السعي على الأرملة والمسكين باب من أبواب الجهاد

صورة , إمرأة مسلمة , الأرملة
الأرملة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، النبي الأمي الذي بعث بالحق بشيرا ونذيرا، والشكر لله شكرا جزيلا أن اصطفانا بالإسلام وهدانا إلى الإيمان، أما بعد:

فوالله ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط، فديننا الحنيف دين اجتماعي، يتعامل مع المجتمع كما لو كان كيانا واحدا، يؤصل لفكرة التكافل والتعاون والتلاحم بين أفراده، فيطالب المسلم بالاهتمام بحال أخيه وتفقد أخباره، فما عرف عنه من الخير والمسرة هنئه به وشاركه سعادته به، وما علم عنه غير ذلك من الكبد أو الاحتياج أو التعب فيجب عليه مواساته، وجبر خاطره، ومد يد العون له قدر المستطاع.

وقد خلق الله الناس متباينين ومتفاوتين في مستوياتهم وظروفهم واحتياجاتهم، وشرع التكافل كوسيلة من وسائل التعاون بين الناس ليعطي غنيهم فقيرهم، ويرعى القادر منهم غير القادر من ذوي الحاجات أو الظروف الصعبة، وحث على ذلك أيما حث، ونفر من الأنانية والتمركز حول الذات وعدم الشعور بالآخر واللامبالاة، بل اعتبر أن عدم الاهتمام لأمر المسلمين والتعاطف معهم والانشغال بحالهم إعلان للخروج من دائرتهم والانفصال عن الانتماء إليهم، ومما يؤكد هذا المعنى قول النبي –صلى الله عليه وسلم-: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم).

وهنا سنتناول صورة من صور البر والتعاون والتكافل بين أفراد المجتمع الإسلامي وهي صورة السعي على الأرملة والمسكين، موضحين حث الإسلام عليه، والدعوة إليه، والأثر الطيب المترتب على كل ذلك، داعين الله أن يسدد قولنا ويوفقنا دائما إلى ما فيه صلاح حالنا في دنيانا وآخرتنا.

دعوة الإسلام للسعي على الأرملة والمسكين

حث النبي –صلى الله عليه وسلم- القادر على السعي والمستطيع للبذل أن يبادر بذلك لمن يحتاجه من الفقراء والمساكين والمرضى وذوي الحاجات، وقد خص بالذكر صنفين من الناس يغلب عليهم الاحتياج للغير، فهم مظنة الضعف وعدم القدرة على خوض معارك الحياة وحدهم، ولا الوفاء بمتطلباتها بمفردهم، وهم الأرملة والمسكين، وجاءت دعوته مشفوعة ببيان فضل هذا العمل ومكانته العظيمة عند الله عز وجل والثواب الجزيل الذي خصص له، فقال –عليه الصلاة وأذكى السلام-: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله) وأَحْسَبه قال- الراوي-: (كالقائم لا يَفْتُرُ، وكالصائم لا يُفْطِرُ).

فالأرملة كلمة تشمل كل امرأة لا زوج لها، سواء كانت عزباء لم تتزوج أو أرملة توفى عنها زوجها وتركها بلا عائل يسعى على خدمتها، أو ولي يقضي مصالحها ويقوم على أمورها، وقد شمل التعبير الشريف كل امرأة تفتقر إلى وجود عائل لأن ذلك مظنة الضعف والحاجة، ولا ينفي ذلك وجود بعض النساء اللاتي لا عائل لهن، لكن لديهن القدرة على القيام بشئون أنفسهن وأبنائهن وإدارة حياتهن على أفضل وجه.

والمسكين هو الفقير المعدوم، وهو من لا يملك شيئا يسد به احتياجه، واعتقد أن الأمر يشمل من كان مريضا أو عاجزا أو ذا حاجة تعوقه عن القيام بما يحتاج القيام به، من النفقة على شئون المأكل أو الملبس أو المسكن.

أما كلمة السعي فتعني كل مساعدة للأرملة أو المسكين في التيسير عليهم أو تحقق راحتهم وخدمتهم، سواء بصورة مباشرة أو غير مباشرة، بما لا يتعارض مع الحدود التي افترضتها الشريعة الإسلامية والضوابط التي وضعتها.

ثواب القيام على شئون الأرملة والمسكين

لم يذكر النبي –صلى الله عليه سلم- الأجر مباشرة أو لم يصرح به، ولكن ذكره ضمنيا وبين عظمته حين استخدم التشبيه، فشبه الساعي على الأرملة والمسكين بأنه كالمجاهد في سبيل الله، أو كقائم ليله بلا فتور أو انقطاع، أو صائم لا يقطع صومه بالفطر، وهذا التشبيه يقصد به التشبيه في الأجر والثواب، وبيان لمدى عظمتهم.

أهمية تلك الفضيلة وثمارها الطيبة

من الناحية الاجتماعية فإن السعي على حاجات الأرامل والمساكين والضعفاء، يحقق معنى التكافل والتلاحم الذي يدعو إليه ديننا الحنيف، ويعف المحتاجين عن السؤال، وينمي قيم التطوع والتعاون وبذل المال والجهد والوقت في مرضاة الله، كما أن مثل هذه الفضائل تنشر السلام وتقمع الأحقاد والضغائن بين أفراد المجتمع، ومن ثم يصبح كالكيان الواحد.

وأخير وليس آخرا أقول، أن كل من كانت لديه قدرة على مد يد العون لمحتاج فلا يتأخر ولا يبخل فالأيام دول، ما تفعله اليوم يدخر لك لتجده في الغد!!

أضف تعليق

error: