الحسد والمحسود.. نظرة على هذا المجتمع الكبير

لو اتحسدت أو عندك شك أنك محسود أو خايف من الحسد أو حاسس حتى أنك ممكن تحسد حد غيرك على نعمة عنده أو عايز تعرف ازاي ممكن تحمي نفسك من الحسد أو تعالج نفسك منه بسهولة بعيدا عن الخزعبلات والخرافات ولو عايز تعرف المشاهير الذين يخافون من الحسد جدا، يبقي تقرأ التحقيق التالي…

أنا اتحسدت؟!

فجأة وبدون مقدمات أصبحت حياتي جحيما!. بجد لقيت كل حاجة المفترض انها حلوة في حياتي أصبحت مصدر تعاستي. كل حاجة وقفت! ومرة واحدة أصبحت مخنوقة من كل شيء من البيت والناس والشغل وزادت مشاكلي مع خطيبي وأهلي وأصحابي وبجد من غير ما أعرف أي سبب منطقي وواضح لكل اللي بيحصل ده.

قعدت أفكر طيب ايه اللي حصل؟! ملقتش اجابة، طيب العيب فيا ولا في الناس؟! برضه معرفش. لدرجة أنني أصبحت أبكي بطريقة غريبة ولأتفه الأسباب ويمكن من غير سبب كمان.

مش كدة وبس، ده أنا كما بقيت أحس بكتمة نفس غريبة بيسموها كرشة نفس تقريبا وعلشان أتنفس لازم أتثاءب وطبعا كان عندي أرق فظيع، وكمان صداع طول الوقت وارهاق من غير أي مجهود!، لدرجة أنني قررت أروح للمستشفي وأعمل CHECK UP وأشوف فيه إيه بالضبط.. والحمد لله طلع مفيش حاجة وكله تمام، ونصحني الدكتور أنني لازم أسافر وأغير جو لأنه ممكن تكون فيه حاجات مضيقاني نفسيا غالبا هي السبب في كرشة النفس دي وكتب لي مهدئا لمدة أسبوع!

طول الأسبوع ده لم أشعر بأي تحسن وبدأت أسمع ملاحظات من أقاربي وأصحابي ان شكلي مجهد وتعبان وخسيت قوي وكانت أكثر ملاحظة سمعتها من احدي صديقاتي وعلقت معايا: أنت شكلك محسودة!، يمكن أول ما سمعتها ضحكت وقلت لها يا سلام ليه يعني؟!. لكن لما سمعتها من أكثر من شخص وقعدت لوحدي فكرت في الكلمة دي كتير وكانت كل شوية ترن في أذني وقلت لنفسي: أنا طبعا مؤمنة بالحسد ومتأكدة أنه موجود وجربته زمان كتير خصوصا أيام المذاكرة والامتحانات لكن طيب أنا دلوقتي مين ممكن يحسدني؟ وليه؟ وازاي حد يحسدني وأنا أصلي وأحاول أن أكون قريبة من الله دائما، وأقرأ المعوذتين يوميا في كل وقت وقبل النوم.

مش هطول عليكم، المهم قرأت سورة البقرة 3 أيام متتالية بناء على نصيحة احدي صديقاتي وزدت في قراءة سورة الفاتحة والمعوذتين وبعدها الحمد لله شعرت بتحسن واضح.. لكن بقي سؤال، هل فعلا أنا اتحسدت؟ ولا مشاكل وضغوط الحياة هي سبب كل ده؟!

ازاي تعرف أنك محسود؟!

طبعا أول حاجة كنت عايزة أعرفها هي، هل فعلا أنا كنت محسودة، والأعراض اللي حسيت بها دي كلها أعراض للحسد ولا ايه؟، سألت د. سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة والارشاد فقال: الحسد حق لقوله تعالي: ومن شر حاسد اذا حسد كما قال رسول الله ﷺ: (العين تدخل الجمل القدر وتدخل الرجل القبر) واذا وقع الحسد يشعر الانسان انه كسول وأموره غير ميسرة، كما يشعر بضيق في الصدر وصداع واجهاد ورغبة شديدة في البكاء وخفقان في القلب والخوف والقلق الشديد وسرعة الغضب والانفعال وأرق بالليل وفقدان للشهية وضعف عام بالجسم، لكن مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود أسباب مرضية سواء كانت عضوية أو نفسية لهذه الأعراض فإن شعر بها الانسان دون أن يكون هناك سبب مرضي منطقي كان معناها وقوع الحسد.

وليس بالضرورة أن تظهر كل هذه الأعراض على المحسود بل يمكن مثلا أن تقتصر على تعطل أموره بعد رؤية أحد الأشخاص له لكن مع ذلك لابد أن نحسن الظن بالآخرين ولا نترك أنفسنا للتخيلات والتوقعات بأن فلانا حسدني أو فلانة حسدتني!

لو خايف من الحسد لا تكذب ولا تعلق تميمة!

كثير من الناس وخصوصا البنات لما يخافوا من الحسد يكذبوا يعني ماشيين بمبدأ، لو نجحت تقول: يعني يادوب عديت!، ولو اتخطبت تقول: عريس أي كلام لكن أعمل ايه أهلي أجبروني!، ولو اتجوزت: اوعوا تتجوزوا ده أسوأ حاجة في الحياة!، ولو حامل بقي: تداري وتكون كل تصرفاتها في نفس الوقت تؤكد أنها حامل وتقعد تقول تعبانة وبموت! ولو لقت شغل جديد لازم تقول: ده الشغل مطلع عيني وتشتم في الشغل وأصحابه! ولا بقي لو جابت شقة جديدة في المهندسين ولا مصر الجديدة وخايفة من العين يبقي لازم تقول لأصحابها: أنا اتضحك عليا في شقة ومبقاش معايا ولا مليم!..

د. آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الاسلامية بجامعة الأزهر تؤكد أن الكذب خوفا من الحسد غير مستحب على الاطلاق وتقول: الكذب على الآخرين خوفا من أن يحسدونا هو خلق غير قويم لأن التطير بالحسد للدرجة التي تجعل الانسان يغطي على أفعاله وتصرفاته بأكاذيب بحجة الخوف من العين يعتبر نوعا من التخلف السلوكي وتضيف د. آمنة أننا لابد أن نعرف جيدا أن الحسد أمر واقع وموجود في حياتنا لكن المغالاة فيه وارجاع كل ما يحدث للانسان من مرض أو كسر شيء أو حادث إلى الحسد يعتبر أمرا يكرهه الاسلام وأنا أحذر الناس من ارجاع كل شيء إلى الحسد واستسهاله، بل علينا أن نبحث عن العلل والأسباب التي أدت إلى ما نعانيه وبالتالي لابد أن نتعلم المنهج العلمي في تحليل أي شيء يصيب الانسان ولا نجعل الحسد شماعة نعلق عليها كل ما يحدث لنا.

وتقول د. آمنة إنه يكفي الانسان أن يلوذ بالقرآن الكريم والمعوذتين حتى يحصن نفسه من الحسد بدلا من أن يضيع وقته في فبركة وتأليف أكاذيب لا تنفع، وبدلا من أن يتحدث كذبا يجب أن يحتاط في الكلام ولا يتحدث كثيرا في أموره الخاصة التي يخاف أن يحسده غيره عليها.

أما بالنسبة للخزعبلات والخرافات المرتبطة بالحسد فتقول د. آمنة: لا يجوز للمسلم المؤمن والموحد بالله تعالي أن يتبع الخرافات خوفا من الحسد لأن كل هذه الأشياء يحرمها الاسلام ويجعلها من أبواب الشرك الخفي، بدءا من تعليق التمائم والخرزة الزرقاء والكف وارتداء الملابس بالمقلوب والبخور والعروسة الورقية والأحجبة ووضع حدوة الحصان في السيارة أو على أبواب الشقق فكل هذه الأشياء ليس لها أساس ديني والاعتقاد فيها يعتبر حراما شرعا فقد قال الرسول ﷺ: من علق تميمة لا أتم الله عليه. ونحن نعلم جيدا أنه كلما كثر الجهل كثرت الخرافة ومجتمعاتنا الآن تعيش في حالة من الأمية الدينية ولابد ألا ننخدع بأي شيء لا يقوم عليه دليل شرعي ويناقض الايمان الصحيح بالله والقضاء والقدر فقد قال تعالي: وكان أمر الله قدرا مقدورا.

لو نجمك خفيف تعمل ايه!

بعد أن تأكدنا من أن الكذب خوفا من الحسد مكروه وليس من الاسلام وتعليق التمائم والخرز الأزرق كمان يعتبر نوعا من الشرك، طيب لو خايفين من الحسد نعمل ايه بالضبط علشان نحمي أنفسنا من عين الحاسد؟ واذا وقع الحسد فعلا ممكن نعمل ايه علشان العين تروح؟، سألنا د. أحمد محمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الاسلامية بجامعة الأزهر عن الوقاية من الحسد وعلاجه فقال: بعض الناس يعتقدون أنه مادام الحسد مذكورا في القرآن الكريم فهو أمر مشروع! لكن المقرر شرعا أن الحسد ذكر في كتاب الله تعالي من باب الذم فقد قال تعالي أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله لذلك أمرنا الله تعالي أن نتعوذ من الحسد وجعل الاسلام وقاية معنوية للحسد تتمثل في الدعاء والعبادة.

فالحسد ما هو الا مرض نفسي وهناك 3 أنواع للحسد أولها هو أن يتمني الحاسد أن تكون النعمة التي لدي المحسود له منفردا، وهناك نوع آخر للحسد وهو مجرد كراهية النعمة على المحسود وهو شيء سيئ يبغضه الاسلام لأننا لابد أن نحب للآخرين ما نحبه لأنفسنا.

أما أسوأ أنواع الحسد فهو ألا يريد الحاسد ما عند المحسود لكنه يتمني زواله لمجرد الشر.

كما أرشد الاسلام إلى أن هناك أشخاصا يحسدون من دون قصد! لذلك لابد لمن يشعر أنه حسد غيره أن يقول: اللهم بارك له، اللهم بارك عليهوقد قال رسول الله ﷺ: من رأي شيئا أعجبه فقال ماشاء الله لاقوة الا بالله لم تضره العين، ولكي يقي الانسان نفسه وأموره من الحسد لابد أن يداوم على الرقية الشرعية بقراءة القرآن وخاصة سورة الفاتحة وسورة البقرة كاملة أو اية الكرسي وخواتيم سورة البقرة وسورة الاخلاص والمعوذتين باستمرار قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، كذلك المداومة على أذكار الصباح والمساء وأن يقول دائما ماشاء الله لاقوة الا بالله.

كما يمكن لمن يشعر أنه محسود أو يريد أن يحمي نفسه من الحسد أن يتوضأ قبل النوم وعندما يأوي إلى فراشه ينفخ في كفيه 3 مرات ويقرأ سورة الاخلاص والمعوذتين 3 مرات ويمسح على جسده بالكامل وهذه سنة عن رسول الله ﷺ ولابد ان نؤمن بأنه لن يصيبنا أي شيء الا وقد كتبه الله علينا فالايمان بالقضاء والقدر أمر هام جدا والا نخاف من الحسد لأن النافع والضار هو الله تعالي ولابد من الاستعاذة بالله من الشيطان دائما فقد قال تعالي: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله والاقبال على الله تعالي بالدعاء والذكر والتسابيح وعلينا ألا ننسي أن الصدقة هي دواء للعين والحسد لأنها تطفئ نار الحاقد فقد قال رسول الله ﷺ: الصدقة هي دواء مرضاكم.

هل الحسد مرض نفسي؟!

وعن علاقة الحسد بالأمراض النفسية. سألنا د. عزة حجازي استاذة ورئيس قسم علم النفس بكلية البنات جامعة عين شمس فقالت: الحسد ليس مرضا نفسيا بمعني الكلمة، فهناك فرق بين الحسد والشخصية السايكوباتية التي تكره الخير لغيرها بمعني أن يؤذي الغير ويخوض في أعراض الناس ويغلي من داخله عندما يري النعمة عند غيره وهذه الشخصية تكون مريضة لكن ليس شرطا ان تكون حسودة لأنه يكره الآخرين بسبب المرض الذي يعانيه ولكن ليس بسبب وجود نعمة وخير عندهم…

أما الحاسد فلا تكون شخصيته سايكوباتية. والمرض السايكوباتي من أصعب الأمراض التي تحتاج إلى وقت طويل في العلاج لأنها تحتاج إلى اعادة ترتيب النسق القيمي لدي المريض لأنه يسرق ويقتل ويضرب ويمكن أن يتسبب في كوارث بشعة ثم ينسبها لغيره!

تحقيق: ميادة سيد حافظ

وهنا تقارير أُخرى من أجلك:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top