أحاديث عن شهر رمضان بالشرح

أحاديث عن شهر رمضان

لا شك أن السنة النبوية فيها تفصيل لكثير من الأحكام التي أنزلها الله على العباد، وفرضها عليهم في القرآن الكريم، والتزامنا بالقرآن لا يجب أن يخلو من التزام بالسنة النبوية، فالرسول “صلى الله عليه وسلم” معصوم من الخطأ، لا ينطق عن الهوى، فكل ما يقوله وحيٌ من عند الله، والرسول “صلى الله عليه وسلم” جاءنا ليتم فينا مكارم الأخلاق التي يجب أن نتحلى بها، فما أحوجنا إلى الاقتداء بالرسول “صلى الله عليه وسلم” السير على نهجه، والتحلي بصفاته، وتدارس كلماته، وفعل ما أمر به، وتدبر القرآن من خلال سنته، وألا نخرج عن عباءته، فالرسول “صلى الله عليه وسلم” رمز الإسلام، ورحمة الإسلام.

أحاديث عن شهر رمضان

١. الحديث الأول: عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان” (رواه البخاري ومسلم).

فُرض الصيام في شهر رمضان، بعدما هاجر النبي “صلى الله عليه وسلم” إلى المدينة، نظرًا إلى أن جل الأحكام التشريعية التي تنزلت على المسلمين، كانت في المدينة بعد هجرة الرسول “صلى الله عليه وسلم”، وفيها فُرض صيام شهر رمضان في آيات محكمة تنزلت من عند الله “سبحانه وتعالى.

ومن الحديث الشريف السابق، يتضح أن إسلام المرء لا يكتمل إلا بخمسة شروط؛ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، أي الشهادة بوحدانية الله، وأن سيدنا محمد هو رسوله “صلى الله عليه وسلم، وإقامة الصلاة، في مواقيتها، وكما كان الرسول “صلى الله عليه وسلم” يصلي، وإيتاء الزكاة لمن يستوجب لهم الزكاة، وحج البيت، لمن استطاع إليه سبيلًا، وصيام شهر رمضان.

وبذلك لا يكتمل إسلام المرء دون صيام شهر رمضان، لأن الله فرضه في كتابه، وفي صيامه خير كبير، ورزق واسع، وغنائم كثيرة، وفضائل لا تعد، ورحمة من الله على العباد، فمن أراد أن يتم إسلامه، لا يخلو عامه من صيام شهر رمضان، حتى يكتبه الله من الصائمين، وينال جزاء صيامه.

٢. الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين، ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة” (رواه الترمذي وصححه الألباني).

تعددت فضائل شهر رمضان الكريم على العباد، فقدوم رمضان رحمة، وخير كثير، وبركة وفيرة، ورزق واسع، وفرصة سانحة ذهبية من عند الله لا ينبغى على المسلم أن يضيعها في اللهو وملذات نفسه، أو يتجاهلها بقضاء فروض العبادات كراهية وطواعية، بل يجب في سبيلها أن يجتهد في العبادة، ويتبتل إلى الله، وألا يهدأ باله إلا إذا صام اليوم صومًا راضيًا عنه، ولا يتخلله معصية دون أن ينهيها ويستغفر عنها.

تلك الفضائل هي الهدف الأسمى الذي يضعه المسلم نصب عينيه، والغاية الكبرى التي يجب أن يصل في سبيلها المسلم إلى مراتب عالية من العبادة والطاعة، بالصلاة والقرآن والذكر، والمداومة على أعمال الخير والبر، والإمساك عن كل ما يغضب الله، والصبر على ذلك حتى يتم صوم رمضان إيمانًا واحتسابًا.

تلك الفضائل هي: الشياطين تصفد، فلا يجد المسلم شياطين حواليه يوسوسون له بالمعاصي، بل تكون مصفدة مسلسلة لا تحيل أبدًا بين الإنسان وأعماله، فتجد الإنسان في هذا الشهر إذا عمل عملًا ابتغاء مرضاة الله، فلا يحلو بينه وبين هذا العمل شيء.

وتُفتح أبواب الجنة فلا يُغلق منها باب، فتخيل أنك في هذا الشهر تكون أبواب الجنة مفتوحة لك على مصراعيتها، ولا تحتاج منك سوى العبادة والطاعة باجتهاد، والتزام، وصبر عليها، حتى ينتهي الشهر، أيام معدودات لكن خيرها وفير، ورزقها كبير، في الدنيا والآخرة، والآخرة خير وأبقى.

وتُغلق أبواب النار، فلا يُفتح منها باب؛ النار التي يخشاها العبد، وتكون نكبته في الدنيا، إذا فعل ما استوجب دخوله فيها، من كبائر الذنوب وصغائرها، تكون مغلقة ولا يُفتح منها باب، أي أن الله لا يريد أن يحسب للنار في هذا الشهر حسابًا، وأن يجعل عبادة المسلم مرضاة لله وحبًا فيه وطمعًا في خيره، لا خشية من النار.

ولله في كل ليلة من ليالي رمضان عتقاء من النار؛ بالتأكيد هؤلاء العتقاء ليس هم من يؤدون الفروض كأدائهم للواجب، الذي لا يدخله ضمير، أو خشوع، أو تذكر لرحمة الله وأفضاله ونعمه، بل هؤلاء العتقاء “بالتأكيد” من الذين اجتهدوا في مرضاة الله، وطاعته، وتبتلوا إلى الله بالعبادة الصالحة، التي يغلفها النية الخالصة لوجه الله “سبحانه وتعالى” تلك فضائل الله في شهر رمضان، فالخاسر من يضيعها هباء دون أن يفعل في سبيلها ما يلزم، وسوف يلقى ندمًا كبيرًا إذا فاته الشهر دون أن يعوض ما فاته، ويطلب العفو من الله على ما اقترفه.

٣. الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه البخاري ومسلم)، والرسول “صلى الله عليه وسلم” في الحديث الشريف يعطينا الوسيلة، والغاية من الصيام، في كلمات وجيزة جليلة، معناها عميق، وتشتمل على دلائل عديدة، ووسائل لا تحصى.

الصيام إيمانًا واحتسابًا، كيف يكون؟ يكون بتحقق التقوى في الصيام، والتقوى لا تتحقق إلا إذا أخلص المسلم النية في صيامه لله، وعزم من أول ليلة من شهر رمضان أن يصوم عن كل ما يغضب الله، ويحفظ جوفه وقلبه ولسانه من كل ما يشوبها من المعاصي، ويجتهد في ذلك أيما اجتهاد.

فمنذ الليلة الأولى من شهر رمضان، إلى آخر ليلة من شهر رمضان، لابد للمسلم أن يصبر على إقامة الصلوات الخمس في مواقيتها، ويلتزم فيها بالقرآن والذكر، ويؤديها بتروٍ وخشوع، ويدعو فيها الله بالمغفرة، ولا يترك الصلاة إلا وهو راض عنها، وقلبه مرتاح لها، وأن يحدد لنفسه وردًا من القرآن يؤديه في كل يوم، على الأقل جزء مقسم على الصلوات الخمس، في كل صلاة عدد من الصفحات معينًا يقرأه ويتدبره، وأن يحافظ على الأذكار، فيرقق بها قلبه، ويزيد بها خشوعه، ويسمو بنفسه عن الدنيا، فيراها زائلة، ولا يرى سوى رحمة الله والخير الوفير والفضائل الجليلة التي تنزل الله بها على العباد في شهر رمضان.

٤. الحديث الرائع: عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن في الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل معهم أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم، أغلق فلم يدخل منه أحد” (رواه البخاري ومسلم).

وفي الحديث الشريف، رسالة يخبرنا بها الرسول “صلى الله عليه وسلم” من عند الله، تلك الرسالة فحواها أن للصائمين بابًا لا يدخل معهم أحد غيرهم، وأقصد بالصائمين هنا، من صاموا رمضان إيمانًا واحتسابًا، والله أعلم، هذا الباب يسمى الريان، وهو مخصص لهم.

أضف تعليق

error: