو أزواج النبي منزلتي من رسول الله ﷺ.

٤. أيضًا كان النبي أحيانا يسافر مع أصحابه. سافر ذات يومٍ مع الجيش، فأمر الجيش بالتقدم. وقال لعائشة -رضي الله عنها- «تعالي أسابقك يا عائشة». فسابقها، فسبقته.

وبعد أن تقدَّم العُمر شيئا ما، وقد حملت عائشة اللحم وأصبحت بدينة شيئا ما. قال لي «تعالي يا عائشة أُسابقك». قالت: فسابقته، فسبقني. فقال «هذه بتلك»، صلوات الله وسلامه عليه.

هنا أيضًا: تدريب الأطفال منذ الصغر على طاعة الله ورسوله

٥. كان ﷺ رفيقا رحيما بالأبناء والبنات -صلوات الله وسلامه عليه-، وكان تدخل عليه بعض الصحابيات بأطفالهن. فرأى النبي طفلة يقال لها أم خالد. فجلست، وعليها ثوبٌ جميل. فقال «يا أم خالد؛ هذا سنا، هذا سنا». أي: هذا حسن -بلُغة الحبشة-، وقال لها «أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي، ثم أبلي وأخلقي». يعني: عيشي ودوّبي -كما يقول الناس في مصر: تعيش وتلبس وتدوّب.. الملابس ونحو ذلك-.

٦. أيضا أقبل حَسنٌ إلى النبي ﷺ، فاستقبله النبي، وعانقه. وقال ﷺ «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين».

٧. وقد جاء السائب بن يزيد مع خالته، وهو طفل صغير، إلى رسول الله ﷺ. فجلس يلعب بخاتم النبوة بين كتفي النبي ﷺ؛ وخالته تنهاه، والنبي ﷺ لا ينهاه.

٨. وقال محمود بن الربيع -رضي الله عنه- «عقلت من النبي ﷺ مَجَّةً مَجَّها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين من دلو». يعني ماء وضعه النبي في فمه ورش على محمود ابن الربيع من هذا الماء.

هكذا؛ والصَّحابة سَلكوا هذا المسلك. فكان أبو بكر يحمل حَسنًا، وهو صغير، ويُحركه، ويقول: بأبي، شبيهٌ بالنبي، ليس شبيها بعلي. وعليّ يضحك -رضي الله عنه-.

فترفَّقوا بالأبناء، وترفَّقوا بالبنات؛ وتعلموا كيف كان مزاح النبي مع الصغار.

أضف تعليق

error: