كيف يوازن الإنسان بين سعادته وسعادة الآخرين

رجل سعيد

السعادة هي شيء مهم جدا في حياة كل إنسان، لأن هي التي تعطي الإنسان الطاقة لمواصلة حياته بشكل سليم، فمثلا الأم إذا ظلت تنهك نفسها ولا تهتم بسعادتها وتهتم بسعادة أولادها وزوجها فقط فإنها ستصل إلى مرحلة معينة ولن تستطيع أن تقدم الذي كانت تقدمه من قبل.

فالشعور بالسعادة هو أساس مواصلة الحياة، ويجب أن يعرف كل إنسان أن لدى كل شخص احتياجات مختلفة للشعور بالسعادة لذلك لا بد من الابتعاد عن المقارنة مع الآخرين.

وإذا كان الشخص لا يستطيع أن يسعد نفسه فهناك بعض العوامل التي يجب التعرف عليها حتي يقدر أن يشعر بالسعادة.

هل هناك عوامل أساسية حتى يكون الشخص سعيد؟

يقول الأستاذ عبد الله درويش، مدرب تنمية بشرية، إن بالتأكيد كل شيء له عوامل أساسية لوجوده، وإذا تم الانتباه إلى بعض العوامل الأساسية للسعادة فسيكون من السهل أن تتوفر السعادة عند كل إنسان، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم (من أصبح منكم آمناً في سربه، معافي في جسده، عنده قوت يومه.

فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها) فيجب التركيز على الثلاثة أشياء الأساسية التي يحتاجها الإنسان وهي العيش في أمن وأمان، والصحة والعافية فالشخص المريض يعرف قيمة هذه النعمة وفقدها، وقوت اليوم فالشخص يدرس ويعمل لهدف توفير حياة كريمة والحياة الكريمة تُعد من ركائز السعادة.

وهناك عالم نفسي يُدعى “ماسلو” اخترع هرم اسمه ماسلو للاحتياجات الإنسانية، وهو مقسم إلى خمس احتياجات أساسية وهم:

  • الحاجات الفسيولوجية: مثل الحاجة للطعام والتنفس والمسكن والحاجات الأساسية التي لا يستطيع الإنسان العيش بدونها.
  • الحاجة للأمان: وهنا يظهر توافق علم النفس مع حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، والمقصود بالأمان هو الأمان النفسي والفكري والوظيفي والأمان في التربية بين أفراد الأسرة وليس الأمان في المكان فقط.
  • الحاجة الاجتماعية: أي العلاقات الاجتماعية وأن يعيش الشخص بين أشخاص يتقبلونه ويتقبلهم، ويحبوه ويحبهم ويكون لدى شخص تواصل وعلاقات اجتماعية.
  • الحاجة إلى تقدير الذات: كل شخص يحتاج إلى أن يُقدر ويصل إلى مكانة اجتماعية معينة، والشكر يعطي للشخص حافز ومن الممكن أيضاً أن يشكر الشخص نفسه.
  • تحقيق الذات: معرفة الشخص للأهداف والطموحات التي يريد الوصول إليها، ومعرفة ما الذي يجب الوصول إليه لتحقيق الذات فالسؤال “أنت أين ترى نفسك” هذا هو تحقيق الذات وهذا على قمة الهرم.

عندما تتوفر كل هذه الركائز يمكن حينها قول إنه قد تم الوصول إلى السعادة، بالإضافة إلى أهمية الشعور بالرضا لما أعطاه الله لنا، بالتأكيد يجب أن يسعى الإنسان دائماً إلى الأفضل.

ولكن يجب عليه أيضاً أن يرضى بما لديه من نعم، وعندما تتوفر القناعة عند الشخص يكون السعي للأفضل أسهل، وإذا كان الشخص غير راضي وغير قنوع يصبح السعي للأفضل متعب وأكثر صعوبة.

هل يجب أن يبذل الإنسان مجهود للوصول إلى السعادة؟

تابع “أ. درويش” السعادة قرار وكل شيء في الحياة يحتاج لبذل مجهود، فإن بذل الوقت والجهد والطاقة والفكر والعلم والمعرفة ومعرفة ما الذي يريده كل شخص كل هذا يحتاج لبذل مجهود، فمثلاً عندما يتم تكريم شخص على مشروع كبير عمل عليه سيصل هذا الشخص إلى السعادة.

بينما إذا تم تكريمه على شيء لم يفعله لن يصل للسعادة، لأن السعادة مرتبطة بكم المجهود الذي يبذله الشخص للوصول إلى ما يريد، وكثير من الأحيان عندما يتعرض الشخص للجهد والضغط العالي في أحد الأمور في إن هذا يكون سبباً في السعادة.

فمثلاً الشخص الرياضي الذي يبذل مجهود وطاقة عالية ثم يفوز بعد ذلك يشعر بكم كبير من السعادة على ما حققه، وأيضاً الطالب عندما يجتهد ويذاكر ثم يحصل على درجات مرتفعة فحينها يشعر بالسعادة على ما حققه، لذلك فإن الجهد مرتبط بالسعادة وكلما بذل الشخص جهداً كلما حصل على قدر أعلى من السعادة.

الفرق بين الشخص الذي يسعد نفسه بنفسه وبين الشخص الذي لا يستطيع أن يكون سعيد مهما بذل مجهود؟

هناك الكثير من الفروق بين الشخصين، والفرق الأول يكون داخلي ويكون عبارة عن الأفكار والشعور بالسعادة، وهذا يتفرع إلى عدة نقاط سيتم ذكرها في النقاط التالية:

  • طريقة التفكير ونوع الأفكار التي توجد في رأس الإنسان: فهناك الكثير من الناس ترتبط أفكارها بأشياء سلبية أو خبرات سابقة وهذا يزيد تركيزهم على الجانب السلبي وليس الإيجابي لذلك سيشعر الإنسان أنه غير سعيد.
  • عدم الرضا أو وجود مشكلة: يجب حينها أن يتوقف الإنسان ويسأل نفسه ما الذي يجعله لا يشعر بالرضا وما الذي يجعله غير سعيد وما الذي يريده، فإذا غضب الشخص في أحد الأيام لا بد أن يسأل نفسه عن سبب الغضب، مثلا عندما يقوم أحد الأشخاص بسلوك سيء لا بد من معرفة الدافع الذي جعله يقوم بهذا السلوك.

أو إذا تحدث أحد الأشخاص بأسلوب غير لائق لا بد من فهم مشكلته وربما يتم التماس العذر له.

  • يجب أن يعرف الإنسان أنه غير مسؤول عن سلوك الأشخاص الآخرين.
  • يجب أن يبحث كل شخص عن الأسباب التي تجعله اهدأ وتجعله سعيد.
  • عدم ربط السعادة بشيء واحد فقط: فهناك أشخاص يقولون إنه يجب تحقيق أرباح مالية للشعور بالسعادة، ولكن هذا غير صحيح ويجب أن يكون الإنسان سعيد أولاً.

وأشخاص آخرون يقولون إذا نجح مشروعي سأكون سعيد ويتجاهلون أي نجاح آخر قد يكون سبباً في السعادة، فقد يمر على الإنسان الكثير من الإنجازات التي تستحق الشكر لكن لا يراها الإنسان لأنه يرى سعادته في شيء واحد فقط.

  • السعادة تكاملية فوجود الشخص بين أهله وأصدقائه هذا يعتبر سعادة.
  • أن يقدر الإنسان على العمل والإنجاز.
  • أن يقدر الإنسان على تطوير نفسه مالياً وتطوير مهاراته.
  • وصول الإنسان للهدف الذي يريده: بالإضافة إلى الشعور بالسعادة من الأشياء الأخرى وعدم ربط السعادة بهذا الهدف فقط، لأن كل شيء في الحياة يستحق السعادة، حتى في التّعب والمرض، فإذا مرض الشخص سيتذكر كم هو إنسان ضعيف ويحتاج إلى رحمة رب العالمين ويعرف حينها حب الناس من حول ويتذكر قيمة الصحة والعافية.
  • يجب أن ينظر الإنسان إلى الجانب الممتلئ في الكأس ويرى الجانب الفارغ لكن الفكرة هي على أي جانب يركز الإنسان.

هل يختلف مفهوم السعادة من شخص لآخر؟

تختلف حاجات الإنسان من شخص لآخر، فمثلا إذا كان أحد الأشخاص لديه الكثير من المال وسألته هل السعادة في المال يقول لا وأنه يبحث عن الترقية.

وإذا ترقى شخص وسُأل نفس السؤال سيجب بلا ويذكر هدف آخر، وفي الأسرة إذا تم سؤال الأب والأم هل السعادة في الوظيفة يقولون لا بل السعادة في رؤية أطفالي بخير.

لذلك فإن كل شخص يكون لديه حاجة مختلفة للسعادة، والسعادة تكاملية وكل شخص له احتياجاته المختلفة، لذلك يجب أن يعرف الناس التي تقارن بينها وبين الآخرين أن حاجتك تختلف عن حاجات الناس.

فمثلا موضوع النظرة المالية كثير من الناس ينظرون إلى أن المال والملاءة المالية هي أساس السعادة لكن بالعكس فإن السعادة جزء أساسي فإذا كان الشخص لديه ملاءة مالية ووضعه طيب فلا يجب أن يقارن نفسه بأنه يجب الوصول إلى ملاءة مالية أخرى حتى أحصل على السعادة لأنها أجزاء متكاملة.

كيف يوازن الإنسان بين سعادته وسعادة الشخص الآخر؟

السِّر يكمن في التوازن فهناك شعرة بين سعادة الإنسان وسعادة الآخرين، فالعطاء في حد ذاته يعتبر سعادة، فعندما يساعد الشخص الناس ويكون معطاء فهذه سعادة كبيرة ولكن في نفس الوقت يجب ألا يهمل الإنسان نفسه، فإذا سهر الشخص وتعب ولم يهتم بنفسه فإنه في نهاية المطاف سوف يتعب وينهك.

لذلك يجب أن يكون لدى الشخص توازن وأن يعطي لنفسه وقت من الراحة والاسترخاء وتقدير الذات وفي نفس الوقت ممارسة العطاء لأن العطاء موضوع له بعد عميق جداً لأنه يشعر الشخص بالرضا والرضا يشعر الشخص بالسعادة.

وكثير من الناس حينها يشعرون بعد العطاء بالسعادة مع أنه لم يتلقى شيء بل أعطى ولكن السبب هو الرِّضا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top