اليوم العالمي للديمقراطية


صورة , Democracy , الديموقراطية , الإنتخابات
الإنتخابات

ما هو التعريف القانوني لمصطلح الديمقراطية؟

قالت الأستاذة المحاضرة في الجامعة اللبنانية “عزة سليمان” نشأ مصطلح الديمقراطية منذ المجتمعات القديمة وخاصة الثقافة اليونانية، ومنذ نشأته وهو يعبر عن حكم الشعب، وتبعاً لنشأته في حقبة زمنية لم يكن مفهوم الدولة فيها تطور إلى ما هو عليه الآن؛ فإن مفهوم الديمقراطية لم يأخذ الأبعاد التي يأخذها الآن، حيث وجد ليعبر فقط عن حكم الشعب، في حين أن الشعب في تلك الحقب الزمنية البعيدة كان منقسم بذاته إلى نُخب وسادة وعبيد، وبالتالي جاءت نشأة المصطلح الأولى للتعبير عن حكم الشعب ولكن مع عدم الإقرار بالمساواة في الحقوق والحريات، ومن خلال التطور الديناميكي بالثورات والحروب وغيرها لمفهوم وشكل الدولة أخذ مصطلح الديمقراطية وضعيته الحالية، وعليه أصبحت كلمة ديمقراطية تعبر عن حكم الشعب عبر ممثلين مع تساوي الجميع – بمن فيهم الممثلين – في الحقوق والواجبات والحريات.

والجدير بالذكر أن مما طرأ على مفهوم الديمقراطية أيضاً بعض الفروقات الناتجة عن شكل وطبيعة كل دولة، وبذلك أصبحت لدينا ديمقراطية مباشرة، وديمقراطية منقوصة، وديمقراطية تمثيلية تتأخذ الشكل ولا تمت للمضمون بصلة.

وأضافت “د. عزة” قائلة: كما أنه من جدير القول أن تطور مفهوم الديمقراطية ووصوله إلى تعريفه القانوني والسياسي الحالي زامنه وواكبه تطور المعايير والأنظمة العالمية لحقوق الإنسان، ولذلك تطابق مفهوم الديمقراطية مع مفاهيم حقوق الإنسان، ولذلك نجد أن كل حديث عن حقوق الإنسان لابد وأن يُشار فيه إلى أن الشعب هو مصدر السلطة، ومن ناحية أخرى لن تستقيم الديمقراطية في دولة ما لم يتم إقرار وتنفيذ كل معايير وأنظمة حقوق الإنسان المتفق عليها عالمياً، أي أن العلاقة هنا ترابطية مُلزمة، فلا يمكن اعتبار نظام ما ديمقراطي وهو لا يحترم حقوق الإنسان.

هل صعوبة فهم معنى الديمقراطية هو أساس التحديات التي تواجهها الشعوب العربية؟

إشكالية الديمقراطية في المجتمعات العربية هي أن تلك المجتمعات أُسقط عليها النظام الديمقراطي دون أن تعيش تطوره، وهو على عكس ما حدث لأوروبا التي ماجت وخاضت في أعتى صور الديكتاتورية، واضطرت لخوض حربين عالميتين مهلكتين حتى تؤسس نظاماً ديمقراطياً وتشهد تطوره يوماً بعد يوم، فإذا ما نظرنا إلى دول العالم نجد أن استقرار مفهوم الدولة الحديثة الذي يحمي حقوق الإنسان ومنها النظام السياسي الديمقراطي يتركز في أوروبا وأغلب الأمريكتين، وذلك بالرغم من اختلاف الأنظمة السياسية وآلية المحاسبة لكل دولة على حدة، بل إن هذا الاختلاف دليل على أن كل دولة وضعت ورسمت النظام الخاص بها وشهدت تطوره وإحكامه، وهو ما لم يحدث في الدول العربية، ويؤكد ذلك أن نشأة الدول العربية بشكلها الحالي أو على الأقل التخلص من تبعيتها للاستعمار جاء في السياق الزمني الذي كان فيه العالم الديمقراطي يُصيغ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعليه حدث أن أُسقطت مفاهيم عن العدالة والحرية والمساواة على دول ما زالت تتحسس وتتلمس البدايات وما زالت تحبو على طريق التكوين والإدارة.

وتابعت “د. عزة” قائلة: وللتوضيح بشكل أكبر وأعمق يأخذنا الحديث إلى أهم معيار حديث للديمقراطية وهو معيار المواطنة، فهل الإنسان العربي يشعر ويفهم ويمارس مواطنيته حتى يقدر على الإلتزام بحقوقها ومسئولياتها؟! الإجابة بالطبع لا، حيث إن ثقافة الإنسان العربي لا تحتوي على أي مفهوم من مفاهيم المواطنة، وحتى مع الأنظمة العربية التي وضعت لها مفاهيم تخصها، فإن ما تم وضعه جعل المواطنة تأخذ الأولوية الثانية أو الثالثة عند الإنسان العربي بعد الطائفة والإنتماء السياسي، لكن الدول التي اختبرت المواطنة وعاشت تطورها تتعامل مع المواطنة على أنها علاقة الفرد بالدولة، فالفرد كُرست حقوقه جميعاً ووزعت بعدالة دون نظر إلى طائفة أو لون أو عرق، ومن ثَم لابد له من الإتيان بمسئوليات المواطنة وتحملها، ومن ثَم تنجح الدولة في ترسيخ الديمقراطية.

هل يمكن تطبيق الديمقراطية بالإجبار أو الإكراه؟

النظام الديمقراطي هو النظام الذي يسمح للناس باختيار الأدوات التمثيلية واختيار آلية الحكم المتلائمة معهم، وبالتالي إذا ما لم تستطع الجماهير اختيار ممثلي الحكم وطريقة الحكم بحرية ووعي فلن يمكنهم أبداً تطبيق الديمقراطية حتى ولو أجبروا عليها، فمهما حاولنا تركيب نظام حكم أو مبادئ إدارة على مجتمع لا تتماهى ثقافته مع ذلك النظام وتلك المبادئ فلن ينتظم المجتمع ولن يتقبل المبادئ ولو كانت ملائكية جميلة.

ما هي معايير النظام الديمقراطي؟

أكدت “د. عزة” على أن أهم المعايير بالديمقراطية هي وجود مؤسسات تشريعية وتنفيذية وقضائية منفصلة ومنتظمة وقائمة على احترام حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والمساواة والمحاسبة، وبذلك نجد أن أي نظام ديمقراطي لا يخلو من وجود حقوق جماعية وفردية ومسئوليات جماعية وفردية، ومن المعايير الأخرى الهامة هو تداول السلطات وليس أبدية السلطات أو توارثها.

متى يمتلك الشعب العربي الديمقراطية؟ ومتى يصبح ديمقراطياً؟

كلاهما يحدث عندما يريد الشعب العربي، وهذه الإرادة لن تتواجد إلا بعد أن تُحدد الهوية ويوضع الهدف من العيش على الأرض ويزيد الوعي بما هو مراد للمستقبل، لكن الإنفصام فيما بين العامل المكاني من خلال العيش على أرض ما وبين الإنتماء الطائفي أو الديني أو التاريخي لن يُوجِد أو يُملِّك ديمقراطية، لأن الهوية هنا مُتنازع عليها عند الأفراد، فأي من هذه الهويات يُقدَّم عند الاختيار أو عند ممارسة المواطنة؟! هل يُختار ممثلي الحكم على أساس جواز السفر التابع للدولة؟! أم يُختارون على أساس الطائفة أو الحزب الذي ينتمي إليه المواطن؟! لكن بعد تحديد الهوية سيسهل تأسيس نظام ديمقراطي وممارسته وتفعيله.

لماذا لا تتطور القوانين العربية فيما يخص أنظمة الحكم؟

اختتمت “د. عزة” قائلة: عدم تطوير القوانين دليل صارخ على انتفاء الديمقراطية في المجتمع، لأنه دليل على الإنفصال بين السلطة وبين الشعب، أي أن عدم ممارسة السلطة التشريعية دورها في تطوير القوانين – أياً كان نوعها – بما يتناسب مع حاجة المجتمع للإصلاح والتقدم مؤشر على أن السلطة التشريعية تعمل في وادٍ بعيد عمن انتخبها ومنحها سلطاتها، وهو ما يتعرض مع مفهوم الديمقراطية التاريخي المُشار إليه آنفاً وهو حكم الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top