التخلص من اللامبالاة

التخلص من اللامبالاة

قد تعترض كل منا مواقف سلبية تترك أثر عميق في النفس، فنحاول جاهدين تجاوزها بالصبر والإرادة، إلا أنها قد تتضاعف في بعض الأحيان لدى البعض لتصل إلى حد الشعور باللامبالاة، ثم ما يلبث أن يتحول هذا الشعور بعد فترة وجيزة إلى البرود العاطفي تجاه كافة المواقف، حتى تجاه تلك المواقف ذات التأثير الإيجابي على النفس، التي تدعو إلى الفرح أو السعادة.

وتعتبر اللامبالاة من أبرز الظواهر السلبية التي أصابت فئة كبيرة جداً من الشباب خلال الآونة القليلة الماضية؛ نتيجة للضغوطات النفسية اليومية التي يتعرض لها الشباب، واللامبالاة تجعل الفرد غير مهتم بمستقبله، وبكافة شئون حياته، وهذا لأنه لا يملك الإرادة، والعزيمة التي تعينه على التفكير في ذلك.

ما هي اللامبالاة؟

يقول مستشار التنمية البشرية والتطوير المؤسسي الأستاذ “حسين الجوهري”: أن اللامبالاة يمكن تعريفها على أنها تصرف الإنسان في بعض المواقف بدون تفكير، ودون الشعور بالمسؤولية تجاه هذا التصرف، وبالتالي عدم تحمل عواقب، أو نتائج هذا التصرف، كما يمكن تعريف اللامبالاة بطريقة آخري، على أنها مجموعة من السلوكيات، أو التصرفات التي قد يقوم بها الإنسان بطريقة عشوائية، وقد تكون هذه التصرفات إيجابية، أو قد تكون سلبية.

ومن الجدير بالذكر أن الإنسان قد يتجه نحو اللامبالاة حتى يتغاضى عن الأمور السلبية والمشكلات التي قد تزعجه، كأن يتجنب الدخول في بعض النقاشات حتى لا يستمع إلى بعض الكلمات السلبية التي تؤثر على صحته النفسية، وبالتالي قد تكون اللامبالاة طريقاً يتخذه بعض الأشخاص بكامل إرادتهم للبحث عن الراحة والسعادة.

أسباب اللامبالاة

تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى اتجاه بعض الأشخاص للشعور باللامبالاة خاصةً السلبية منها، ومن أهم تلك الأسباب:

  • التنشئة الاجتماعية؛ فقد يضطر بعض الأبناء إلى اللجوء إلى مشاعر اللامبالاة بسبب تعدد المشاكل بين الأبوين وتكرارها.
  • بعض العوامل النفسية: فقد تكون اللامبالاة نتيجة للشعور بعدم الثقة بالنفس، أو عدم الشعور بتقدير الذات، وكذلك عدم القدرة على معرفة قدرات الذات بشكل جيد.
  • البحث عن الكمال والمثالية: وهذا قد نُطلق عليه اسم “الاحتراق النفسي”، الذي قد يُصيب البعض؛ حيث دائماً ما يبحث الشخص عن الكمال والمثالية في وظيفته، وفي علاقاته، وفي كل شيء تقريباً؛ مما يجعله يتجه نحو اللامبالاة، بعد تكرار المحاولات للوصول إلى المثالية، وبعد مرات عديدة من المقاومة.
  • التشبع: وهذا يعني أن يشعر البعض بالتشبع من علاقة معينة، أو من علاقته الزوجية على سبيل المثال، وبالتالي يبدأ في تجاهل كل ما يمكنه أن يطور من هذه العلاقة التي أصبحت روتينية بطبيعة الحال، لكنه بدلاً من ذلك يتجه نحو اللامبالاة.
  • وهذا النوع من اللامبالاة قد يكون نتيجة للتعود والتشبع، حتى من الأشياء التي نمتلكها، فبدلاً من الاهتمام بالسيارة على سبيل المثال، أصبح هناك نوعاً من التعود، فلم يعد بالتالي هنالك اهتمام كما كان في السابق.
  • البحث عن السعادة: فقد تكون اللامبالاة هي الطريق الافضل للشعور بالسعادة، والابتعاد عن المناقشات والحوارات التي قد تؤثر سلباً على صحة الشخص النفسية.
  • أسباب عضوية: فقد يشعر الإنسان باللامبالاة نتيجة لإصابته بمرض مزمن على سبيل المثال، وبالتالي فيتمكن منه اليأس ويكون الشعور باللامبالاة هو الحل بالنسبة له، حتى قد يجعله هذا لا يتناول الأدوية التي يقوم الطبيب بوصفها له، وغالباً ما يكون في هذه الحالة الشخص فاقداً بمعنى الحياة.
  • إصابة الفرد ببعض الأمراض مثل: الزهايمر، وشعور الفرد بالخمول، والتعب، والإصابة بالصدمات النفسية الناتجة عن التعرض لمواقف صعبة.
  • إدمان المخدرات، والكحوليات.
  • تدهور الأحوال الاقتصادية، والاجتماعية، وما يترتب على ذلك من مشكلات تضر بمستقبل الفرد، وتؤثر على حالته النفسية مثل الفقر، والبطالة، وارتفاع نسبة الجهل.
  • اتباع اساليب خاطئة في تربية الأبناء: ومن أبرز تلك الأساليب الخاطئة التميز في المعاملة، وتفضيل أحد الأبناء، والاهتمام به، واهمال الآخر، والقسوة في معاقبة الأبناء، وعدم الاهتمام بهم، وغير ذلك.

هل من سبل لتجنب الشعور باللامبالاة؟

يؤكد الأستاذ “الجوهري” على أن السبيل الاول لتجنب مشاعر اللامبالاة يكمن في التوقف عن البحث عن الكمال والمثالية سواء في الآخرين، أو في الوظيفة، والعلاقات الاجتماعية بأنواعها المختلفة؛ حيث أن الشخص الذي يتميز بصحة نفسية جيدة، والذي لديه رؤية وهدف يعيش من أجل تحقيقهم، يكون لدية من التوازن ما يجعله يتقبل الخسارة في بعض الحالات، وكذلك يتقبل فقد بعض الأشخاص، ولكنه يستمر على الطريق، ولا يبرح؛ كما أنه حتماً ولابد حتى نتجنب مشاعر اللامبالاة، يجب ألا نضع المعوق قبل الهدف.

ومن الجدير بالذكر أنه يجب أن يكون هناك توازن واضح بين متطلبات الفرد المشاعرية، وبين الاحتياجات اليومية حتى لا يكون هنالك حاجة للشعور باللامبالاة، فالتوازن بين المتطلبات العاطفية، والعقلية من أهم الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى عدم الشعور باللامبالاة، وترتبط اللامبالاة بالمتطلب العاطفي، والذي إذا لم يُحقق فيسبب ذلك الشعور بالندم، والذي إذا استمر، سيتحول إلى الشعور باللامبالاة، بل وباليأس أحياناً؛ لذلك فإضافة الواقعية في التفكير أمر مهم وضروري حتى نكون بصحة نفسية جيدة.

كيف يمكن التخلص من اللامبالاة؟

مما لا شك فيه أن الخطوة الأولى للتخلص من اللامبالاة هو اليقين بأن الحياة كفاح، وبأنها لا تكون ممهدة بالورود، لذلك فيجب أن نتقبل خسارتنا في الحياة قدر الإمكان.

ويجب أن يبادر الفرد بالبحث عن العلاج المناسب لكي يتخلص نهائياً من اللامبالاة إذا ما شعر بها، وفي سبيل ذلك يمكنه الاستعانة بعدة نقاط، أهمها:

  • يجب أن يثق الفرد في قدراته، ومهاراته، وعليه أن يحاول تحقيق أقصى استفادة ممكنة منها، وعليه أن يركز بشكل دائم على الأمور، والسمات الإيجابية التي تدفعه إلى تطوير ذاته، وتحقيق أهدافه، وطموحاته، وعليه أيضاً أن يحارب الكسل، ويتجنب تأجيل المهام، والأعمال المطلوبة منه، ويحرص على انجازها أولاً بأول.
  • التركيز على نقاط القوة التي يتمتع بها الفرد، وكذلك السمات التي تميزه عن غيره من الأشخاص فهذا بالتأكيد سيزيد فخره، وثقته بنفسه، ويجعله أكثر اقبالاً على الحياة.
  • محاولة التخلص من التفكير السلبي، والابتعاد عن الأشخاص الذين ينقلون الأفكار السلبية، ويغرسون اليأس، والإحباط في نفوس غيرهم، وعلى الفرد أن يتمسك بالحماس، والأمل، وأن يذكر نفسه دائماً أن التفكير الإيجابي من أبرز الطرق التي يمكنه الاستعانة بها من أجل النجاح، والتميز في الكثير من أمور حياته.
  • محاولة تغيير البيئة المحيطة: ذلك بالإضافة إلى أنه من المهم أن نوضح أن البيئة المحيطة بالشخص هي التي غالباً ما تجعله يتجه نحو اللامبالاة نتيجة الضغوط المستمرة للحصول على وظيفة، أو للزواج، أو لأي سبب كان، لذلك فهؤلاء الأشخاص هم الذين لابد وأن يكونوا على درجة من الوعي بما يسببونه لمن حولهم.

وأخيراً فيؤكد الأستاذ “حسين” أن اللامبالاة في الحب لا تُعني الكراهية، واللامبالاة في الحياة لا تعني كراهية الحياة، واللامبالاة في الوظيفة لا تُعني عدم القدرة على الأداء الوظيفي، إنما تعني اللامبالاة في هذه الحالات التشبع، فالحياة روتينية بما يكفي لتجعل الإنسان يشعر بالتشبع، ومن ثم باللامبالاة؛ لذلك فمن المهم أن يحاول الإنسان التجديد بشكل مستمر في حياته بشكل عام.

أضف تعليق

error: