العلاقة بين الغذاء وتكيس المبايض

تمت الكتابة بواسطة:

صورة , الرحم , تكيس المبايض , جنين

ما هو تكيس المبايض؟ ولماذا يحدث؟

قالت أخصائية التغذية العلاجية الدكتورة “ريما السلمان” بشكل عام يمكننا القول أن تكيس المبايض مرض يحدث بفعل التغيرات الهرمونية في جسم المرأة، فمن المعلوم أن الجسم البشري يُفرز هرمونات ذكرية وهرمونات أنثوية، لذلك عند ارتفاع معدلات هرمون الأندروجين (هرمون الذكورة) في جسم المرأة يترتب على ذلك الإرتفاع نشأة الحالة المرضية المعروفة بتكيس المبايض، فالمبيض عبارة عن كرة صغيرة ملساء، ولكن عند تواجد أكياس صغيرة جداً على هذه الكرة تصبح خشنة الملمس، ومن ثَم هذه هي الحالة المسماة بتكيس المبايض.

هذه التكيسات تؤثر بشكل مباشر على وظيفة المبيض الأساسية وهي إنتاج البويضات، وإذا كانت التكيسات شديدة وكثيفة ومتضخمة فقد يؤدي ذلك إلى الإصابة بالعقم، لتوقف عملية إنتاج البويضات تماماً.

وتتدخل العديد من العوامل التي تؤدي إلى الإصابة بتكيسات المبايض، فمنها العوامل الوراثية المستقاه من الأقارب من الدرجة الأولى مثل الأم أو الخالات أو العمات، ومنها عوامل بيئية مرتبطة بالنمط الغذائي للأنثى وممارساتها الحياتية.

وأضافت “د. ريما” قائلة: وبناءً على خبرة عملية ومشاهدات واقعية نجد أن غالبية فتيات الجيل الجديد تحدث لهن الإصابة بتكيس المبايض نتيجة لخلل في نوعيات الغذاء التي يتم تناولها، مع الكسل عن ممارسة الأنشطة البدنية، فقديماً لم يعتمد الغذاء المتناول على العناصر المنتشرة في الأطعمة الحالية، ومن ثَم كان معدل انتشار المرض بطئ لإرتباطه بالعوامل الوراثية فقط، أما الآن أصبح الإعتماد الأغلب على الوجبات السريعة والأطعمة المقلية الغنية بالدهون المهدرجة وكذلك المعلبات، وبالتالي زادت معدلات الإصابة بشكل مرعب بين الفتيات، خصوصاً إذا ما أُضيف لذلك قلة ممارسة الرياضة وارتفاع معدلات السمنة.

ما هي أعراض الإصابة بتكيس المبايض؟

أشهر أعراض تكيس المبايض ما يلي:
• عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها لفترات زمنية طويلة.
• الشعور بآلام شديدة جداً مع نزول الدورة الشهرية.
• الشعور بمغص شديد وثقل في المنطقة التناسلية.
• استمرار الإصابة بالغثيان والانتفاخات والغازات والإمساك الشديد.
• ظهور الشعر على كل مناطق الجسم مثل الذكور تماماً.

من هنا على كل أم متابعة بنتها خلال مرحلة البلوغ بدقة شديدة، وفور ظهور عَرض أو أكثر من هذه الأعراض عليها المتابعة الفورية للطبيب، حيث سيقوم الطبيب بعمل فحص بالألترا ساوند للمبايض مع اختبار معدلات الأنسولين في الدم، وفور تأكده من وجود التكيسات يبدأ في إتمام الفحوصات الضرورية الأخرى كفحوصات هرمون البرولاكتين (هرمون الحليب) وفحوصات الغدة الدرقية.

ما حدود تدخل الغذاء في علاج تكيسات المبايض؟

أشارت “د. ريما” إلى أنه طالما تم التثبت من الإصابة بتكيس المبايض، هنا تُلزم الفتاة باتباع حمية غذائية خاصة، حيث تُمنع عنها أصناف معينة وتلتزم بتناول أصناف أخرى لعلاج المرض، كما أنه إذا كانت مصابة بالسمنة بجانب تكيس المبايض فمن الضروري العمل على خسارة الوزن بشتى الطرق، مع معادلة وتنظيم الإنسولين في الدم.

لماذا يصف الأطباء أقراص منع الحمل لعلاج التكيس عند الفتيات؟

تجدر الإشارة إلى أن الطبيب لن يصف أدوية من شأنها التأثير على الصحة الإنجابية مستقبلاً، وأقراص منع الحمل توصف للحالات التي تنقطع عندها الدورة الشهرية لفترات زمنية طويلة، كما توصف لعلاج الآلام الشديدة المصاحبة للدورة الشهرية، فهذه الأقراص تساعد في تخفيف هذه الأنواع من الآلام، كما أنها تُنظم عمل الدورة الشهرية.

وتابعت “د. ريما”: وإذا نتج تكيس المبايض عن ارتفاع مقاومة الإنسولين بالجسم، فهنا يصف الطبيب أدوية الميتافورميل، لأنه طالما بقيت مقاومة الإنسولين مرتفعة فمن الصعب على الفتاة حرق الدهون المخزنة بالجسم مهما اتبعت من حميات غذائية.

ما هو النظام الغذائي الصحيح لعلاج تكيس المبايض؟

الحمية الغذائية الخاصة بعلاج تكيسات المبايض مبنية على عدة عناصر أساسية هي:
• تجنب كافة أنواع منتجات الألبان.
• تجنب كافة أنواع اللحوم الحمراء.
• تجنب السكر الأبيض والدقيق الأبيض.

وإلى جانب هذه الممنوعات تُلزم المريضة بتناول أصناف معينة أهمها:
• الأطعمة الغنية بالأوميجا 3.
• الأطعمة الغنية بالألياف الطبيعية، وعلى رأسها الخضروات والفواكهة الطازجة الطبيعية.
• الأطعمة الغنية بالبروتينات فيما عدا اللحم الأحمر بالطبع.
• الأغذية الغنية بالهرمونات الأنثوية (الإستروجين)، وذلك لمعادلة الكميات بينه وبين هرمونات الذكورة بالجسم، ومن أهم هذه الأغذية بذور الكتان وبذور الشيا وفول الصويا.
• الأغذية الغنية بالزنك والكالسيوم، والأغذية الغنية بمضادات الأكسدة وفيتامين E.

ونبَّهت “د. ريما” على أن مريضة تكيس المبايض مُلزمة أن يتركز غذائها في أصناف الخضروات والفواكهة والأسماك والدواجن والمكسرات والبذور والأعشاب المساعدة مثل الشاي الأخضر والكركم والينسون والكمون والميرامية، والميرامية بالذات لها دور فعال في تخفيف الآلام الشديدة المصاحبة للدورة الشهرية، وبالتالي هي بديل جيد وطبيعي لأدوية المسكنات الكيماوية.

ويُضاف إلى تعديل النمط الغذائي ممارسة الرياضة، فلن يحدث تحسن أبداً بدون ممارسة الرياضة، وكذلك من الضروري التركيز على شرب كميات وفيرة من الماء في اليوم.

هل كل خلل في الدورة الشهرية يُنبأ بتكيس المبايض؟

عدم انتظام الدورة الشهرية عند الفتيات في بداية البلوغ قد يكون سببه بلوغ الأنثى وهي مازالت في سن صغير جداً مثل 9 سنوات، لذلك تأتي الدورة الشهرية لمرة واحدة كعلامة على بلوغ الفتاة ثم تنقطع حتى تنظم نفسها بنفسها، وفي هذه الحالة من الضروري أيضاً إجراء الفحوصات الطبية، لمعرفة طبيعة الانقطاع وسببه، وكذلك للتعرف على حالة الفتاة الجسمانية وهل هي مؤهلة لاستقبال تغيرات البلوغ أم لا.

هل يوجد علاج نهائي لتكيسات المبايض؟

أكدت “د. ريما” على أنه لا علاج نهائي وحاسم لتكيس المبايض، وكل ما يمكننا عمله هو تحجيم الأعراض والآثار الناتجة عنه من خلال تحجيم ووقف تضخمها، لذلك لا مجال للحد من آثار التكيس إلا بتعديل النمط الغذائي وممارسة الرياضة، لكن هذا لا يعني القضاء على التكيسات نهائياً، فكل ما في الأمر أننا أوقفنا كبر حجمها وبالتالي سيستطيع المبيض القيام بوظيفته في إنتاج البويضات.

هل يمكن أن تحدث الإصابة بتكيسات المبايض بعد الزواج؟

مرض تكيسات المبايض لا يظهر فجأة، فهو يكون موجود بالأساس ثم تظهر أعراضه، وحالات اكتشاف التكيسات بعد الزواج ناتجة عن أن التكيسات الموجودة على المبيض لم تؤثر على طبيعة إفراز الهرمونات، أي أن المرض موجود بالفعل منذ البلوغ ولكنه خامل، وبعد الزواج تُظهره فحوصات الألترا ساوند.

وأردفت “د. ريما” قائلة: ولمزيد من التوضيح نحتاج إلى التأكيد على أن وجود التكيسات في حد ذاته ليس هو الهدف من العلاج، فقد تكون موجودة ولكنها غير ذات دور سلبي على توازن إفراز الهرمونات الأنثوية والذكورية في جسم المرأة، وبالتالي هي لا تؤثر على الحمل والإنجاب، ولكن التكيسات ذات الأعداد الكبيرة على المبيض، وكذلك التكيسات المتضخمة حجماً فإنها بالضرورة ستؤثر في ظهور الأعراض المذكورة، وبالتالي قد ينتج عنها العقم وفقدان القدرة الإنجابية تماماً، ومن هنا كان البرنامج العلاجي الغذائي والدوائي يهدف إلى تقليل عددها على المبيض، وأيضاً تقليل حجمها وانكماشه، حتى يُسمح للمبيض بالتنفس وإنتاج البويضات.

مما سبق ذكره نجد أنه من الضروري تغيير ثقافة المتابعة عند الطبيب بعد ظهور أعراض المرض، فما المانع من إجراء بعض الفحوصات والتحاليل للفتاة عند وصولها إلى سن البلوغ؟! فهذا يُعرفنا الكثير عن طبيعة وحالة الفتاة الجسمانية، وهو إجراء استباقي من شأنه الوقاية من ناحية، والكشف المبكر عن أي مرض من ناحية أخرى.

هل إصابة مبيض واحد فقط بالتكيسات يؤثر على الحمل؟

اختتمت “د. ريما السلمان” حديثها بالإشارة إلى أن جسم الأنثى يحتوي على مبيضين، وطبياً يمكنها الحمل والإنجاب عبر مبيض واحد فقط، ولكن هذا لا ينفي ضرورة علاج المبيض المتضرر، حيث أن إهمال علاج تكيسات المبيض الواحد أو المبيضين معاً مع وجود السمنة ومع وجود النمط الغذائي الخاطئ يؤدي ذلك كله إلى إرتفاع معدلات هرمون الذكورة وإنخفاض الهرمونات الأنثوية، وهو ما يؤثر على الإنجاب حتماً، وكذلك السمنة نفسها قد تخلق مشكلات مع هرمون الإنسولين، وإذا ارتفعت معدلات هذا الهرمون فهذا يحفز تضخم التكيسات الموجودة، ومن ثَم تزيد أعراضها وأضرارها.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: