مراجعات في التخلف

ركزت النظريات في دراستها للتخلف وتحديد دور الإنسان في المجتمع وشعوره بالوجود من خلال المشاركة بالعمل، ربما كونها ظهرت خلال الثورة الصناعية، حيث إن المحاولات التي اهتمت بالنهوض وتنمية المجتمعات المتخلفة لم تول الإنسان الاهتمام الذي حظيت به تلك الخطط التنموية والتي لم تتجاوز السطح، مما أدى إلى هدر الكثير من الجهد والمادة، فقد وجدت بعض الدراسات الاجتماعية أن التخلف هو في النهاية ثمرة استغلال فئة قليلة لفئة كبيرة في المجتمع، فيسود الاستغلال ويكثر الاستعباد. وهناك الكثير من أشكال البطالة المقنعة أهمها كثرة الموظفين في مهام لا تحتاج إلى هذا العدد، فالأهم هو الارتزاق وليس الإنتاج، مما يفتح السبيل أمام الوساطات والمحاباة عوضا أن تكون الكفاءة هي المقياس. وأصبحت المكانة الاجتماعية للفرد تؤثر أكثر الكفاءة فتكون الإنتاجية منخفضة جدا، وينشأ نظام من العلاقات يتصف بالسيطرة والرضوخ ليقف أمام أي محاولة رافضة له.

وبروز مصطلح «التخلف» ظهر بعد الحرب العالمية الثانية مع حصول عدد كبير من المستعمرات ابتداء من الخمسينيات. وكون الإنسان عنصرا أساسيا في هذه المجتمعات فقد وجد نفسه يعيش في وضعية مأزقية يحاول من خلال سلوكه وتوجهاته وقيمه ومواقفه مجابهتها. هذه الوضعية التي أساسها القهر تشعر الإنسان من خلال وجوده فيها بالكثير من الألم، وأصيب بسببها بالعقد، وحين يجد الإنسان نفسه أمام هذا الوضع فهو يتجه لا شعوريا نحو البحث عن ثقافة مشتركة تعلمه كيفية الخروج من واقعه، وتغذي خياله بالفكرة التي تعينه وتجيب على كل مآزقه المتعددة والمتنوعة التي تصيبه في شتى حياته حتى تتحول معاناته شيئا فشيئا إلى إدمان العادة فيركن للرضوخ للحال الذي لا يملك معه سبيلا لتغييره، فيتحول الإنسان إلى شيء آخر غير ذاته، إلى أداة أو وسيلة، إلى قيمة بخسة.

بقلم: سعود البشر

واقرأ: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك! خطوات ونصائح جوهريَّة

أضف تعليق

error: