أشياء تحرم العبد استجابة الدعاء

الدعاء , المسلم , Muslim pray , صورة

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على النبي المصطفى، وعلى آله الأطهار وصحبه الكرام الأبرار وعلى من سار على هديهم واتبع سنتهم ما تعاقب الليل والنهار، أما بعد; فمن أجمل ما قيل في الدعاء:

لا تسألن بني آدم حاجة *** وسلِ الذي أبوابُه لا تحجبُ
الله يغضب إن تركت سؤاله *** وبني آدم حين يسأل يغضبُ

فإن الله جعل الدعاء باب الرجاء يطرقه المؤمن فيؤتًى سؤله، ويستجاب لمطلبه، ويكشف الله عنه من الضر ما لا طاقة له به، أو يمنحه من العطاء ما تطمح إليه نفسه، والدعاء موضوع واسع متعدد الجوانب، فيشمل الحديث عن الدعاء بيان فضله وعظيم أثره، وآدابه، وأفضل أوقاته وأكثر الأحوال التي يرجى معها استجابة الدعاء، وقد بين لنا الكتاب الكريم معظم تلك الجوانب وفصلتها السنة النبوية المطهرة، وفي معرض الحديث عن الدعاء أحببنا أن نخصص هذا المقال للحديث عن بعض الأمور والأشياء والأحوال التي قد تعتري العبد فيحرم بركة استجابة الدعاء، مبينين إياها على ضوء الكتاب والسنة، نسأل الله أن يذكرنا وينجينا ويعفينا من التلبس بما يمنع استجابة الدعاء أو يحرمنا بركة التوفيق من الله.

أسباب عدم استجابة الدعاء

الأصل أن الله وعد بالاستجابة وأنه عز وجل أكرم من أن يرد سائلا وهذا ما أخبرنا به النبي -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: (إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين)، غير أن هناك بعض الأمور التي تحرم العبد استجابة الدعاء، ومن أهمها:

أكل المال الحرام

من أهم أسباب حرمان العبد من استجابة الدعاء عدم تحري الحلال في مأكله وملبسه، فعلى الرغم من أن الدعاء في شريعتنا شرع بلا واسطة ولا شرط ولا قيد إلا إن الله الطيب لا يقبل إلا طيبا، ولا يستجيب لدعاء يخرج من شخص مأكله حرام وملبسه حرام، وقد ورد أكثر من نص في بيان تلك النقطة وتوضيحها، ومن لك: ما ورد عن أبي هريرةَ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- أنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ تَعَالَى طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا، وإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ، فَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُواْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وَقَالَ تَعَالَى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}، ثُمَّ ذَكَرَ: الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّماءِ يا رَبُّ.. يا رَبُّ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لَهُ؟) رواه مُسْلمٌ. ومنه قول النبي: (لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به).

الاستعجال في الدعاء

وهو من آفات الدعاء فالإنسان خلق عجولا يريد أن يدع فيستجاب له مباشرة بلا تأخير أو إبطاء، ويظن أن في ذلك الخير، بينما يؤخر الله استجابة بعض الأدعية لحكمة يعلمها وحده، ولا شك أن في ذلك الخير، وقد علمنا النبي أن استجابة الدعاء مرهونة بعدم الاستعجال، ومن ذلك ما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ ما لم يَعْجَل، يقول دَعَوْتُ فلم يستجب لي».

الدعاء بالإثم

ويجب عل الداعي ألا يدع بإثم ولا قطيعة رحم، فهذا من باب التجاوز في صلاحية الدعاء فيكره للمسلم أن يدع على أخيه أو نفسه بمكروه أو اثم، -ويستثنى من ذلك دعاء المظلوم على الظالم- فمتى دعا بذلك فإنه لا يستجاب له رحمة من الله به وبغيره، وقد نبه الإسلام إلى ذلك وبين خطره وكراهيته في دعاء الوالد على ولده، ومما يشير إلى ذلك المعنى عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَزَالُ يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم».

عدم التيقن من الإجابة

عدم التيقن من الإجابة يحرم الإنسان الإجابة، فمن شروط قبول الدعاء أن يكون الداع موقنا بالإجابة مستحضرا لكرم الله وقدرته أنه القادر على إجابته وإعطائه مسألته، وإلا ففيم الدعاء!

غفلة القلب

فالدعاء هو طلب ورجاء ومن لوازمه الضراعة والتذلل والخشوع لله، وحضور القلب وتوكله وإخلاصه لله عز وجل، وقد علمنا النبي ذلك حين قال في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النَّبِيّ- صلى الله عليه وسلم-: {ادْعُوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل لاه).

أضف تعليق

error: