تعزيز الصحة النفسية في المدارس

أهمية تعزيز الصحة النفسية في المدارس

يدور الحَديث مؤخّرًا عن تعزيز الصحة النفسية في المدارس، حيثُ تُعتَبر المَدرسة مُجتمعًا مُصغَّرًا يجتمع فيه أشكال وأنواع مُختلفة من الناس، فيجتمع الطالب مع المُعلم والإداري ووكيل المدرسة، وعامل النظافة وطبيب عيادة المدرسة، وتختلف الحالات الاجتماعية والاقتصادية، فهناك طالب من أسرة غنية وهناك طالب من أسرة فقيرة، وهناك المُعلم الغني، وهناك المعلم الفقير.

وبالتالي تختلف الأوضاع النفسية والسلوكية لكل منهم، لذلك يجب علينا دراسة تلك التغيرات، والعمل على إنشاء توافق بين أفراد المنظومة المدرسية لتعزيز الصحة النفسية لكل منهم، وبالتالي زيادة معدل التفوق الدراسي، فيتناغم الطالب مع المعلم أثناء الشرح، ويتفاعل الطلاب مع بعضهم البعض بصورة طبيعية أثناء الفُسحة المدرسية.

أهمية المعلم ودوره في تعزيز الصحة النفسية للطلاب

يُمكن للمُعلم أن يكون له دور مهم في تعزيز الصحة النفسية بالنسبة إلى الطلاب، فأثناء الشرح، يجب على المعلم أن يستخدمَ الطرق الحديثة في الشرح وتبسيط المعلومة ويجعلها سهلة يسيرة بالنسبة للطلاب، فيستخدم أسلوب الفهم وإعمال العقل والمنطق، وليس أسلوب الحفظ وحشو المعلومات داخل عقل الطالب، لأن الحفظ لن يقومَ بتثبيت المعلومة، وعليه استخدام أسلوب الترغيب مع قليل من الترهيب، فعليه أن يعرض العديد من الجوائز الرمزية كهدايا للطلاب في حالة تفوقهم الدراسي وحصولهم على درجات جيدة في الاختبارات المدرسية.

كما ينبغي عليه ألا يُفرِّق بين الطلاب بسبب حالتهم المادية أو الاجتماعية، فيعامل الطالب الغني كما يعامل الطالب الفقير، بل بالعكس، ينبغي عليه أن يكون أكثر لطفًا في التعامل مع الطالب الفقير، وزيادة دعمه معنويًّا.

وينبغي على المعلم أن يَفصل بين مشاكله الخاصة وبين العمل داخل المدرسة، فنجد بعض المُعلمين يذهبون إلى المدرسة بعد مشادات ومشاكل أُسَرية مع أبنائهم وأقاربهم، وعندما يذهبون إلى المدرسة، يفرغون تلك الشحنات السلبية عن طريق تعنيف الطلاب بدنيًّا ومعنويًّا، وإشباعهم بالضرب والشتائم على أتفه الأسباب وأقلها، وهذا سلوك غير مقبول على الإطلاق، فيجب تقنين عملية تعنيف الطلاب وضربهم، فإذا تم التعامل مع الطلاب بلين ورفق وهدوء، فسوف ينشأ لدينا جيل من الطلاب مُعتمد على نفسه، ويقول رأيه بكل ثقة واحترام.

تعامل أعضاء هيئة التدريس مع بعضهم من أجل صحة نفسية أفضل لهم

فالمُعلم يجب عليه أن يُعامل المعلم الآخر على أساس الاحترام المتبادل فيما بينهم، وينبغي عليهم احترام بعضهم البعض أمام الطلاب، فلا ينبغي لأحدهم أن يقلل من احترام الآخر أمام الطلاب، لأن هذا سيُساهم في سقوط هيبته أمام الطلاب.

وفي حالة تقسيم جدول الحصص المدرسية بين المُعلمين، ينبغي عليهم التوافق بطريقة سلمية والخروج بجدول عادل لكل الأطراف لتجنب حدوث الحقد والضغينة بين الزملاء أثناء العمل.

أولياء الأمور لهم دور مهم في متابعة أبنائهم الطلاب

وينبغي على الأب والأم أن يتابعوا أخبار أولادهم باستمرار، وأن يتناقشوا مع إدارة المدرسة والمعلمين في متابعة آخر التطورات لحالة أبنائهم ومدى تجاوبهم مع المُعلم أثناء الشرح، ويجب على الوالدين الابتعاد عن سياسية الترهيب والتعنيف الجسدي في تعاملهم مع أطفالهم وإجبارهم على الدراسة بالإكراه، بل يجب عليهم اتباع سياسية اللين والرفق، وتحبيب أطفالهم في الدراسة، وإقناعهم داخليًّا بضرورة المذاكرة من أجل التفوق والوصول لمكانة مرموقة في المجتمع، لكن للأسف يوُجد بعض الآباء يعاملون أبناءهم بكل قسوة وحزم، ويلقون الأوامر كأنَّ أبناءهم أصبحوا عبيدًا لهم، وهذا سيساهم في إنشاء طالب مهزوز، لا يثق في نفسه ولا في غيره.

وإذا كان هناك أكثر من طفل في مَدرسة واحدة وداخل فصل واحد، فيجب عدم التفريق في معاملتهم، وعدم ذم أحدهم أمام الآخر، لأن هذا سيساهم في توليد عقدة نقص لدى الإخوة، وسيولد أيضًا حالةً من الحقد بينهم بسبب التفوق الدراسي لأحدهم دون الآخر، ويجب على أولياء الأمور الإنصات لأطفالهم، والاستماع لهم باهتمام ومعرفة أخبارهم ومشاكلهم ومحاولة حلها بالتعاون معهم ومشاركتهم الأنشطة اليومية، فهذا سيُساهم في إحداث حالة من الأُلفة بين الطفل ووالديه مما سيُساهم في تحسين الصحة النفسية للطلاب.

تعامل الطلاب مع بعضهم البعض

فينبغي على الطالب أن يعامل زملاءه بكل احترام، ولا يتكبر عليهم إذا كان غنيًّا وهم فقراء، أو إذا كان في مكانة اجتماعية مُميزة وهم في مكانة متوسطة، ويجب على الطلاب أن يتفاعلَوا مع بعضهم البعض أثناء الفسحة المدرسية، وألا ينزوي أحد الطلاب عن زملائه ويجلس وحيدًا، بل يجب عليه أن يتعرف على مجموعة من الأصدقاء وأن يتعامل معهم داخل المدرسة وخارجها، ويجب على الطلاب أيضًا أن يساعدوا بعضهم في فهمِ المواد المدرسية، أما في الاجازة الصيفية، فيُتاح لهم الخروج للحدائق والمطاعم والتعرف على بعضهم البعض أكثر وأكثر.

إذا جلس الطالب وحيدًا في الفصل لا يكلم أحدًا، فهذا سيساهم في زيادة عزلته، وقد أشارت الدراسات العلمية، أن حوالي واحد من كل عشرة طلاب يعانون من مشاكل نفسية وعاطفية في المرحلة المدرسية، وأن معظم هؤلاء الطلاب لا يحصلون على علاج بسبب غياب الوعي المجتمعي بضرورة وجود الطب النفسي في المدارس لمتابعة الحالة النفسية للطلاب ومساعدتهم في مواجهة ضغوطات التعليم والإجهاد والقلق الناتج عنه، فقد زادت عمليات الانتحار بين الطلاب بسبب تعثرهم في عملية التعليم وزيادة ضغط الأهالي عليهم دون وعي.

دور إدارة المدرسة في تعزير الصحة النفسية للطلاب والمعلمين

ينبغي على إدارة المدرسة توفير أخصائيين اجتماعيين ونفسيين داخل المدرسة، بل يجب على الدولة إلزام كل المدارس بتوفير أخصائي نفسي واجتماعي لدي الطلاب، لأن وجوده ضروريٌّ جدًّا لمساعدة الطلاب في علاج مشاكلهم الأسرية ومساعدتهم في التغلب على صعوبات التعلم، ومساعدة المعلمين في إيجاد الطريقة المُثلى للتعامل مع الطلاب وكيفية إيجاد سياسة الترغيب والترهيب المُثلى في التعامل مع الطلاب.

ويجب على إدارة المدرسة التواصلُ مع المُعلمين ومعرفة الصعوبات التي تواجههم، والحرص على توفير راتب مادي مُرضي لهم حتى لا يلجأ المُعلم إلى الدروس الخصوصية التي سوف تؤثر على جودة عمله داخل المدرسة.

المراجع: NasponlineMentalhealthNPRHighspeedtraining

أضف تعليق

error: