الكبرياء لله وحده فلا تنازعوه

صورة , التكبر , الكبرياء

التكبر أو الكبر والخيلاء هو مرض من أمراض القلوب، يستشعر معه صاحبه أنه أفضل من خلق الله وأنه أكرم منهم، ويداخله شعور بالأنفة والإعجاب بنفسه، ربما لمال يمتلكه أو جاه يتمتع به، أو سلطان فُوض إليه، وربما لعلم أتاه الله إياه أو غيره، أو حتى إيمان بالله وقرب منه.

وهو من الأمراض الخبيثة التي لا تستطيع القلوب التخلص منها أو السيطرة عليها بسهولة، ومن الأخلاق المذمومة التي يذم صاحبها، وتكره صحبته فالمغرور المتكبر، ينظر إلى من معه نظرة دونية وربما يذدريهم ويمن عليهم بمصاحبته لهم، وهذا النمط من التعامل من الصعب جدا على الآخر أن يتحمله أو يتكيف معه، وهنا سوف نتناول موضوع الكبر بشيء من التفصيل موضحين نهي الإسلام عنه، ومدى حرمته، وأثاره على المتكبر ومن حوله، وكيف يمكن التعافي من هذا الخلق الذميم؟

النهي عن الكبر في الكتاب السنة

نهى الله عز وجل عباده عن الكبر، وأخبر أنه يكره المتكبرين، وإن في التخلق بخلق الكبر منازعة لله عز وجل فيما خص نفسه به من الكبرياء والعظمة، وهذا المعنى أكد عليه رسول الله عز وجل في حديثه الذي يروي فيه قول رب العزة:(قال الله عزّ وجلّ: العزُّ إزاري، والكبرياءُ ردائي، فمن نازعني فيهما عذّبته)، وفي هذا الحديث ما فيه من النهي عن الكبر وكراهة الاتصاف به بين الخلق، فالله هو الكبير المتعال جل وعلى، ولا يليق بالعبد تجاه ربه إلا العبودية المطلقة وإظهار الضراعة والتذلل له، مهما كان من حال المرء من عز أو جاه أو سلطان بين الخلق فإن الله عز وجل قادر على تغيير حاله ما بين عشية وضحاها.

ومن أصعب الأحاديث وأقساها على المتكبرين والمعجبين بما لديهم من النعم، أو المعجبين بأعمالهم المغترين بها قول النبي –صلى الله عليه وسلم- في بيان عقاب الكبر وسوء عاقبة المتكبرين: (لا يدخل الجنـــــّة من كان في قلبــــه مِثقال ذرّة من كبـــر)، فما أقساها من عقوبة ومن أفدحه من ثمن ذلك الذي يدفعه المتكبر، فهو يرضي غروره للحظات ويحرم رحمة ربه للأبد، فياله من خاسر!!

قد ذكر القرآن الكريم أيضا المتكبرين عن عبادته، والجاحدين بآلائه، والمتفاخرين على خلقه متوعدا إياهم بالعذاب والعقاب الشديدين، ومن ذلك قوله عز وجل: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

وقال في موضع آخر: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَّا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِن يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ)، وهذا وعيد شديد بأن الله يبتلى المتكبرون بعمى البصيرة ويصدهم عن آياته فيعرضون عنها فيفوتهم من الخير ما لا يمكن تعويضه.

أثار الكبر على أصحابه

الكبر خلق ذميم، يورث الكراهية والسخط، وهو من ظلم الناس لأنفسهم حيث يلبس العبد ثيابا لا تليق به فيبارز الله بغروره ينازعه في ما يخصه، فالكبرياء لله وحده، ومن ثماره السلبية ما يلي:

الكبر خلق منفر يكرهه القاصي والداني، والمتكبر لا يقترب منه أحد ولا يتعامل معه الناس إلا مضطرين كارهين.
ومن أثار الكبر كذلك أن الله يحرم العبد من دخول الجنة لو اطلع على قلبه فوجد فيه ذرة كبر.

يعد الكبر على خلق الله اغترارا بنعمه درب من سوء استغلال تلك النعم، وبطر لها، وعدم الشكر عليها كما ينبغي، فيبتلى العبد بزوال النعمة بعد امتلاكها، ويرث الذل بعد العز، ويكون سببا في الفقر من بعد الغنى!

وعد الله المتكبرين بأنه سيصرفهم عن آياته، فيصبح المتكبر قاسي القلب لا يعبأ بعبرة ولا موعظة، في هذا من الضلال والبعد عن الحق ما فيه.

كيف يعالج الإنسان نفسه من داء الكبر

كل انسان يبتلى بمرض أو تواجهه مشكلة يبحث لها عن علاج، ويبذل الغالي والنفيس في سبيل مداواتها والتعافي منها من أعراضها وتبعاتها، وكذلك الكبر هو داء يصيب القلب فيجعله مغترا فرحا بما يملك من نعم لا يد له فيها، ولأن عاقبة الكبر سوء وشؤم وندامة على أصحابها فيجب أن يجتهد المرء في علاجها ومن الأمور المعينة على ذلك ما يلي:

تذكر نعم الله على العبد وآلائه عليه، وستره له وصبره على معصيته وحلمه عليه، فيستشعر الخجل منه والتذلل له.
قراءة القرآن وتدبره والتعرف على حرمة الكبر وخطورته، فيعرف المرء عظم ذنبه ويرجع منيبا إلى ربه.

الاغترار بالنعم أمر ممقوت وسبب مبتور، لأن كل ما لدى الإنسان من مظاهر القوة ومن دواعي مرحه وفخره عرضة للزوال، والقصص في اقعنا واضحة وضوح الشمس في عليائها فاعتبروا يا أولي الأبصار.

أضف تعليق

error: