البيئة المحيطة بالفرد تصنع الأقوياء

البيئة , الأقوياء

يولد الانسان منا وهو يحمل بعض الصفات الوراثية التي لا خيرة له فيها، ولا تتغير مع مرور الوقت بل تبرز وتصير أوضح، وهذا ينطبق على الصفات الجسدية والشكلية والأخلاقية أيضًا، ولكن مع ذلك فهو بمجرد ولادته واحتكاكه بالعالم المحيط به يبدأ في امتصاص تأثيرات العوامل المحيطة به، فإذا كانت الأم عصبية سريعة الانفعال، تجد الطفل عصبيًا سريع الغضب كثير الصراخ، وإذا كانت هادئة الطبع تجد الطفل هادئًا، وإذا كانت البيئة المحيطة بالطفل مليئة بالصخب والأطفال الصغار والأحاديث التي لا تنقطع تجده يتكلم بسرعة ويتجاوب مع من حوله بشكل أفضل، في حين تترك الوحدة والهدوء المسيطر على البيت أثرها على مهارات الطفل الأول مثلاً، وهذه الظواهر كلها تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أن الانسان بملامحه المختلفة وطباعه وميوله ورؤاه ما هو إلا انعكاس لملامح بيئته، ونتاج لمعادلاتها المتداخلة.

وهنا سوف نحاول أن نجد معًا جوابًا منطقيًا وواقعيًا عن التساؤل الذي ينطوي عليه محور الحديث (هل البيئة المحيطة بالفرد تصنع الأقوياء؟).

تأثير البيئة في سلوك الفرد

إن مشاهد الواقع والخبرات الحياتية شبه اليومية التي نحاكيها ونعاصرها بأنفسنا تؤكد أن الشخص يتأثر بالبيئة المحيطة به بشكل كبير جدًا، على مستوى السلوك والاتجاهات والآراء والثقافة وغيره، وقبل ان نوضح كيف أو من أين يأتي هذا التأثير يجدر بنا أن نعرف ما المقصود بالبيئة؟

البيئة هي العالم الخارجي المحيط بالإنسان بكل ما يشمله من التفاصيل المرئية والمسموعة والمحسوسة، بكل ما فيه من السلبيات والإيجابيات، وكل ما فيه من أفراد وأشياء وأحداث.

يأتي تأثر الفرد ببيئته من كونها الكيان الأول الذي يتعامل معه، ويستكشف العالم كله من خلاله، فمثلا الطفل يرى أول ما يرى أمه وأباه، ويسمع أصواتهما، ويتعرف على ردود الفعل المختلفة من خلالهما، ثم يبدأ في اكتساب مهاراته من خلالهما أيضًا وتكوين آرائه ومواقفه بناء على مواقفهما، فهو يعرف أن الصلاة شيئا مقدسًا وهامًا ولا يمكن تأخيره حين يرى أبويه يحرصان عليها ويقدمانها على ما سواها، فيرسخ في قلبه وعقله هذا المعتقد ويتبناه ويصير ضمن الثوابت عنده، والعكس صحيح.

الاختلاف في تعاطي العوامل البيئية من فرد لآخر

وبرغم الاتفاق على أن البيئة تؤثر في الفرد تأثيرًا كبيرًا جدًا إلا أن تعاطي الأفراد للعوامل البيئية متباين جدًا ومختلف بشكل واسع، فمثلا لو نشأ طفلين كلاهما بلا أب، فقد ينعكس ذلك على الأول إيجابيًا فيشب على الشعور بالمسؤولية والاعتماد على النفس، وينعكس على الآخر سلبًا فيشب وهو يعاني من الحرمان واليتم ويصبح شخصية ضعيفة وغير متزنة.

كيف نجعل بيئاتنا تخلق الأقوياء

قلنا آنفا أن ردود الفعل وتعاطي المؤثرات يختلف من شخص لآخر ولكن بوجه عام يمكننا القول أن البيئة السوية المتزنة التي تجمع بين المتضادات بسلاسة وبصورة طبيعية تصنع الأسوياء والأقوياء، بينما البيئات غير السوية التي تميل إلى الإفراط أو التفريط فغالبًا ما تنتج كيانات ضعيفة وهشة، ونحن يمكننا أن نجعل بيئاتنا المحيطة بأنائنا داعمة لهم وتخلق منهم الأقوياء والمثابرين بعدة طرق منها:

  • الحب المعتدل بلا إفراط ولا تفريط.
  • الرعاية المتزنة وتوفير الاحتياجات الضرورية إلى جانب بعض الرفاهيات (البعض فقط).
  • مشاركة الأبناء في إدارة الحياة وتحميلهم بعض المسؤوليات لتدريبهم على مواجهة تحديات الحياة، وتعزيز قيم الاعتماد على النفس والصبر والمثابرة والاجتهاد من خلال المواقف والكلام.
  • تعليم الأبناء وإكسابهم المهارات يومًا بعد يوم.
  • تعليم الأبناء بالمواقف والخبرات الحياتية كيفية مواجهة المشكلات وكيفية تجاوز المتاعب والعقبات.
  • غرس الثقة بالنفس بالكلمات الإيجابية الداعمة المشجعة، وتقدير محاولاتهم وانجازاتهم.
  • تجنب العوامل المحبطة والبعد عن الأشخاص السلبيين والمدمرين الين يستنزفون الطاقة ويثبطون العزائم.
  • انتقاء المواد المسموعة والمرئية التي تؤثر فيهم إيجابيًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top