توقيع على بياض

تقريبا كل من أعرفهم يوقعون على بياض، وهذا البياض ليس بالضرورة ملتزما بالمعنى الحرفي للكلمة، فهناك بياض على الرغم من امتلاء الصفحة بالسواد، والبياض المعني هو أن كثيرا من الناس عند الحاجة يوقعون على أي اتفاق مع علمهم أنه مجحف في حقوقهم، وبعضهم يعلم يقينا أن هناك جورا سيلحق به.

بالطبع من البديهي أن يقول أحد ما إنه لن يوقع على شيء دون أن يقرأه، لكن هذا الشخص الحريص يوقع دون أن يبدي أي مقاومة حين يكون في حاجة، فلو أراد الاقتراض من أي بنك هناك صيغة ثابتة، مهما تفحصتها وتمعنت فيها فلن تتغير، فإما أن توقع عليها كما هي أو يزيل فكرة الاقتراض من رأسه.

والتوقيع على بياض يتجاوز المؤسسات المالية إلى المؤسسات الحكومية، فحين يحصل على عمل حكومي يعطى عقدا مفصلا، وإن لم يعجبه بند أن ينقل إلى مكان آخر، أو أن يطلب منه أعمال لمجرد مصلحة العمل أو المصلحة العامة دون أي تحديد لطبيعتها، وهناك الكثير من المواد، فكما في السابق لو أراد تعديلها أو توضيح بعضها، فلن يكون له ذلك، وعليه إما التوقيع على بياض أو أن يبحث عن وظيفة في مكان آخر.

الأمثلة كثيرة على التوقيع على بياض، كل قارئ من الممكن أن يحدد من تجاربه التي مر بها العديد من الجهات التي وقع فيها دون أن ينظر فيما وقع عليه، لكن عليه ألا يحزن فهو مكره على ما وقع عليه، وإن كان ذلك رسميا غير دقيق، فمعنى الإكراه في الفكر الرسمي أنه جلب بالقوة ووقع بالقوة، لكن الإكراه هنا أنه وقع تحت تهديد الحاجة، والحاجة هي قوة تفوق القوة نفسها، لكنها قوة غير معترف بها، ولهذا كثير من الأحكام التي تصدر عن مختلف الجهات القضائية لا تنصف صاحب الحاجة.

بقلم: منيف الصفوقي

واقرأ هنا: النوم العربي الطويل

كما يمكنك الاطلاع هنا -كذلك- على: أغبياء.. ولكن!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error:
Scroll to Top