تظل الحرف التراثية تحتفظ بمكانتها الأدبية والاقتصادية أيضاً، وقيمتها الثقافية لدى المصريين على مر العصور، ليس فقط لأنها تحمل طابعاً خاصاً بالهوية المصرية وتعكس الصورة الحضارية بل لأنها تستمد أهميتها من عدة مميزات أخرى من أهمها ما يلي:
- تخلق تلك الحرف فرص عمل لقطاع عريض من أفراد المجتمع الذين يملكون المهارات اليدوية والحرفية، ولا يتمتعون بالمؤهلات الأكاديمية، والذين يقترب عددهم من أربعة مليون عامل في مجالات متعددة.
- تمثل الصناعات الحرفية والتراثية استثماراً عملياً واقتصادياً لعدة موارد طبيعية كان من الممكن أن تلحق بالموارد المهدرة مثل الأقمشة والأقطان والصوف والأشجار والجلود.
- تحقق الاكتفاء الذاتي من الاحتياج للعديد من المنتجات مثل السجاد والحلي ومنتجات الجلود وغيرهم.
- تتميز الصناعات التراثية بالأناقة والذوق الرفيع والإتقان.
- تتمتع تلك الصناعات بوجود مستهلك يبحث عنها ويقدر قيمتها إلى أبعد الحدود.
كيف تساهم التكنولوجيا في الارتقاء بالحرف التراثية؟
بينما يعتقد بعض الناس أن التطور التكنولوجي المتسارع الذي تنعم به المجتمعات في العصر الحالي يهدد الحرف التراثية واليدوية الأصيلة بالتراجع ويؤثر عليها بالسلب، وهؤلاء يرون أن التكنولوجيا والمستجدات المصاحبة لها قد ساهمت في تراجع بعض الحرف التراثية واختفاء بعضها الآخر، حيث تراجع الإقبال عليها واستبدالها بحرف أخرى وانصراف الباحثين عن العمل بها إلى مجالات جديدة أكثر مواكبة للعصر، بالإضافة إلى قلة المواد الخام وتوجيهها إلى أنشطة أخرى أحدث.
فعلى الجانب الآخر يعتقد البعض أن التطور التكنولوجي يمكن أن يخدم الصناعات التراثية ويساهم في تعزيزها وتطويرها لو تم توجيه الأنظار إليها، وذلك من عدة أوجه أهمها ما يلي:
الحصول على المواد الخام
توفر وسائل التواصل الحديثة فرص أكبر وأوسع بكثير من ذي قبل فيما يتعلق بإمكانية الحصول على المواد الخام والعدد اللازمة لمزاولة تلك الحرف، وذلك من خلال طلبها اون لاين من أي مكان وفي أي وقت دون التقيد بحاجز المسافات.
توفير الجهد والوقت
تساهم التكنولوجيا في توفير الجهد المبذول في عملية تصنيع المنتجات التراثية، وجعلها أكثر جودة وملائمة بفضل إضفاء اللمسات الحديثة عليها، والتعرف على طرق متعددة وأفكار كثيرة ومتنوعة بفضل الانفتاح على الثقافات الأخرى وسهولة الوصول إلى كل ما هو جديد.
طرق التسويق المتعددة
يتيح التطور التكنولوجي وطرق الاتصال المتعددة سهولة التسويق والوصول إلى قطاعات أكبر من المستهلكين، بغض النظر تماماً عن الحدود الجغرافية أو حواجز المسافات، فلم يعد التسويق للمنتجات أمراً مرهونا بالمكان المحيط بالمنتج فقط، بل بات مفتوحاً على أوسع نطاق ممكن.
تطوير الصناعات التقليدية
مهما ظلت الحرف التراثية محتفظة برونقها الخاص فإنها تخرج شيئاً فشيئاً من جلباب البدائية وتتجه نحو مزيد من التحديث والإبداع والتطوير، سواء كان هذا التطوير خاصاً بآليات العمل المتبعة وأدواته أو بمظهر المنتجات أو جودتها.
توفر فرص التواصل بين العاملين بقطاع الحرف التراثية
يمكن للعاملين في قطاع الحرف التراثية تحقيق أعلى درجات الارتقاء بقطاعهم من خلال إنشاء مجتمع خاص بهم على شبكات الإنترنت ومواقع التواصل يتم من خلاله تبادل الخبرات والتعرف على كل ما هو جديد، والعمل على إعادة إحياء هذه الحرف بطرق حديثة ومتنوعة.
كلمة أخيرة..
يمكننا القول أن الحرف التراثية تستطيع الصمود والاستمرار رغم ظهور المستجدات العصرية في حالة وجدت الدعم المادي والمهني والسعي الجاد إلى الحفاظ عليها من قبل العاملين بها والمستفيدين منها، ومن ثم تحظى باهتمام المستهلك وبحثه وسعيه إلى الاستفادة منها، فالأمر يحتاج إلى بذل جهود متضافرة ومتزامنة على عدة مستويات.
اترك تعليقاً